الأسرى.. إرادة تتحدى المستحيل

عندما يُغلق باب الزنزانة على الأسير، يتم عزله تماماً عن عالمه الخارجي، بل أكثر من ذلك، يتم عزل العالم الخارجي عنه، وتسير الحياة بشكل اعتيادي، وكأنه لا يوجد إنسان وراء القضبان، يجتر الألم لوحده، ويعيش حياة ليست كالحياة، بل هي إلى الموت أقرب

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/03 الساعة 03:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/03 الساعة 03:37 بتوقيت غرينتش

عندما يُغلق باب الزنزانة على الأسير، يتم عزله تماماً عن عالمه الخارجي، بل أكثر من ذلك، يتم عزل العالم الخارجي عنه، وتسير الحياة بشكل اعتيادي، وكأنه لا يوجد إنسان وراء القضبان، يجتر الألم لوحده، ويعيش حياة ليست كالحياة، بل هي إلى الموت أقرب.

الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون هو إحدى حلقات السلسلة في المواجهة التي يخوضها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وليس من السهل أن نتخيل كيف يعيش الأسير داخل السجن، وبخاصة حين يكون مضرباً عن الطعام.

كيف تمر به الدقائق والساعات، بل الأيام والليالي، وهو لا يعيش إلا على الماء، على أمل أن تنتصر الإرادة على ترسانة الأسلحة، والحديد الذي يكبل يديه وحريته، ويحجب الشمس عنه.

وبالطبع، كل ذلك بهدف الحصول على بعض المطالب الإنسانية البسيطة التي يحتاجها الإنسان؛ لكي يواصل حياته.. وأي حياة!

وهنا، أطرح سؤالين مهمين:

لماذا نهتم بالأسرى؟
ومن الذي يهتم بقضية الأسرى؟
أعرف أن الكلام عن الأسرى لا يطرب الكثيرين الذين يتطلعون إلى قراءة مادة ترفيهية، أو تتضمن إثارة من أي نوع. وهذا يجيب على السؤال الثاني، ولكن فيما يتعلق بالسؤال الأول، ربما من المهم التذكير بأن الأسير هو الإنسان الذي امتلك الجرأة والشجاعة لكي يقول: لا للظلم. فدفع حريته ثمناً لكلمته وموقفه، وسعى جاهداً؛ لكي يعيش الناس (الذين لم يتذكروه في أسره) بحرية وكرامة وحياة أفضل.

بالطبع هناك من الأسرى من عمل الاحتلال على إلصاق التهم بهم، وهناك الأطفال الذين تتفتح أعينهم على الحياة إلا داخل الزنازين. ولكن الأسير هو "ضمير الشعب والوطن" بحسب تعبير د. صبري صيدم، وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني.

أما فيما يتعلق بالمسألة الثانية، فكما هو معروف، لا يهتم بقضية الأسير إلا الأقربون من الدرجة الأولى: الأب والأم، والأخ والأخت، والزوجة والأبناء والبنات. ولا نستثني بالطبع المقربين من عم وخال وصديق. وهذا يعني أن هناك قطاعات واسعة من الشعب لا يتذكرون الأسير؛ لأنه لا تربطهم به رابطة القربى.

وهنا، لا تجد قضية الأسرى لها الصدى المطلوب، والتفاعل المأمول على مستوى الشعب والأمة. وتضيع قضيته في ثنايا عشرات القضايا التي يعمل الاحتلال على إغراق الشعب والعالم بها.

أعلم أن هناك الكثير من الأمور التي تفرق الناس، ولكن من الأمور القليلة التي يجب أن تجمعهم هي قضية الأسرى.

نعلم جميعاً أننا لا نمتلك الأدوات اللازمة أو القوة للإفراج عن الأسرى، ولكننا نمتلك بالتأكيد الأوراق التي تضغط على الاحتلال وتجعل قضية الأسرى مقلقة له، بدلاً من أن تكون قضية عادية.

الأسير لا يحتاج منا إلى المال، ولكنه يحتاج إلى كلمة حب، وإحساس صادق، ودعاء نابع من القلب بالفرج القريب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد