واشنطن وبيونغ يانغ.. صراع الأقوياء

الأمر كله مرتبط بعضه ببعض، العالم اليوم يُدار بمنطق الأقوياء فقط، من كان عنده نووي فليتجرأ ومن كان عنده حليف نووي فليتحدث وليفعل ما يشاء؛ كوريا تتحدى أميركا، والأسد يتحدى أميركا، وأميركا تتحدى عالماً تغير كثيراً عن فترة الأربعينات، حين كان الكل ينتظر الأمر من البيت الأبيض.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/30 الساعة 02:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/30 الساعة 02:07 بتوقيت غرينتش

الولايات المتحدة الأميركية، بقيادة دونالد ترامب، تستعرض قوتها، فتطلق "أم القنابل" في أفغانستان والقصد هو بيونغ يانغ؛ علّ خوفاً يتسلل إلى قلب زعيمها فيخضع للقوة العظمى.

فكان الرد مفاجئاً باستعراض كوري عسكري وتهديد بالرد النووي، مع رسائل من حلفاء بيونغ يانغ في موسكو وبكين وطهران؛ ما أدى في الأخير إلى تراجع واشنطن عن تهديدها بضرب كوريا الشمالية، فليست أرضاً عربية ولا إسلامية، على حد تعبير رئيس كوريا الشمالية!

والرسالة وصلت لترامب واضحة وجليّة: الحلفاء الممانعون لن يقبلوا بعودة العم سام ليفرض سطوته وهيمنته على العالم مرة أخرى، والضربة التي وجهها لنظام الأسد في سوريا والتي رفعت من معنويات الرجل، خاصة مع سكوت موسكو وتجاهل طهران والصين، هي التي حفزته ليستعرض في أفغانستان ويضع عيناه نصب بيونغ يانغ، متناسياً أن كوريا الشمالية ليست سوريا العربية المستباحة عسكرياً والمباحة سياسياً، والتي استغل نظامها انشغال واشنطن بالأزمة النووية الكورية ليردّ بطريقته عن طريق قتل الأبرياء وتفجير الحافلات بحي الراشدين شرق حلب.

وعلى مثل هؤلاء يستطيع الأسد أن يستأسد فقط؛ فهم لا يمتلكون ترسانة ترامب ولا قواعده العسكرية ولا سلاحاً نووياً حتى يخشاهم العالم.

الأمر كله مرتبط بعضه ببعض، العالم اليوم يُدار بمنطق الأقوياء فقط، من كان عنده نووي فليتجرأ ومن كان عنده حليف نووي فليتحدث وليفعل ما يشاء؛ كوريا تتحدى أميركا، والأسد يتحدى أميركا، وأميركا تتحدى عالماً تغير كثيراً عن فترة الأربعينات، حين كان الكل ينتظر الأمر من البيت الأبيض.

روسيا اليوم أقوى من اتحادها السوفييتي وحليفها التنين الصيني لم يعد بذلك الضعف، إنه أسد آسيوي في ثوب تنين، أما الولد الكوري، فقد كبر وترك له أبوه من الترسانة العسكرية والنووية ما يواجه به العالم بأسره، هذا ما تجاهله المارد والمتهور ترامب الذي سيقود العالم إلى حرب عالمية نووية قد لا تبقي ولا تذر!

يبدو ترامب مفتقداً أبجديات السياسة، يحكم أميركا بطريقة هووليودية سينمائية مبتذلة، مفتقرة إلى منطق المكاسب السياسية والمصالح قبل كل شيء، أميركا ترامب مختلفة في كل شيء ولكنها سيئة جداً في سياستها الخارجية وتبدو إلى الانهيار أقرب؛ فرجل الأعمال والممثل الأميركي يزداد تهوراً يوماً بعد يوم، وقد يتهور ويطلق صواريخه يوماً باتجاه بيونغ يانغ، لترد هي وحلفاؤها بحريق يحرق بانكوك وبقية العواصم، فيشتعل العالم أكثر من اشتعاله وتدفع الولايات المتحدة أولاً الثمن!

والثمن قد يكون باهظاً هذه المرة، كما علق الكوريون: "هيروشيما ستكون أميركية، ولن تفعلها أميركا مرة أخرى؛ بل سنسقيها من الكأس النووية نفسها التي سقت منها اليابان ذات يوم دامٍ في أربعينات القرن الماضي"، لا تزال الذاكرة السوداء لتاريخ العالم تذكره، تحت اسم هيروشيما المدمرة بسلاح أميركي نووي.. فإلى أين يتجه العالم؟ ومن يوقف جنون ترامب؟!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد