خلال سنة 2012، كانت النائبات الجزائريات بطلات المنطقة المغاربية نظراً لحصولهن على أكبر عدد من المقاعد، وأعلى نسب من التمثيل في البرلمان مقارنة ببقية بلدان المنطقة. لكن بعد مرور خمس سنوات، وبالتزامن مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية، تراجع نفوذهن داخل هذه المؤسسة.
كما أثار أيضاً ظهور مرشحات بعد أن أُخفيت ملامحهن على ملصقات انتخابية غضب الناشطات الجزائريات، وعبّرت المحامية نادية آيت زاي عن رفضها التام لظهورهن بذلك الشكل.
وصرحت آيت زاي، حسب ما نشرته Jeune Afrique، أن ذلك "يعدُّ بمثابة إهانة للمرأة وللمجتمع الجزائري!"، كما تم إطلاق لقب "النساء الأشباح" على تلك المرشحات البرلمانية.
وتساءلت المحامية قائلة: "كيف يُمكن لنا منح ثقتنا لوجه مجهول؟".
وكانت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات بالجزائر قد أمهلت 5 أحزاب 48 ساعة لاستبدال ملصقات خاصة بقوائم مرشحيها للاقتراع البرلماني في محافظة شرق البلاد، قبل إلغائها بسبب خلوها من صور نساء دخلن السباق.
ويُشار إلى أنه على الحكومة الجزائرية توجيه إشعارات رسمية للأحزاب السياسية التي أذنت لمرشّحاتها بالإقدام على هذه الممارسة. ولكن بالنسبة لكثير من الجزائريين، كان يجب على الجهات المختصة التدخل قبل أن يحصل هذا الأمر. وقد فسرت الناشطة نادية آيت زاي ذلك، حيث أفادت قائلة: "نعم، لقد فشلت الدولة لأنها لم تقم بالرقابة المطلوبة، ولكن في المقام الأول، تتحمل الأحزاب السياسية مسؤولية ما وقع".
مقاعد البرلمان خلال سنة 2012
وكان عبد العزيز بوتفليقة قد أصدر سنة 2012 نصاً قانونياً يضمن تخصيص حصص للنساء في بعض الهيئات السياسية، سُمي "بالقانون العضوي لتوسيع آليات حظوظ مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة"، إذ مثّل سابقة في تاريخ الجزائر.
وقد قدمته السلطة آنذاك كخطوة جديدة من برنامج الإصلاح السياسي. وفي الواقع، كان هذا القانون جاهزاً منذ تعديل الدستور خلال سنة 2008، ولكن لم يتم تمريره.
ويُلزم هذا النص الأحزاب السياسية بتخصيص 30% من قوائمها الانتخابية للنساء، كما يضمن لهن أيضاً نسبة مماثلة من المقاعد في البرلمان.
وبالفعل، كانت لهذه المبادرة الرئاسية نتائج إيجابية واضحة، ففي الفترة الممتدة بين سنتي 2007 و2012، تضاعفت نسبة تمثيل المرأة في المجلس الشعبي لنواب الشعب (أو مجلس الشعب) من 7.75% إلى 30% من جملة المقاعد، وحصلت 143 امرأة على مقاعد داخل البرلمان من أصل 474 مقعداً.
وتصدرت الجزائريات في ذلك الوقت أعلى الترتيب في هذا المجال، وتفوّقن بذلك على التونسيات، قبل أن يتخطينهنَّ مرة أخرى سنة 2014 بحصولهنَّ على 30.88% من المقاعد في البرلمان التونسي. في المقابل، حافظت المغربيات على مرتبة متأخرة بنسب لم تتجاوز 17% سنة 2011 و21% سنة 2016 من جملة المقاعد.
ولكن ظلت هذه النسب شكليّة نظراً لأن العديد من الأحزاب السياسية تتصور أن مشاركة الإناث لم تكن سوى "لملء الفراغ". وفي الواقع، نادراً ما تتصدر النساء القوائم الحزبية، فضلاً عن أنه يتم التعامل معها كما لو كانت بمثابة "كرات" تستعملها الأحزاب السياسية فقط احتراماً لحصصهنّ التمثيلية.
تحرير مشروط دائماً
وتتحول النساء اللاتي يتمكنَّ من عبور باب مجلس الشعب إلى محاربات لإقناع النواب الذكور بأمور تبدو في غاية البداهة، على غرار عدم أحقية الرجل في ممارسة العنف الجسدي على زوجته أو مضايقتها في الشارع أو حرمانها من ممتلكاتها.
ومن الأمثلة على ذلك، ما وقع أثناء مراجعة قانون تجريم العنف الأسري ضد المرأة خلال سنة 2015، الذي أثار غضب المنتخبين المحافظين الذين اعتبروا أن هذا النص يحث على "تشتيت الأسرة"، و"فرض المعايير الغربيّة داخلها".
وفي تعليق منه على هذا القانون، صرَّح النائب المستقل أحمد خليف، خلال مناقشة هذا التشريع، أن "اتخاذ عشيقة سيصبح أفضل من الزواج، نظراً لأن هذا القانون سيُعرِّض الزوج لخطر التتبع القضائي في حال ارتكابه لأي خطأ مع زوجته". وفي الحقيقة، يبدو أن الظفر بنسبة 30% من مقاعد البرلمان، يعدّ أمراً صعب المنال بالنسبة للمرأة الجزائرية.
"هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Jeune Afrique الفرنسية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا".