قبل 4 أيام من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في فرنسا، شددت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، المتراجعة بصورة طفيفة في استطلاعات الرأي، خطابها الأمني والمعادي للهجرة، غداة إعلان إحباط مخطط لتنفيذ اعتداء جهادي في هذا البلد.
وبعدما توقعت كل استطلاعات الرأي، منذ أشهر، أن تتأهل إلى الدورة الثانية، فإن المرشحة المناهضة للهجرة والمسلمين واليورو شهدت في الأيام الأخيرة تراجعاً في استطلاعات الرأي على غرار الوسطي الموالي لأوروبا إيمانويل ماكرون، وباتت نوايا التصويت بالنسبة إلى الاثنين بحدود 23%.
ويليهما بفارق غير كبير (20 %)، المحافظ فرنسوا فيون الذي لا يزال يواجه متاعب قضائية، ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، مستفيدَين من دينامية مؤيدة.
وينبئ كل ذلك بمعركة حامية، وخصوصاً أن نحو 30% من الناخبين يؤكدون أنهم ما زالوا يجهلون لمن سيصوتون الأحد.
معركة الهوية
وسط هذا المناخ الملتبس، تراهن مارين لوبان على كل العناوين التي تشكل ركيزة لحزبها "الجبهة الوطنية"؛ لإعادة تعبئة معسكرها، أي الهجرة والهوية والأمن.
وقالت الأربعاء 19 أبريل/نيسان 2017، في مقابلة متلفزة قبل تجمّع كبير بميناء مرسيليا المتوسطي، وهي مدينة حساسة حيال قضايا الهجرة، إن "الفرنسيين يشعرون بأن هويتهم وسيادتهم تُنتزعان منهم".
وصعّدت لوبان (48 عاماً) لهجتها، منذ الإثنين، عبر الدعوة إلى تعليق "الهجرة القانونية"، مكررةً عزمها على "وضع حد لاتفاقات شنغن" حول حرية تنقل الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي.
واعتبر خصمها إيمانويل ماكرون أن فكرة التعليق تهدف إلى "منحها اندفاعة جديدة في هذه الحملة الصعبة وتركيز الضوء عليها مجدداً"، لكنه أكد أنها "غير قانونية وغير فاعلة في الوقت نفسه".
وأضافت لوبان أنها لو كانت موجودة "لما كان محمد مراح" الذي أعلن نفسه "مقاتلاً في تنظيم القاعدة" وقتل 3 عسكريين في 2012، إضافة إلى 3 أطفال ومدرس جميعهم يهود، و"لما كان أيضاً إرهابيو باتاكلان واستاد دو فرانس المهاجرون" الذين قَتلوا 130 شخصاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وقالت أيضاً إن "الإجراءات التي أريد أن أطبقها لم تكن ستسمح لهؤلاء الأشخاص بأن يكونوا هنا على أراضينا ولا أحراراً".
انعطافة نحو الأسس
لكن صحيفة لوموند كتبت في افتتاحيتها: "لا يحصل المرء على أصوات متكِئاً على الموتى! إنه بمثابة خط أحمر أخلاقي تجاوزته مارين لوبان لتوها".
غير أن الشعار يبقى جذاباً في بلاد روَّعتها سلسلة اعتداءات جهادية خلفت 238 قتيلاً في 2015 و2016، وحيث الخطر الإرهابي يبقى "أكبر من أي وقت"، بحسب وزارة الداخلية.
والثلاثاء، اعتُقل في مرسيليا رجلان يشتبه في أنهما كانا يُعدان لاعتداء جهادي "وشيك" في فرنسا، مع ضبط كمية من الأسلحة تثير القلق في شقتهما، بينها 3 كيلوغرامات من المتفجرات والعديد من الأسلحة النارية.
والمشتبه فيهما، كليمان بور (23 عاماً) ومحيي الدين مرابط (29 عاماً)، سبق أن اعتُقلا لارتباطهما بوقائع لا تمت إلى الإرهاب.
ويتيح هجوم لوبان على جبهتي الهجرة والأمن تجنُّب موضوع الخروج من منطقة اليورو الذي أدرجته في برنامجها ولا يزال يثير خوف غالبية من الفرنسيين (72 في المائة وفق استطلاع أخير).
وقال المحلل جان إيف كامو المتخصص في شؤون الجبهة الوطنية، لفرانس برس: "منذ تجمعها مساء الإثنين، هناك انعطافة نحو الأسس القديمة، وخصوصاً الهجرة؛ لأن ناخبي الجبهة منقسمون أكثر مما يبدو بشأن الخروج من اليورو".
بدوره، حرص مرشح اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون، على طمأنة الرأي العام حيال هذا الأمر، علماً بأن برنامجه يلحظ إعادة التفاوض حول المعاهدات الأوروبية مع بروكسل والخروج منها بناء على استفتاء إذا أخفقت المفاوضات.
وقال ميلانشون الثلاثاء: "لا تصدقوا ما يقولونه لكم: (إنه يريد الخروج من أوروبا، من اليورو)، فلنكن جديين"، مبدياً "ثقته" بالقدرة على التفاوض مع ألمانيا.
ولوبان لها تصريحات عدائية ضد مسلمي بلادها؛ إذ نددت في مرات سابقة بصلاة المسلمين في الشوارع والتي على الأرجح تكون في أيام الجمعة، أو المناسبات التي تحمل طابعاً دينياً، وتعهدت بأنها حال ترشحها سوف تصدر قانوناً يحظر تلك الممارسات وأن عقاب المخالفين سيكون شديداً وغليظاً للغاية.