ملاحظات على الحكومة المغربية

هذه الحكومة التي استنزفت وقتاً سياسياً واجتماعياً، وأخذت حيزاً مهماً من انتظارات المغاربة، خرجت إلى الوجود وهي تحمل عاهات تتنافى والخطاب الملكي بداكار، الذي شدد على الكفاءة كمعيار للاختيار قبل التعيين، وأيضاً لتحسين صورة المغرب الدولية والتزاماته البروتوكولية

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/18 الساعة 03:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/18 الساعة 03:31 بتوقيت غرينتش

قُبيل تشكيل الحكومة إلى الآن، ظللت متابعاً لمجريات الأمور، مع ما تناسل عنها من تعدد في الرؤى والتصريحات أفضت إلى تحليلات متباينة، حول البرنامج الحكومي والتوليفة الجديدة للسلطة التنفيذية، وما تتطلبه مهام الوزراء الجديدة وأسماؤهم من مَلَكة حفظ قوية، تمتاز بخصائص نبات الصبار القادر على التأقلم مع كل تغيرات مناخ "الحكومة الاستوائية"، فقد تعودنا بالمغرب على تعديلات حكومية بين الفينة والأخرى قصد التنفيس عن المواطن والتجديد في شخوص المسؤولين.

الحكومة الجديدة/ القديمة، أخذت أكثر من 5 أشهر لتشكيلها، وعرفت تناوباً "ديمقراطياً" في رئاستها، وصراعات سياسية مدبرة لتقزيم أحزاب "تراثية" أو لنقُل "كلاسيكية"، ما عادت تهش أو تنش بعدما فوَّضت أمرها للتاريخ واستكانت لواقع خطابها المتلاشي.

هذه الحكومة التي استنزفت وقتاً سياسياً واجتماعياً، وأخذت حيزاً مهماً من انتظارات المغاربة، خرجت إلى الوجود وهي تحمل عاهات تتنافى والخطاب الملكي بداكار، الذي شدد على الكفاءة كمعيار للاختيار قبل التعيين، وأيضاً لتحسين صورة المغرب الدولية والتزاماته البروتوكولية، وفي هذا الباب دوَّنت ملاحظات شخصية لأمور شتى كانت شعار المرحلة السابقة.

أولاً: غياب المبدأ الدستوري القاضي بـ"المناصفة"، وهو ما أفرز هشاشة العنصر النسوي في التركيبة "السداسية" للحكومة الحالية.

ثانياً: عودة أغلب الوجوه الوزارية التي تحملت تدبير مرحلة بنكيران، وتزكيتها في التجربة الجديدة، مع تغيير طفيف شمل تبادل الحقائب والمسؤوليات، رغم ما يبدو من تناقض صارخ في موقف العدالة والتنمية الذي ينادي بالتداول على المسؤولية، إلا أنه انساق مع غيره من الأحزاب الحليفة لتثبيت نفس الوجوه؛ حيث لم تستطِع أمانته العامة تقديم أسماء جديدة للاستوزار، بما يجعلنا نشكك في شعاراتها، رغم وجود أطر صالحة للقيادة، غير أن صقور الحزب كان لهم رأي آخر.

ثالثاً: تغير الموقف التفاوضي بين بنكيران وخلفه العثماني، وما ترتب عنه من "تنازلات" حسب اعتراف أبناء المصباح، الشيء الذي أدى لإصدار تصريحات متضاربة وسط الأمانة العامة للحزب بين مؤيد ومستهجن، مما يبرز وبالملموس وجود تيارات متطاحنة بعيداً عن لغة الخشب المسوقة، كما أن نوعية الخطاب الموظف بين الشيخ عبد الإله بنكيران المتشح بالوعيد والتهديد والمزاجية وخلفه سعد الدين ذي الطباع الهادئة الرزينة الرصينة ظاهرياً، تجعلنا لا نخشى على مؤسسة رئاسة الحكومة المفروض فيها تمثيل المغاربة بعيداً عن التطاحنات السياسية الضيقة.

رابعاً: حفاظ عدد من الوزراء على مناصبهم، المحسوبين على التيارات الليبرالية ذات الامتداد الرأسمالي، يبرز مدى قوتهم في الساحة الوطنية، وقدرتهم على حماية مصالحهم انطلاقاً من علاقاتهم المتشعبة مع المؤسسات والهيئات الوطنية والدولية، خصوصاً والظرفية الحالية التي أفرزت نظماً عالمية "براغماتية" كما هو الحال عند الحليف الأخطل ترامب.

خامساً: تقهقر أحزاب الكتلة الديمقراطية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – التقدم والاشتراكية – الاستقلال)، بين مشاركة مهينة كما هو الحال للوردة والكتاب واختبائهم في جلباب حزب كان إلى وقت قريب ينعت بالحزب الإداري، وانقسام وصراع داخلي لدى أحفاد سي علال جعل تصريحات أمينهم العام تقودهم لكراسي المعارضة بعدما كانوا قاب قوسين أو أدنى من المشاركة، لكن زلة لسان شباط اعتبرت غير قابلة للغفران والتوبة.

سادسا: تناسي خطاب محاربة الفساد وضياعه وسط قيامة تقاسم الحقائب، مع ما يعنيه هذا الأمر من تطبيع ومداهنة مع مسؤولي "الدهاليز".

في ختام هذه القراءة البسيطة، نطمح لرؤية حكومة منسجمة قولاً وفعلاً، متمنين كل خير للبلاد والعباد، مع ما يتوافق ومطالب الشعب المشروعة برفع الظلم والحكرة والتهميش وتوفير العيش الكريم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد