في الوقت الذي اعتبرت فيه روسيا نتائج استفتاء تركيا الذي انحاز فيه الشعب إلى تحويل نظام الحكم في البلاد إلى النظام الرئاسي، شأناً داخلياً، جاءت ردود الفعل الأوروبية حذرة تماماً بعد حالة من التوتر بين أنقرة وعدة عواصم أوروبية.
موسكو من جانبها، أكدت أن الاستفتاء الذي شهدته تركيا الأحد 16 أبريل/نيسان 2017 شأن داخلي بحت، ودعت على لسان الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى احترام خيار الشعب التركي.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد دعا خلال إلقاء خطاب الفوز، الأحد، المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الدول التي وصفها بالصديقة، إلى احترام خيار الشعب التركي.
شأن سيادي
وقال بيسكوف إن "الاستفتاء الذي شهدته تركيا شأن سيادي يخص الجمهورية التركية، ونرى أنه على الجميع احترام إرادة الشعب التركي التي عبر عنها في استفتائه".
إلى ذلك، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير الخارجية زيجمار غابرييل، إنه يتعين على السلطات التركية تهدئة المخاوف بشأن مضمون الاستفتاء وإجراءاته التي أثارتها لجنة من الخبراء القانونيين الأوروبيين.
وذكرت ميركل وغابرييل أنهما لاحظا أن النتائج الأولية أظهرت فوز معسكر "نعم". ومن المتوقع صدور النتائج الرسمية خلال 12 يوماً.
وقالا في بيان: "الحكومة الألمانية… تحترم حق المواطنين الأتراك في اتخاذ قرار بشأن نظامهم الدستوري".
ويعيش في ألمانيا 3 ملايين شخص من أصول تركية.
وأضاف البيان: "نتيجة الاستفتاء المتقاربة تظهر عمق الانقسام في المجتمع التركي، وتعني أن القيادة التركية عليها وعلى الرئيس أردوغان ذاته مسؤولية كبيرة".
وقالت ميركل وغابرييل إن الحكومة الألمانية تتوقع من أنقرة إجراء "حوار محترم" مع كل أطياف المجتمع التركي وكل أطراف المشهد السياسي بعد حملة دعاية صعبة.
وحذر مفوض الاندماج الألماني، أيدان أوزجوز، من انتقاد الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا؛ بسبب خيارهم، وقال في مقابلة مع صحيفة زاربروكر تسايتونج الإقليمية إن نحو 14% فقط من كل الأتراك الألمان الذين يعيشون في ألمانيا صوتوا بـ"نعم"، مضيفاً أن معظم المهاجرين لم يصوتوا.
محادثات مع الاتحاد الأوروبي
واتخذت فرنسا موقفاً مشابهاً للموقف الألماني؛ إذ قال الرئيس فرانسوا أولوند: "يتوقف الأمر على الأتراك وحدهم لاتخاذ قرار بشأن كيفية تنظيم مؤسساتهم السياسية، لكن النتائج المنشورة تظهر أن المجتمع التركي منقسم بشأن الإصلاحات الواسعة المقررة".
وقالت المفوضية الأوروبية الأحد، إنه يتعين على تركيا السعي لتحقيق توافق وطني واسع على التعديلات الدستورية؛ نظراً للفارق الضئيل بين معسكري "نعم" و"لا".
وسلطت ميركل وغابرييل الضوء على تحفظات اللجنة، وقالا إنه يتعين على تركيا، كعضو في مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون بأوروبا وكدولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تسعى لمعالجة هذه المخاوف بسرعة.
وقالا: "يجب إجراء نقاشات سياسية بهذا الشأن في أسرع وقت ممكن على مستوى ثنائي وبين المؤسسات الأوروبية وتركيا".
وفي بيان منفصل، دعت وزارة الخارجية الفرنسية الحكومة التركية لاحترام الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان وحظره لعقوبة الإعدام.
وكررت النمسا دعواتها لوقف محادثات العضوية مع أنقرة.
وقال وزير الخارجية النمساوي سباستيان كورتس: "لا يمكننا العودة فحسب إلى الروتين اليومي بعد الاستفتاء التركي. نحتاج في النهاية إلى بعض الصراحة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا"، مضيفاً أن التكتل سيعمل بدلاً من ذلك على "اتفاق شراكة".
وخلال الحملة الدعائية للاستفتاء، هاجم أردوغان مراراً دولاً أوروبية، بينها ألمانيا وهولندا، واتهمها باستخدام أساليب "تشبه النازية" بمنع وزرائه من إلقاء الكلمات وسط تجمعات للناخبين الأتراك في الخارج.
وقال محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء التركي لرويترز، الإثنين، إنه يتوقع أن تهدأ "الضجة" بين أنقرة وأوروبا بعد دورة الانتخابات الأوروبية. وتصوت فرنسا لاختيار رئيس جديد يوم الأحد، كما تجري ألمانيا انتخابات في سبتمبر/أيلول.