يقول رجل الأعمال والمليونير أنطون باكوف، إنَّه يحتاج فقط إلى بضعة ميلات مربعة من الأرض لاستعادة الإمبراطورية القيصرية الروسية.
وقاد بحث أنطون عن مكانٍ لإعادة إحياء أسرة رومانوف التي حكمت روسيا لـ300 عام، بدءاً من مكانٍ قريب من جمهورية الجبل الأسود، إلى شواطئ غرب إفريقيا، وصولاً إلى أرخبيلٍ في المحيط الهادئ على بُعد 2500 ميل (4023.36 كم) إلى الجنوب الغربي من هاواي.
ويقول باكوف، الذي يُلقِّب نفسه بمستشار العرش الإمبراطوري، وأعلن نفسه خليفةً للإمبراطورية: "إنَّه واجب كافة وطنيي روسيا الذين ظلَّوا مخلصين لقَسَم الإمبراطورية. وللأسف، نحن قليلون"، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
موقف بوتين
وبعد قرنٍ على الثورة التي أطاحت بأسرة رومانوف من السلطة، تُظهِر استطلاعات الرأي أنَّ عدداً قليلاً من السكان يرغبون في استعادة النظام الملكي.
ويقول المُتحدِّث باسم بوتين إنَّ الرئيس من جانبه لا يُؤيِّد هذا الأمر. واحتفل الكرملين، الذي يُظهِر تقديراً حذِراً وأحياناً متضارباً للماضي السوفيتي والإمبراطوري لروسيا، بالذكرى المئوية للثورة البلشفية بشكلٍ متواضع.
ويقول باكوف، البرلماني السابق الذي يتزعَّم الآن الحزب المونارشي (أي حزب أنصار النظام الملكي) في روسيا، إنَّه في الوقت الراهن لا يحاول إعادة أسرة رومانوف إلى الكرملين. غير أنَّه بالفعل يرغب في استعادة وضعيتهم القانونية الدولية.
وأسَّس باكوف دولةً صغيرة تُسمَّى دولة "العرش الإمبراطوري" عام 2011، واستعان بأمير إمارة لاينينغن، وسليل أسرة رومانوف، الألماني كارل إميش، البالغ من العمر 64 عاماً، ليكون قيصراً لها. وقد بحث عن مكانٍ لإقامة الإمبراطورية الوليدة، وأضاف عنصراً تجارياً، يهدف فيه إلى بيع قطع الأراضي إلى جانب الألقاب الأميرية.
ويقول: "يجب أن تكون العملية مُربِحة، وإلَّا فإنَّ الأمر لن ينجح".
معارضة ملكية
ولا يشعر كافة أنصار النظام الملكي بالسعادة حيال خُطط باكوف. إذ قال ألكسندر زاكاتوف، أحد مساعدي الأميرة ماريا رومانوفا، التي تُلقِّب نفسها بالدوقة الكبرى ورئيسة بيت آل رومانوف: "إنَّ هذا استهزاءٌ بفكرة الملكية ذاتها. إنَّ هذا محض هزل".
وكان لباكوف، البالغ من العمر 51 عاماً، وهو رجلٌ قصير ممتلئ الجسم وصاحب ابتسامة عريضة، مصالح تجارية تمتد من العقارات وحتى المطارات.
وكان برلمانياً ينتمي لحزبٍ ليبرالي معارض، غير أنَّه خسر مقعده في البرلمان عام 2007 حينما شدَّد بوتين قبضته على السلطة.
وسجَّل باكوف الحزب المونارشي عام 2012 بعد أن انفتحت الحياة السياسية الروسية، وعلى نحوٍ غير مُتوقَّع، لفترةٍ قصيرة.
وفشل الحزب في الانتخابات المحلية، لكنَّ باكوف لَمَح بعد ذلك فرصةً للجمع بين ثلاثة أمور يشعر بالشغف ناحيتها: السياسة، والمَلَكية، والمغامرات الخارجية.
واستعان باكوف بالأمير كارل، الذي تحوَّل إلى الأرثوذكسية، وتبنَّى الاسم نيقولا الثالث، وكتب إلى بوتين يطلب منه أرضاً في مدينة يكاترينبرغ، حيث أُعدِم القيصر نيقولا الثاني وعائلته القريبة منه. وكان الهدف هو تأسيس دولة مدنية على غِرار الفاتيكان.
لم يُجِب بوتين، ولذا وسَّع باكوف نطاق بحثه. واشترى قطعة أرض في جمهورية الجبل الأسود، وهي دولة تقع في منطقة البلقان وتُعَد وجهة مُفضَّلة للأثرياء الروس. غير أنَّ الحكومة لم تتبنَّى خططه لبناء الإمبراطورية.
غامبيا
واهتدى باكوف بعد ذلك إلى فكرةٍ أكثر غرابة في موقعٍ أكثر غرابة: جُزر اصطناعية في دولة غامبيا الصغيرة غربي إفريقيا.
وقد بدأ هذا المسعى بصورةٍ سيئة. إذ يتذكَّر باكوف كيف احتجزه المسؤولون الأمنيون هو وزوجته في المطار لمدة ست ساعات، بعد أن أثار سيف المبارزة الذي أحضره كهديةٍ للرئيس شكوكهم.
ووفَّر لهما الرئيس جناحاً في فندقٍ كبير، وسيارةً من طراز بنتلي، وستة حُرَّاس مُسلَّحين. لكنَّ حماسته البادية للفكرة لم تُترجم إلى اتفاق، ولذا سافر باكوف عائداً إلى الوطن.
كيريبياتي
والعام الماضي 2016، حوَّل باكوف انتباهه إلى كيريبياتي، وهي مستعمرة بريطانية فقيرة سابقة تضم نحو 100 ألف نسمة، و33 جزيرة تنتشر على مساحة تُماثل مساحة البر الرئيسي للولايات المتحدة الأميركية.
واقترح باكوف منح ثلاث جزر غير مأهولة وضعيةً خاصة لتصبح إمبراطورية رومانوف. ويقول إنَّ بإمكان العملاء الأثرياء شراء قطع الأراضي وأن يصبحوا أمراء، وبالتالي تجنُّب الضرائب.
وسيضخ رجل الأعمال 20 مليون دولار سنوياً في الميزانية لمدة 6 سنوات، ويستثمر 230 مليون دولار في جزيرة مالدن من أجل بناء ميناء، ومطار، ومحطة طاقة، وطُرق. ويقول إنَّ الجزر، التي تتمتع بدرجات حرارة تقارب 90 درجة فهرنهايت (32.2 درجة مئوية) على مدار السنة، قد تصبح ملاذاتٍ سياحية.
وأقنع باكوف الساسة المحلِّيين والقادة الدينيين بدعم خطته، وأحبَّ الطعام البحري المحلي من كافة الأشكال والأحجام، بل وتجنَّب حتى، وعلى غِرار بُناة الإمبراطورية في القرون السابقة الإضرار بالحياة البرية المحلية المُثيرة للفضول، حينما دخلت أربعة سرطانات بحرية إلى حجرته بالفندق.
ومع ذلك، يبدو أنَّ المعارضين لخطة كيريبياتي لديهم اليد الطُّولى. إذ يقول باكوف إنَّه كان مستعداً لتوقيع اتفاقيةٍ حين كان هناك، في نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2017، لكن حينما انطلق الرئيس على متن قاربٍ لتفقُّد الجزر الثلاث، يقول باكوف إنَّه "شعر بوجود مؤامرة".
إذ لم يَعُد قادراً على الوصول إلى الوزير، الذي كان يشرب الكحول بكثرة. ووصل بعد ذلك بريدٌ إلكتروني من الحكومة ترفض فيه المُقترَح.
ويقول مكتب الرئيس إنَّه كانت هناك مخاوف من أنَّ يكون باكوف كان يرغب في امتلاك السيادة على الجزر الثلاث، على الرغم من أنَّ رجل الأعمال يقول إنَّ الأمر ليس كذلك.
ولم يتخلَّ باكوف عن أمله في خيار كريبياتي، لكنَّه مستعدٌ كذلك لمواصلة البحث. وأطاحت هزيمةٌ انتخابية مفاجئة بالرئيس الغامبي، الذي يحكم البلاد منذ مدةٍ طويلة، ولذا يحاول باكوف إثارة اهتمام الرئيس الجديد بالموضوع.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.