إن الأزمة الأوكرانية، كما يشير الخبراء في الشؤون الدولية، أظهرت المشكلات المتنوعة التي تؤدي إلى نزاعات بين الدول الكبرى، وخاصة بين روسيا وأميركا.
أحد المعلقين يقول: لا شكَّ أن روسيا دولة عظمى، وخاصة على الصعيد العسكري، لديها ثروات طبيعية وموارد ضخمة وهائلة، تؤهلها لشراكة فاعلة وقوية في النظام الدولي، لكن رغم ذلك فروسيا تحمل إرثاً ثقيلاً من المشكلات في أمنها القومي، وعلى حدودها، وصعوبات كبيرة في هيكلية اقتصادها في المنافسة العالمية.
مصادر مثل الطاقة والغاز والمعادن والسلاح والفوائض المالية التي تمتلكها روسيا ليست كافية، كما يعتقد المحللون؛ لتشكيل قوة موازية في وجه الغرب، لذلك تبدو أحداث أوكرانيا وقبلها جورجيا وقبلها يوغوسلافيا بمنزلة أزمات يستخدمها الغرب داخل البيت الروسي، ومشكلات كيفما جرى حسمها عبثاً على دور روسيا.
ولكن على حد تعبير عدد من المحللين، روسيا ستدفع ثمن المخرج الدبلوماسي التفاوضي أو التصادمي وليس الغرب، من هنا يجري الربط بين الأزمة الأوكرانية ودور روسيا في سوريا.
يرى الكرملين أن هناك حداً من المصالح الأمنية والإجراءات لا تستطيع روسيا التنازل عنها وقد اتخذتها في شبه جزيرة القرم ولديها مشروعية قانونية بسبب الحكم الذاتي للقرم وموقف السكان هناك، لكن ذلك، كما يرى عدد من المحللين، يختلف في عموم أوكرانيا الدولة المستقلة ولو كانت تعددية وفيها جالية روسية ضخمة.
فالغرب -برأي البعض من المعلقين الروس- يريد أن يقطف من خلال هذه الأزمة مكاسب وتنازلات أو على الأقل يعمل للحد من الاندفاعية الدولية الروسية والحضور المستجد والصاعد، ويشكل ذلك مدخلاً لفتح المزيد من ملفات الخلاف وسياسات النزاع.
مع تصاعد وتيرة العنف في جنوب وشرق أوكرانيا، وغياب أي حل في الأفق القريب، أصبحت أزمة أوكرانيا الصراع السياسي الأكثر عنفاً واضطراباً.
استراتيجية العقوبات التي تقودها أميركا لن تنجح من التخفيف من تصاعد حدة التوترات بين الغرب وروسيا أو دعم الحكومة الأوكرانية الموالية للغرب، والأميركيون -كما يقول الخبراء- يدركون أنهم إذا تحركوا بقوة في تشديد العقوبات المفروضة على روسيا، فإن أوروبا لديها الكثير من العلاقات الاقتصادية مع روسيا.
فتعرض أوروبا المالي لروسيا، فضلاً عن اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، يجعلها أكثر تردداً في نسف العلاقات الاقتصادية مع روسيا.
والواقع طبقاً لوسائل الإعلام الروسية أن تصرفات القيادة الروسية تجاه الأحداث في أوكرانيا حظيت بشعبية كبيرة في الداخل الروسي.
ولكي تتمكن روسيا -برأي البعض من الخبراء- من تشكيل كتلة أو حلف متماسك قادر على مجابهة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، فإنها تحتاج إلى أصدقاء أقوياء، وهذا ما تفتقر إليه بشدة.
إن الدولة الوحيدة التي قد تميل الميزان، كما يعتقد عدد من علماء السياسة الروس، هي الصين، ولكن الصينيين -برأي البعض الآخر من المحللين الغربيين- أثبتوا أنهم غير مستعدين -حفاظاً على مصالحهم- للوقوف مع أي من المعسكرين، فهي من الممكن أن تستفيد من المزيد من المشتريات من صادرات الطاقة الروسية، فضلاً عن الفرص الجديدة التي يوفرها امتناع الشركات الغربية بشكل متزايد من مزاولة أعمال التجارة في روسيا.
ويعتقد الخبراء في الشؤون الدولية أن ممارسة الضغوط من أجل فرض عقوبات جديدة على روسيا من شأنها أن تؤدي إلى نشوء صدع مع أوروبا، في حين تدفع روسيا للاقتراب نحو الصين اقتصادياً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.