السنة الرابعة لـ”داعش”

‏انطلق الدعاة والناشرون المبشرون بإمارة البغدادي على رأس تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، وهو فرع القاعدة الذي أسسه الزرقاوي وأبو محمد اللبناني وأبو أنس الشامي، ومن ثم أكده حامد الزاوي أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر، وفي أواخر 2010، انتهت عملية صناعة أتباع جدد للبغدادي في المنطقة الغربية والشمالية من العراق.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/10 الساعة 03:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/10 الساعة 03:39 بتوقيت غرينتش

باتت الحاجة ملحّة لاستذكار معالم الطريق ومواقف أطراف الصراع والدول، العام الرابع لإعلان توحيد فرعي القاعدة في العراق والشام وتمرد البغدادي على تنظيم القاعدة الأم في أبريل/نيسان 2013، الذي مهّد لتمدد احتلالهم في يونيو/حزيران 2014 وتبدل طبيعة التوازنات السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، وبداية ظهور الفصائل المسلحة السنية في سوريا، سواء المصنفة على أنها متمردة على القرارات الدولية والإقليمية، أو الفصائل التي صنفت إرهابية، والتي تميزت بعدم الاتفاق والتقاتل من أجل تعزيز السلطات وجمع الثروات، وعلى العكس في الجغرافيا العراقيّة توحدت الفصائل الشيعية المسلحة تحت موالاة حكومة بغداد والقرارات الدولية رغم اختلاف مرجعياتها الدينية والسياسية والاقتصادية.

‏انطلق الدعاة والناشرون المبشرون بإمارة البغدادي على رأس تنظيم "دولة العراق الإسلامية"، وهو فرع القاعدة الذي أسسه الزرقاوي وأبو محمد اللبناني وأبو أنس الشامي، ومن ثم أكده حامد الزاوي أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر، وفي أواخر 2010، انتهت عملية صناعة أتباع جدد للبغدادي في المنطقة الغربية والشمالية من العراق.

وأصبحت الحدود شبه ساقطة عسكرياً بيد أقل من 350 مقاتل بقيادة نعمان الزيدي، ويساعده حجي بكر، والعقيد سمير الخليفاوي وعشرات من ضباط الأمن والمخابرات والعسكر والشرطة من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وشمال بغداد وجنوب غرب كركوك، ولحق بهم العديد من السوريين عام 2011، جذور ثورات أو تمرد في تونس ومصر وسوريا واليمن، أجبرت الحركات المسلحة الإسلامية على التربص وأخذ حصتها من غنيمة الفوضى، وأقوى فصيل تكفيري في المنطقة آنذاك كان فرع قاعدة العراق بقيادة البغدادي الذي لديه الخبرة المؤسساتية البعثية والتاريخ التنظيمي.

وفي الثورات العربية كان لأميركا وأوروبا دور أساسي في الضغط على الأنظمة الحاكمة من أجل التنحي، وفي كل تلك الثورات كان هناك تواطؤ بقصد أو من غير قصد بين الفصائل المسلحة التكفيرية والدول الإقليمية التي ترعى بالوكالة مصالح المحاور الكبيرة لفرض هذا الأمر.

انتقل البغدادي فوراً إلى سوريا وأرسل مساعديه للبحث عن السلاح والأفراد والثروات، ولذلك تواجدوا في المنطقة الشرقية والشمالية السورية والغربية والشمالية العراقية، وهنا اختلفت عمليات التخابر الدولي مع الفصائل التكفيرية، وخاصة فصيل البغدادي، وكانت النتيجة ليس كما أرادوا فوضى مؤقتة وإعادة التوازن السني الشيعي في العراق وسوريا وفرض الديمقراطية على الحكومات البديلة، تنظيمي البغدادي والظواهري والفصائل القريبة منهما عقيدة ومنهجاً، جابهوا فرصة الفوضى بإعادة تنظيم الهياكل والملفات وترسيخ البناء، ولجأت إلى الهوية السنية كمادة للغواية والدعاية وصناعة الأكثرية.

وبسبب الموقع الحساس على كردستان الحليف الموثوق به للغرب، أعلن الغرب والعرب تحالفاً دولياً لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا في سبتمبر/أيلول 2014، ومن +80 فصيلاً تم تحديد العدو" داعش والنصرة"، والهدف هو إنهاء أو إنهاك هذه الفصائل بقتال بري تقوده القوات الموالية لبغداد وكردستان في العراق، وفصائل مسلحة موالية للتحالف الدولي صنفت بأنها معتدلة في سوريا، وبسقف زمني ثلاث سنوات من المفترض أن ينتهي في 21 سبتمبر/أيلول 2017، قرابة ثلاث سنوات من التحالف الدولي ولا تزال استراتيجيته غامضة وغير مطمئنة لحلفائهم في المنطقة، والتي تركز على قتل قيادات الفصائل السلفية التكفيرية وتعطيل منافذ نشر غوايتهم العقائدية والإعلامية، وتجفيف منابع التجنيد والتمويل والتسليح، وربما بعد ذلك تنتهي هذه الفصائل بلا قيادات ملهمة فتنقسم على نفسها، ويأكل بعضها بعضاً، كما يحدث في إدلب السورية، وبالتالي يمكن القضاء عليها بواسطة الصحوات، أو بصفقة مخابراتية بواسطة إسلامية، ويبقى ادعاء الخلافة من قبل داعش قنبلة أو لغماً لم يتم التحضير له مخابراتياً ولا عسكرياً.

التحالف الدولي قرر التقارب مع المحور الروسي نهاية 2016، وقمع هذه الفصائل بكل ما أوتي من قوة، استناداً إلى سوابق تاريخية مشتركة بينهما، منها قمع الروس للشيشان وبذريعة مكافحة الإرهاب التكفيري.

لكن هذه الرؤية كانت تعتمد على إدامة زخم الانتصارات في العراق وسوريا وليبيا، وهي رؤية متفائلة جداً في غير العراق، بل سطحية إلى حد كبير، فلا السيناريو الروسي التركي الأميركي سهل التحقيق بسبب التداخلات والتقاطعات بين المسلحين في شمال سوريا، ولا الخيار الإيراني الروسي السوري حل متاح في سوريا بعد 6 سنوات من القتال.. ولا حتى خيار التحالف الدولي العراقي سهل، خاصة بعد تعثر معركة الساحل الأيمن لأسباب إنسانية، والعراق رغم حتمية انتصاره على داعش، هناك ملفات عديدة تنتظره قد تعرقل فرحة النصر، ملفات الثأر والجلوة والديات والإعمار ومسك الأرض المحررة والتدقيق الأمني وعودة النازحين وصراع بغداد وكردستان، وهو ما يتردد كثيراً في الجلسات النقاشية والبحثية.

مشكلة بغداد وكردستان المزمنة هي تقاسم الثروات والتنازع على جغرافيا الأقليات الدينية والعرقية، أُضيف إليها أجندات إيران وتركيا والخليج التي تنفذها الأحزاب المسيطرة على الحكم والسياسة في بغداد وكردستان.

أما موقف الإدارة الأميركية الجديدة فلم يتطور كثيراً رغم تفاؤل الكثير بحرصها على استخدام القوة المفرطة كحل أخير رغم تعدد تبعاتها وآثارها، وعلى أن يكون التغيير محصوراً في استهداف الفصائل التكفيرية والضغط على إيران وحلفائها في سوريا والعراق وإعادة ترتيب مؤسسات الدولة في البلدين من جديد وفق قواعد العدالة الانتقالية وفرض الاستقرار واستدامته ولو بالقوة المفرطة.

‏الواجهة السياسية للسنة في العراق قرأت المشهد بشكل صحيح بداية 2017 فراهنت على بيت سياسي سني برعاية 5 دول سنية إقليمية، وبإشراف أميركي أوروبي، كما حدث في جبهة التوافق والقائمة العراقية عامَي 2006 و2010.

والاعتماد على دول مضادة لتوسع نفوذ إيران بعد تجميد دور الكويت وسلطنة عمان، وكانت رسائل ترامب وفريق عمله إشارة واضحة إلى الاتجاه الدولي والإقليمي القادم، فالغالبية الساحقة من حلفاء ترامب لم تكن تؤمن بالصبر على تقدم إيران في المنطقة على منافسيها، فيما دول الخليج عامة تريد وأد هذا التقدم عبر واشنطن.

‏وفي الأشهر الأولى من عام 2017، كان الرهان الأميركي على إدارة العبادي لأزمات العراق بـ"الاحتواء والإهمال" وعلى روسيا وتركيا في صناعة المناطق الآمنة في الشمال السوري، ‏أميركا زادت من دعمها للعراق وحلفائها في سوريا لتحقيق هدفين:

الأول بناء قواعد سياسية وعسكرية قوية وجديدة لها داخل المنطقة، وحتى تتمكن من توجيهها، والثاني الضغط على العراق وسوريا؛ كي ينفكّا عن إيران ولو بالتدريج.

‏العراق هو الورقة الرابحة في الصراع العالمي بالضد من الإرهاب، والورقة المعقدة التي لا نهاية لها تعرف هي ورقة سوريا وتختصرها تناقض المحاور والإدارات في تصنيف حكومة بشار الأسد ومستقبلها، والفصائل المسلحة السورية لا تمتلك رؤية سياسية واضحة، فهي تعمل في حلقة مفرغة، ولا بد من كسر الحلقة من أحد جوانبها؛ كي يعاد ترتيب الأوراق، كما حدث عام 1996 حين أعلنت كردستان العراق منطقة مُؤمنة عسكرياً وأمنياً، وتم جمع الأحزاب الكردية وتقسيم السلطة والأدوار فيما بينهم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد