سبع حقائق لا تقال في الجدل حول النقاب

الحقيقة الرابعة يا عزيزي القارئ، أن هؤلاء الذين يدافعون عن حرية المرأة في ارتداء النقاب أو البرقع يجهلون أنه قبل بضعة عقود كانت نساؤنا لا يخرجن أصلا من بيوتهن، وان خرجن يخرجن مرتديات جلابيب بلثام، أو رداء ابيض بلثام أسود، وأن التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المنطقة ظهرت على شكل المرأة وطريقة لباسها، وأن هذا النقاب وذاك البرقع ليسا باللباس الديني

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/15 الساعة 04:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/15 الساعة 04:16 بتوقيت غرينتش

قرأت العنوان، أعجبك، أو أثار فضولك، لا يهم، المهم أنك هنا، سواء كنت اخوانيا، متدينا، محافظا، أو حداثيا، تقرأ هذه السطور، وتنتظر أن أخبرك بما لم يُقال بعد في جدل النقاب.
لن أطيل عليك، ولن أرض أن تعود خائبا، لذلك أقول لك باختصار شديد إنه:

من يقل لك إن المرأة حرة في ارتداء ما تريد ارتداءه.. فهو كاذب.
ومن يقل لك إنه في المغرب يمكن للمرأة أن ترتدي ما تريد…فهو كاذب.
ومن يقل لك إن النقاب أو البرقع هو علامة على التخلف وأن ارتداء التنورة القصيرة هو علامة على التحضر…فهو كاذب.
ومن يقل لك إن النقاب أو البرقع أو الحجاب هو حرية فردية…فهو كاذب.
ومن يقل لك إن التنورة ولباس البحر حرية فردية للمرأة…فهو أيضا كاذب.

إن كنت لا تزال ترغب في معرفة المزيد دعني أخبرك الحقائق السبع التي لم تقل بعد في جدل النقاب الدائر هذه الأيام بالمغرب:

الحقيقة الأولى يا عزيزي القارئ، أن المرأة في المغرب وفي هذه المنطقة التي لا تزال تصر أن تبقى خارج مسار العالم، أنه لا أحد سواء امرأة أو رجل حر في ارتداء ما يريد، وأقل دليل على ذلك هو المثل الشهير والذي يكاد يوجد في كل بلدان المنطقة: "كل على ذوقك، والبس على ذوق الناس".

الحقيقة الثانية، أننا نريد مجتمعا ديمقراطيا ونجهل أنه في مجتمع ديمقراطي الناس لا يحكمون على أي كان مما يرتديه، بل مما يفعله. في أولى أيامي بكندا كمهاجرة حديثة، كنت مجبرة على اجتياز دورة للاندماج في المجتمع الكيبيكي، عرضت لنا المدربة صورة لمجموعة من الناس وسألتنا أن نصنفهم حسب المهن التي يمارسونها، جعلنا من صاحب البدلة موظف بنك، ومن صاحب حذاء رياضي وتي شورت مدربا، ومن صاحبة تنورة قصيرة وكعب عال مضيفة طيران، كانت كل أجوبتنا خاطئة، فصاحب البدلة كان سائق تاكسي، وصاحب الحذاء الرياضي كان أستاذ فيزياء، وصاحبة التنورة القصيرة كانت مدرسة، وأنهت المدربة الحصة بالقول إنه في المجتمع الكندي لا نحكم على الناس مما يرتدونه.

الحقيقة الثالثة عزيزي القارئ، أننا في مجتمعاتنا نحكم على الناس من خلال ما يرتدونه، إن ارتدت المرأة تنورة قصيرة فهي متحررة، وان ارتدت بنطالا فخروجها للعمل أفقدها انوثتها، وان ارتدت حجابا يغطي نصف شعرها وتضع ماكياجا على وجهها فهي غير مقتنعة بعد بالحجاب. وان ارتدت حجابا يغطي كامل الرأس بوجه خال من الماكياج، فهي محترمة، وان ارتدت النقاب وكانت عزباء فهي مؤمنة تنتظر زوجا صالحا. وان كانت متزوجة فإيمانها زاد بعد زوجها وارادت ان تصون نفسها لزوجها فقط.

الحقيقة الرابعة يا عزيزي القارئ، أن هؤلاء الذين يدافعون عن حرية المرأة في ارتداء النقاب أو البرقع يجهلون أنه قبل بضعة عقود كانت نساؤنا لا يخرجن أصلا من بيوتهن، وان خرجن يخرجن مرتديات جلابيب بلثام، أو رداء ابيض بلثام أسود، وأن التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المنطقة ظهرت على شكل المرأة وطريقة لباسها، وأن هذا النقاب وذاك البرقع ليسا باللباس الديني، ولا علاقة للدين بالأمر، وأنه بكل بساطة هو رمز لتطور سوسيو سياسي تعرفه بلداننا في هذه المرحلة بالذات، لذلك عزيزي القارئ لا تدعهم يضحكون عليك ويخبرونك أن المرأة التي اختارت ارتداء النقاب اختارته بارادتها، بل فعلت يا عزيزي بإرادة السياسيين ورجال الدين وكل أصحاب السلط في هذا البلد.

الحقيقة الخامسة يا عزيزي القارئ، أن الذين يجادلون في النقاب ومنعه، وحرية المرأة في ارتدائه من عدمها، ينسون أو لنقل يتناسون جزئية هامة جدا في هذا الجدال وهو أن أغلب النساء اللواتي يرتدين هذا اللباس يقطن في احياء شعبية، وأن هذه الاحياء ليست هي نفس الاحياء التي تربى فيها اغلبنا، حيث ابن الجيران يدافع عن بنت الجيران، وحيث بنت الجيران تخشى أن يراها ابن الجيران مع غريب، هذه الاحياء الشعبية "الحديثة" مليئة برجال يفهمون أن الدين هو "مراقبة سلوك المرأة"، ورجمها ان هي "لم تصن عفتها"، وأن دليل عفتها هو ذاك اللباس الأسود او الأزرق، الفضفاض، الواسع، الذي يخفي كل ما ظهر.

لذلك، عزيزي القارئ لا تدعهم يضحكون عليك ويخبرونك أن المرأة التي اختارت ارتداء النقاب او البرقع هي حرة، لأن الحقيقة أنها مجبرة على ارتدائه لأن هذه الاحياء الشعبية لا يسمح بالعيش فيها الا من كانت ترتدي هكذا لباس، ولأن هذه الأحياء الشعبية، يا عزيزي القارئ، تفتقر لأدنى مستويات الأمن والأمان، ولأن هذه الاحياء يعيث فيها الجهل وانعدام الأمن، وسطوة التدين، فأين هي الأجواء التي يمكن فيها لهذه المرأة ان تتنفس حرية حتى تختار لباسها بحرية؟

الحقيقة السادسة يا عزيزي القارئ، أنك ان اعتقدت ان من ترتدي تنورة قصيرة، او بنطلونا، ولا تضع لا نقابا ولا حجابا هي تفعل ذلك لأنها متحررة فأنت مخطئ، ستجد الكثيرات منهن يحملن نفس أفكار النساء المنقبات، وستجد الكثيرات منهن يحلمن بـ"الهداية وارتداء الحجاب"..بعد الزواج طبعا، ومنهن من ستعمل على ارتداء الحجاب قبل الزواج من أجل الزواج. من ترتدي تنورة قصيرة في هذا البلد يا عزيزي القارئ أو ترتدي بنطالا ليست بالضرورة أكثر تحررا من المرأة المنقبة أو المحجبة.

الحقيقة السابعة يا عزيزي القارئ، أنك وانت تقرأ هذا المقال وتطلع على صورتي عليه وهي بشعر قصير وحمرة شفاه، تصفني في خانة النساء المتحررات الحرات فقط لأنك تعلمت في مجتمعنا هذا ان تحكم على الناس نساء ورجالا من خلال ما يرتدين، لذلك دعني أخبرك شيئا، أنا لست حرة بعد، فلا زلت أشتري الفساتين القصيرة، والتنانير القصيرة وأنتظر حتى أسافر إلى خارج البلد وارتديها، لأني هنا في بلدي ان ارتديت تنورة أو فستانا قصيرا فلن أسلم من ولولة والدتي، ولا امتعاض أخي، ولا تلصص أبناء الحي، ولا نظرات الناس في الترام، ولا تعليقات المارة مشاة وركابا وسائقين وأنا أمشي في الشارع، هنا في بلدي يكرهون التنورة، يكرهون الفستان، يكرهون الحجاب، ويكرهون النقاب، ويكرهون لباس البحر، هنا في بلدي يكرهون كل ما ترتديه المرأة، وما لا ترتديه المرأة، يكرهون… فقط ليجدوا سببا ليتحدثوا عنه، وفي حديثهم يتلذذون بممارسة سلطتهم على المرأة باسم الدين، الحداثة، الحريات، وأي اسم آخر، المهم أن الحديث عما ترتديه المرأة سلطة لذيذة، ألم تنتبه يا عزيزي القارئ أنني كنت أخاطبك أنت وحدك في جدال المفروض أنه يخص المرأة ومع ذلك لم أسمع صوتها، وسمعت صوتك أكثر مما سمعت صوتها؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد