الإصلاح بالمفهوم العربي

أسلوب معالجة الحكام للأزمات في أغلب الأحيان لا يخرج عن المفهوم الضيق المتعلق بمسألة الأمن القطري، أو الأمن الديني؛ حيث يتركز في اتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة كل خروج عن النواهي الأمنية أو المحرمات الدينية

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/28 الساعة 01:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/28 الساعة 01:23 بتوقيت غرينتش

يفترض بالإصلاح أن يكون عملية منتظمة وفائقة تضمن آلية محددة، فلا يمكن أن نلقي بعض البذور في الحديقة ونتركها مهملة، ثم نعود بعد مدة؛ لكي نجد حديقة جميلة مثمرة، تعطينا الثمار، فنملأ منها السلال.

نحن نحتاج إلى أن نزرع ونروي ونشذب الحشائش بانتظام، إذا أردنا أن نجني المحصول، وهكذا الأمر تماماً فيما يخص الإصلاح بالمفهوم العربي، فدائماً ما تُلقى البذور، وتُترك الحديقة مهملة.

يقول الدكتور إبراهيم ياسين: "الفساد بنية منظمة، وليست مرضاً عارضاً يمكن علاجه، فقد تمت هيكلته على مدار نصف القرن الماضي وحتى قبل الاستقلال"، ومن هنا، فإن عملية الإصلاح لا بد أن تتبع مسار الفساد حتى تصل إلى جذره الأول.

أسلوب معالجة الحكام للأزمات في أغلب الأحيان لا يخرج عن المفهوم الضيق المتعلق بمسألة الأمن القطري، أو الأمن الديني؛ حيث يتركز في اتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة كل خروج عن النواهي الأمنية أو المحرمات الدينية.

من الواضح لنا أن بعض الحكومات العربية غير جادة في تسريع فكرة الإصلاح، التي أصبحت ضرورة مُلحة للخروج من التخلف والهيمنة التي تعصف بالمنطقة، والهم الشاغل لها تركز على حماية مصالح شخصية ضيقة، ومحاربة أي خطر يهددها، سواء كان أمنياً أو دينياً.

إن ما عصف بعالمنا العربي من تغيير نتيجة ما سُمي بـ"الربيع العربي" لم يتعدَّ كونه مجرد تغيير في أصحاب القوة، دون إعادة لصياغة مفهوم القوة.

ما الذي حقاً يحتاجه العالم العربي؟ الإصلاح أم الثورة؟ وكيف يمكن أن يكون هناك إصلاح بلا ثورة؟

في سبيل الوصول نحو إصلاح سياسي اجتماعي ثقافي ديني وفكري مؤسسي حقيقي وفاعل، لا بد أولاً من تحقيق التوافق السياسي المطلوب لإجراء الإصلاحات اللازمة، مع الأخذ بالاعتبار الإصلاح الديني؛ لأنه مرهون بالتغيير السياسي، ومربوط بالنسيج الاجتماعي.

الإصلاح التشريعي والتعليمي في العالم العربي يصبح مُلحاً يوماً بعد يوم إلى جانب الحاجة المتزايدة إلى العمل على عقلنة الحياة العامة، وعقلنة البِنى في السلطة، واعتماد مقاييس الكفاءة.

الإخفاق المشترك بين الدول العربية يتمثل في الاستبداد الفكري بشكل أساسي، وهو المشكلة الأعظم في واقعنا العربي، فالاستبداد الفكري يؤدي إلى استبداد سياسي ووطني يقلب الموازين والمبادئ، والنتيجة ستكون بلا شك تدميراً تدريجياً للفكر السياسي والثقافي، وتمزيقاً للنسيج الاجتماعي والديني، ومن هنا فنحن بأمَس الحاجة إلى ثورة إصلاحية شمولية، بما لا يخرج عن البوصلة الوطنية والقومية.

لا بد أن تكون الثورة والإصلاح في ثنائية متلازمة، وفقط حينما نلغي عامل الانحطاط الأول والرئيسي (الاستبداد الفكري)، حينها فقط يمكن أن نزرع بواعث النهضة والإصلاح، وسوى ذلك فإن مقولة "عبقرية اليهود والغرب وتخلف العرب" ستبقى الوصمة التي تُلازمنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد