أعلن مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، خروج العراق وخمس دول عربية أخرى من نطاق تقييمها للسنة الحالية 2016 نتيجة العوز الحاصل لمعايير جودة التعليم في تلك الدول.
وبيّن التقرير المُعَد نهاية سبتمبر/أيلول الماضي لعام 2015 – 2016، أن العراق وخمس دول عربية أخرى، وهي سوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال، لا تتوفر فيها أبسط معايير الجودة في التعليم، ما يمنعها ويلغي أهليتها للدخول في قالب التقييم الذي غطى 140 دولة في العالم.
ويستند مؤشر الجودة على مؤشر التنافسية العالمي الذي حدده المنتدى الاقتصادي العالمي، وتوضع درجات المؤشر عن طريق جمع البيانات العامة والخاصة المتعلقة بنحو 12 فئة أساسية، تضم المؤسسات، والابتكار، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتعليم الجامعي والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، وتطور الأعمال والابتكار، وهذه المجالات كلها متدهورة في العراق إلى حد فاق الوصف.
وفي هذا الباب، فإن التطور العلمي والتكنولوجي الذي يحصل في العالم استثمر بإيجابية من قِبل كافة دول العالم في تطوير عملية التعليم والتعلم لتلاميذ المدارس بكافة مراحلها حتى بات استخدام الوسائل التكنولوجية من البديهيات التي يجب أن تتوافر في المعلم، إضافة إلى إسناد عملية التعلم بوسائل أخرى غير الكتاب المدرسي.
في المقابل، فإن الحكومة لم تكلف نفسها محاولة تجربة وسيلة تقنية في المنهجية التدريسية أو حتى تطوير في آليات التدريس والشرح.
ويمكن تسليط الضوء على أحد أهم الأسباب في انحدار التعليم في العراق، وهو الفقدان الكامل لتدريب المعلمين، وعدم وضع معايير لقبول الطلبة الراغبين بهذا المجال.
إن من أهم الفروع في حقل التعليم هو التدريب والتأهيل الفعلي والنظري المستمر للمعلم؛ لأن المعلمين يشكلون حجر الزاوية في العملية التربوية برمتها، ويسهم المعلمون في جميع مراحل التعليم ومستوياته في تشكيل عقول الطلبة ومعارفهم وقدراتهم، ويحضونهم على طلب المعرفة في الحاضر والمستقبل ويؤهلونهم إلى حياة سليمة مساهمين بذلك في بنية ممتاز للدولة، فالاقتصاد يتأثر بشكل واضح بجودة التعليم في ذلك البلد.
إن إدراكنا لعظم الرسالة التي يحملها المعلم، ومدى عمق التأثير الذي يحدثه في نفوس التلاميذ، هذا التأثير الذي يحدد بدوره مستقبل الجيل الناشئ، وبالتالي مستقبل الأمة، يفرض علينا أن نحدد الشروط الواجب توافرها فيمن يروم الانخراط في هذا المسلك، وحمل هذه الرسالة بأمانة وإخلاص؛ كي نستطيع أن نخلق جهازاً تربوياً قادراً حقاً على أداء الرسالة، فما هي الشروط التي ينبغي توافرها لدى الراغبين بهذه المهنة؟
يمكننا أن نحدد، على ضوء التجارب التي مررنا بها وبشكل مبدئي مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المعلم، ومنها:-
– توافر الرغبة الصادقة والحقيقية لمهنة التعليم.
– الإيمان برسالة المعلم والقدرة على حملها.
– الإيمان بالمثل الإنسانية العليا.
– الثقافة الواسعة.
أمام المعنيين في الجهات الحكومية بالدرجة الأولى وفي القطاع الخاص، فرص كثيرة وسانحة، لمعالجة الأخطاء التي حدثت في السابق؛ إذ لا بد من رصد هذه الأخطاء وتحديد أنواعها، ومن ثم اقتراح الحلول لها من لدن خبراء ومختصين في هذا المجال، حتى لا يقع فيها التعليم مرة أخرى.
وقد تبدو مهمة تحسين القطاع التربوي التعليمي عسيرة ومعقدة، لكنها في واقع الحال ليست مستحيلة، بل هي واردة وممكنة؛ كونها تتعلق بالتخطيط السليم من المختصين مع وضع آلية سليمة للتنفيذ، مع وجود خريطة عمل واضحة تساندها ضوابط عمل رصينة وحازمة تمنع حدوث الخطأ قبل وقوعه، وهذه مهمة الحكومة والوزارات المعنية؛ حيث يتطلب الأمر بعض الخطوات الإجرائية المباشرة التي تسعى بصورة فعلية لتحقيق هذا الهدف المهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.