الاحتفال بعيد الحب في بغداد يحدث بالتزامن مع معركة تحرير ما تبقَّى من مدينة نينوى التي يخوضها آلاف من أبطال الجيش في ساحات القتال، ممن يقفون في أرض المعارك ويقاتلون في الجبهات ويحققون الانتصارات.
يحتفل قومٌ آخرون من المرفهين جداً السعداء جداً العاشقين جداً.. وأشك في كونهم يحملون هذهِ الصفات صدقاً!
ممن يبالغون ويَبلغون حد الحماقة في أفعالهم مع كل الاحترام لمشاعرهم إن كانت صادقة فعلاً هم لا يكتفون بذلك.
بالتزامن مع خروج البعض للتظاهر ضد الحكومة، ويصرخ البعض الآخر لإجراء تغييرات في اللجان التحضيرية للانتخابات القادمة.
يقيم هؤلاء من طائفة العاشقين كرنفال الحب ويقطعون شوارع العاصمة الرئيسية متجهين صوب اللاشيء، صوب أحلامهم الغربية المستوردة في الدمى المحشوة بفخر الصناعة الصينية.
في الوقت الَّذِي يمارس من كان لهُ يد في كل هذا التجرد والتسطح وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه البلد وما يحصل ويدور فوق أرضهُ.. بالانتصار من "خلف كواليس" هذا المشهد المثير للحزن والشفقة في أعين بعض العراقيين الذين لا يخيفهم شيء، سوى أن تأتي أجيال تعيش وتتعايش مع سطحية الأفكار وفُقر المعرفة والجهل في رؤية القصد الذي يتم إدراجهُ كسُم نتجرعهُ من بين السطور.
سُم قادر على أن يغير تاريخاً ويمحو تاريخاً ويكتب تاريخاً لا يعرف سوى الهزيمة، تاريخاً يفتقد الثورات ولا يعرف ما معنى الانتفاضات.
الخوف من أن تنشأ أجيال تستغرب الطقوس والعادات وبقايا حكايات الجدات، ولا تعرف أن الحب لا يتطلب يوماً، الحب يتطلب توافقاً واتفاقاً من أبسط تفاصيل الحياة لأعمقها، من العائلة يتجه هذا الحب صوب الوطن.
الحب يتطلب احتواء وصفاء وراحة الفكر والقلب معاً.
نحن لا نجيد سوى التظاهر وإقامة المظاهر الشكلية والتمثيل على بعضنا البعض بمثالية تكون أحياناً مبتذلة؛ لأنها تأتي بأوقات ليست مناسبة.
عيدنا ألف عيد لو أحببنا أرضنا.. لو شعرنا بالانتماء لهذا الوطن.. لو ساعدنا وساندنا وتكاتفنا بولاء لعراقيتنا لا لشيء آخر غيرها.
إن جمعنا العراق لن يستطيع شيء مهما كان أن يفرقنا.. إن جمعنا الوطن لن يستطيع سياسي أو رجل دين منافق، أو عنصري أهدافه التفرقة وتشتيت القوى أن يتمكن من تحقيق ما يصبو إليه.. لن يستطيع الوصول لأبعد من تجاهلهُ؛ لأن من يوجه صوبهم رصاصات أفكارهُ يحملون دروعاً من الانتماء ويجمعهم ما هو أكبر بكثير.. يجمعهم وطنٌ وأرضٌ ونهران كشريان القلب والوريد معاً.. يجتمعان في قلوب كل العراقيين حتى يجتمع الحب خليجاً في بصرتهم ونخلاً شامخاً مرتفعة رايتهُ بنصر ومحبة، والكثير من الوفاق والسلام للعيش بين أحضان عراقهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.