أربعة وعشرون عاماً والعالِم الإسلامي الدكتور عمر عبدالرحمن بين أيادي الأميركان.. أربعة وعشرون عاماً في غفوة تلو الأخرى، وإلى متى سيظل الأبرياء هم مَن يدفعون الثمن للظالم الذي لا نستطيع أن نقول له لا؟
أربعة وعشرون عاماً بلا نور، بلا حياة، بلا وطن.. أربعة وعشرون عاماً دفعها عمر عبد الرحمن ضريبة لرفاهية حياة السفهاء الذين توهَّموا الحجارة آلهة، ووضعوا الكفر موضع الشكر، وهو يظن أن هناك قوماً يثأرون يوماً ما ويقولون للظالم لا.
سلام عليك من ابنة جيل آخر لم ترَه عينك، تضم لك قلبها وروحها وتردد وصيَّتك عسى أن يتجدد الصدى على مسامع الآخرين، وعسى أن ترددها ابنة أخرى من جيل آخر.. يتواتر الصدى من جيل لآخر.
أيها المسلمون في جميع أنحاء العالم.. إن الحكومة الأميركية رأت في سجني ووجودي في قبضتها الفرصة السانحة، فهي تغتنمها أشد اغتنام، لتمريغ عزة المسلم في التراب، والنيل من عزة المسلم وكرامته، فهم لذلك يحاصرونني، ليس الحصار المادي فحسب، إنهم يحاصرونني حصاراً معنوياً أيضاً؛ حيث يمنعون عني المترجم والقارئ والراديو والمسجل، فلا أسمع أخباراً من الداخل أو الخارج، وهم يحاصرونني في السجن الانفرادي فيُمنع أحد يتكلم العربية أن يأتي إليَّ فأظل طول اليوم والشهر والسنة لا أكلم أحداً ولا يكلمني أحد.. ولولا تلاوة القرآن لمسَّني كثير من الأمراض النفسية والعقلية.
وكذلك من أنواع الحصار أنهم يسلطون عليَّ (كاميرا) ليلاً ونهاراً لما في ذلك من كشف العورة عند الغسل وعند قضاء الحاجة، ولا يكتفون بذلك؛ بل يخصصون مراقبة مستمرة عليَّ من الضباط، ويستغلون فقد بصري في تحقيق مآربهم الخسيسة، فهم يفتشونني تفتيشاً ذاتياً فأخلع ملابسي كما ولدتني أمي وينظرون في عورتي من القبل والدبر.. وعلى أي شيء يفتشون؟
على المخدرات أو المتفجرات ونحو ذلك، ويحدث ذلك قبل كل زيارة وبعدها، وهذا يسيء إليَّ ويجعلني أود أن تنشق الأرض ولا يفعلون معي ذلك.
ولكنها كما قلت الفرصة التي يغتنمونها ويمرغون بها كرامة المسلم وعزته في الأرض، وهم يمنعونني من صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وأي اتصال بالمسلمين.. كل ذلك يحرمونني منه، ويقدمون المبررات الكاذبة ويختلقون المعاذير الباطلة، وهم يسيئون معاملتي أشد الإساءة، ويهملون في شؤوني الشخصية كالحلق وقص الأظافر بالشهور، كذلك يحملونني غسل ملابسي الداخلية؛ حيث أنا الذي أمر الصابون عليها وأنا أدعكها، وأنا أنشرها، وإني لأجد صعوبة في مثل هذا، ثم إني لأشعر بخطورة الموقف، فهم لا محالة قاتلي.
إنهم لا محالة يقتلونني، لا سيما وأنا بمعزل عن العالم كله، لا يرى أحد ما يصنعون بي في طعامي أو شرابي، ونحو ذلك، وقد يتخذون أسلوب القتل البطيء معي، فقد يضعون السم في الطعام أو الدواء أو الحقن، وقد يعطونني دواء خطيراً فاسداً، أو قد يعطونني قدراً من المخدرات قاتلاً أو محدثاً جنوناً، خصوصاً وأنا أشم روائح غريبة وكريهة منبعثة من جهة الطابق الذي فوقي مصحوباً بها (وَش) مستمر كصوت المكيف القديم الفاسد، ومعه خبط وقرع وضوضاء وطرق كصوت القنابل يستمر للساعات ليلاً ونهاراً، وهم سيختلقون عندها المعاذير الكاذبة والأسباب الباطلة، فلا تصدقوا ما يقولون، إنهم يجيدون الكذب، وقد يختلقون إساءة خلقية ويستخرجون لها الصور، فكله ذلك ينتظر منهم، وأميركا تعمل على تصفية العلماء القائلين للحق في كل مكان، وجاءت التقارير القرآنية عن هؤلاء، ولكننا ننسى أو نتناسى؛ قال الله تعالى: "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا"، "كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّاً ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون"، "لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون"، "إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون".
إن هؤلاء هم الذين يحاربون أي صحوة إسلامية في العالم كله، ويعملون على إشاعة الزنا والربا وسائر أنواع الفساد في الأرض كلها.
أيها الإخوة.. إنهم إن قتلوني -ولا محالة هم فاعلوه- فشيعوا جنازتي، وابعثوا بجثتي إلى أهلي، لكن لا تنسوا دمي، ولا تضيعوه؛ بل اثأروا لي منهم أشد الثأر وأعنفه، وتذكروا أخاً لكم قال كلمة الحق، وقُتل في سبيل الله.
تلك بعض كلمات أقولها، هي وصيتي لكم، سدد الله خطاكم وبارك عملكم، حماكم الله، حفظكم الله، رعاكم الله، مكَّن الله لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم/ عمر عبد الرحمن
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.