بعد انتخاب ترامب.. استهداف غير مسبوق لوكالة الأونروا

لا شك أن محاولات استهداف وتشويه صورة وكالة "الأونروا" إنما هي في الحقيقة استهداف لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، ولإنهاء خدمات الشاهد الدولي على جريمة نكبة فلسطين، وما باتت تمثله الوكالة من ارتباط عضوي بين قضية اللاجئين وحق العودة يُراد التخلص منها بأي طريقة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/30 الساعة 02:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/30 الساعة 02:41 بتوقيت غرينتش

مباشرة بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقبل تسلّمه لمقاليد الحكم في العشرين من يناير/كانون الثاني 2017، أوعزت وزارة خارجية الكيان الإسرائيلي المحتل لأدواتها من مراكز أبحاث ودراسات، بالهجوم واستهداف وكالة "الأونروا"، باختلاق الإشاعات والأكاذيب والفبركات الإعلامية، وتصاعدت وتيرة الاستهداف وبشكل ملحوظ مع بداية عام 2017.

لطالما شكَّلت الوكالة عنصر قلق وإزعاج لرافضي حق العودة للاجئين الفلسطينيين يُراد تصفيتها وإنهاء خدماتها، أو تحويل تلك الخدمات إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أو إنشاء منظمة دولية أخرى تقوم بتقديم الخدمات، وفي مقدمة هؤلاء الرافضين الكيان الصهيوني وحلفاؤه في الإدارة الأميركية، وممارسة كافة أشكال الضغط على الدول المانحة، لوقف مساهماتها المالية في صندوق الوكالة.

تتعمّد مراكز دراسات وأبحاث ومواقع إلكترونية صهيونية فبركة ونشر أخبار كاذبة عن الوكالة، بالإضافة إلى استحداث مواقع إلكترونية باللغة العربية لتضليل القارئ يجري اعتمادها كمراجع لتقارير كاذبة تُكتب باللغة الإنكليزية، يتم تزويدها للأمم المتحدة ولحكومات الدول المانحة للأونروا، فحسب تلك المراكز والمواقع الإلكترونية وحتى بعض الصحف، فإن المناهج الدراسية في مدارس الوكالة "تُعلن الحرب على اليهود"، وتارة أن "الأونروا مرتبطة بحركتَي حماس والجهاد"، وأخرى بأن الأمم المتحدة تموِّل مدارس في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية "تَستخدم كتباً ضد إسرائيل"، وبأن "حركة حماس تستخدم الأونروا لتحقيق أهدافها"، فضلاً عن انتقاد الحكومة الكندية لاستئناف دعمها للأونروا "على الرغم من دعوات العاملين فيها لقتل اليهود"، حسب زعمهم، ومحاصرة موظفي الوكالة للتعبير عن آرائهم،

وعلى سبيل المثال لا الحصر إجبار الناطقة باسم مكتب "الأونروا" في أميركا ليلى مخيبر، على إقفال حسابها على تويتر؛ لأنها غرّدت بـ"أنا أدعم أسبوع الفصل العنصري الإسرائيلي"، وكان أحد تلك المراكز قد وجَّه رسالة للإدارة الأميركية الجديدة باسم الرئيس في 10/11/2016، أي مباشرة بعد يوم واحد من الإعلان عن فوز ترامب، فيها توجيهات وبرنامج عمل للرئيس المنتخب لوقف الدعم المالي للأونروا؛ لأنها "تحرض على الإرهاب"، وأن وكالات حكومية أميركية تدعو للتحقيق "بعلاقة الأونروا بالإرهاب"، وأن بريطانيا تدعو إلى إعادة النظر في الإنفاق على مدارس "الأونروا" التي "تُعلِّم الكراهية"، وغيرها من الاتهامات الباطلة.

إذا كان مصطلح "الإرهاب" يعني انتهاك حقوق الإنسان، واغتصاب ومصادرة الأراضي، وبناء مستوطنات غير شرعية وهدم المنازل، والاقتحامات المتكررة وترويع الآمنين، والتحريض الدائم على الكراهية وقتل العرب والفلسطينيين والمدنيين بدم بارد، والعبث بمعالم المدن والقرى وتغيير أسمائها، واحتلال أراضي الغير، واستجلاب أناس آخرين ليحلوا محل السكان الأصليين، وانتهاكاً فاضحاً وصريحاً للقوانين والقرارات الدولية بحق الأسرى والمعتقلين من الشيوخ والأطفال والنساء.. فلا شك أن الكيان الصهيوني المحتل يتصدر قائمة الإرهاب وحليفه الاستراتيجي الإدارة الأميركية.

لا شك أن محاولات استهداف وتشويه صورة وكالة "الأونروا" إنما هي في الحقيقة استهداف لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، ولإنهاء خدمات الشاهد الدولي على جريمة نكبة فلسطين، وما باتت تمثله الوكالة من ارتباط عضوي بين قضية اللاجئين وحق العودة يُراد التخلص منها بأي طريقة.

ومع تصاعد الهجوم المنهجي والمسعور على وكالة "الأونروا"، خاصة مع تولّي الرئيس ترامب للحكم، لا يمكن اعتبار ما تقوم به تلك "المراكز والمواقع"، إلا تكريساً لساحة أخرى من ساحات الصراع مع الاحتلال؛ لذلك نرى ضرورة وأهمية الاستنفار الإقليمي والدولي لقيام القوى السياسية والشعبية والدبلوماسية والرسمية، لا سيما الدول المضيفة للاجئين، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والأبحاث والمؤسسات الإعلامية، للرد وفضح تلك الادعاءات الكاذبة وأهدافها، والتأكيد الدائم على الضرورة الإنسانية والسياسية لاستمرار الوكالة بتقديم الخدمات الكاملة للاجئين الفلسطينيين إلى حين العودة.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد