الرئيس الغامبي المنتهية ولايته، والخاسر في الانتخابات الرئاسية يحيى جامي يحذر دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (الأكواس) من التدخل في شؤون البلاد، ويتوعد بأن يرد الجيش الغامبي على أي عدوان خارجي، وقررت دول الأكواس في آخر اجتماع لها فرض النتائج الانتخابية الأخيرة في غامبيا بالقوة، التي سقط فيها يحيى جامي.
وكان الرئيس الغامبي يحيى جامي قد تراجع عن الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية في غامبيا، أمام نظيره زعيم المعارضة الغامبية آدم باروا، وطالب بإعادة الانتخابات الرئاسية في غامبيا، وكان الرئيس الغامبي قد اعترف قبل أيام قليلة بنتائج الانتخابات في البلد الإفريقي، وهنّأ منافسه بالفوز بالانتخابات الرئاسية، في لفتة تاريخية فريدة في قارة اعتادت على الانقلابات العسكرية، وفي خبر فاجأ كثيرين، خاصة أن الرجل صعد للسلطة بانقلاب عسكري وحكم البلاد بالحديد والنار منذ سنة 1994م، أي ما يقارب اثنتين وعشرين سنة.
فلماذا تراجع الرجل عن الاعتراف بالهزيمة؟ وهل تعرض لضغوط؟
الحقيقة أن يحيى جامي هو زعيم إفريقي عسكري، والمعروف في العرف العسكري الإفريقي منذ سنوات التحرر والاستقلال أن الانقلابات تجبُّ ما قبلها، وأن لا شرعية في البلدان الإفريقية إلا بأمر جيوشها وما يراه قادتهم، كما أن السلطة في القارة الإفريقية تدار بالتليفون القادم من السفارات الأجنبية، وخصوصاً السفارة الفرنسية التي لها في القارة السمراء باع وصاع وصولات وجولات وتلك سنوات الاستعمار والدول الإفريقية الفرانكفونية شاهدة على ذلك.
كما أن القادة الأفارقة عوَّدوا شعوبهم على عدم احترام نتائج الانتخابات كما اعتادت شعوبهم على تلاعبهم بها وبمصيرهم، وليس يحيى جامي إلا جزءاً من ذلك النسيج الإفريقي المتكامل، فهو انقلابي عسكري أصيل، نظر عن يمينه فلم يجد قائداً إفريقياً احترم حق شعبه في الاختيار، والتفت شمالاً فلم يجد غير العواصم الإفريقية شبه المحتلة من جيوشها، ولسان حاله يقول: لماذا تحرمون علينا ما أحل لنا من خيرات شعوبنا وزعاماتهم؟ أليست العاصمة الغامبية أنغول مثل بقية العواصم في القارة الأم التي اعتادت على حكم الدبابات والموت في سبيل حكم بلدانها؟ في قارة هي الأكثر في العالم من حيث الانقلابات العسكرية، التي يراها كثيرون من عوائق تقدمها لا تقل خطراً عن الأمراض المنتشرة فيها من الشمال إلى الجنوب.
يحيى جامي رئيس إفريقي مثل بقية الجنرالات، رغم أنه يعد الأشرس والأعنف من بينهم، فقد حكم غامبيا طوال عقدين من الزمن بالحديد والنار، ولم تشهد بلاده في عهده أي تقدم سوى انهيار التعليم، وزيادة نسبة الفقر، ورداءة البنى التحتية، ولم تتقدم غامبيا في عهده كما تقدمت بعض الدول الإفريقية، رغم حكم الجنرالات لها، مثل تشاد، بل زاد غضب شعبه عليه، وأكبر دليل على ذلك هو أن الشعب الغامبي ملأ شوارع العاصمة الغامبية أنغول فرحاً وابتهاجاً بسقوط الجنرال العنيد يحيى جامي، وزاد الرجل من نسبة الفرحة والانتصار حين خرج معترفاً بهزيمته، ولكنه عاد اليوم ليعكر صفو الجميع،
وتعود حليمة الغامبية لعادتها الانقلابية القديمة؛ حين أطل في تصريح رسمي عبر التلفزيون الغامبي معلناً رفضه نتائج الانتخابات الرئاسية، ومطالباً بإعادة الكرة مع زعيم المعارضة آدم بارو، وما كل مرة كما يعلم الغامبيون والأفارقة تسلم الجرة، وقد جرب الجميع وعود الرئيس الجنرال وغيره من زعماء القارة الإفريقية، الذين لديهم طريقة واحدة في الصعود إلى السلطة، ألا وهي محاصرة القصور والعواصم وإعلان عزل الرؤساء المنتخبين، وكلهم في ذلك سواء.
فإلى متى سيستمر الوضع في القارة السمراء الموعودة بالانقلابات العسكرية وبحكم الجنرالات؟
وكانت اللجنة العليا للانتخابات في غامبيا قد أعلنت أول ديسمبر/كانون الأول فوز زعيم المعارضة آدم بارو بالانتخابات الرئاسية في غامبيا، بنسبة نحو 45 في المائة، بينما لم يتجاوز يحيى جامي 36 في المائة.
إن الوضع في غامبيا مؤهل للانفجار ما لم يتراجع الرئيس يحيى جامي عن تصريحاته الأخيرة، فقد كانت غامبيا على مشارف انتقال ديمقراطي وتسليم للسلطة في قارة الدبابة والجنرالات.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.