أقر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الجمعة 6 يناير/ كانون الثاني 2017 بحصول عمليات قرصنة استهدفت الحزب الديموقراطي، وذلك عقب اجتماع له مع قادة أجهزة الاستخبارات الأميركية، غير أنه لم يذهب إلى حد تأييد فرضية حصول تدخل روسي لمصلحته في انتخابات 8 تشرين الثاني/نوفمبر.
واللقاء بين الاستخبارات وترامب الذي ستكون له سلط كاملة على أجهزتها بعد أسبوعين، تواصل بعد ظهر الجمعة إثر نزع السرية عن تقرير مؤلف من 25 صفحة يدعم فرضية تدخل روسي في الاستحقاق الرئاسي الأميركي، وهي اتهامات نفتها موسكو.
وجاء في التقرير الذي يستند إلى معلومات جمعها كل من مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي، أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أمر بالقيام بحملة نفوذ" تستهدف تسهيل انتخاب ترامب وتقويض الحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.
تشويه سمعة كلينتون
وأضاف التقرير أن الغرض من الحملة كان "تشويه سمعة كلينتون والتأثير على قدرتها" في الوصول الى الرئاسة وعلى "احتمال توليها" السلطة.
ولفت إلى أنه "من المرجح جدا أن يكون بوتين أراد تشويه سمعة كلينتون لأنه يتهمها علنا منذ العام 2011 بأنها حرضت على خروج تظاهرات ضخمة ضد نظامه في أواخر 2011 وبداية 2012" عندما كانت وزيرة للخارجية الأميركية.
وحذر التقرير من أن موسكو "ستطبق الدروس التي تعلمتها" من الحملة التي أمر بها بوتين خلال الانتخابات الاميركية، من أجل التأثير على الانتخابات في بلدان أخرى وبينها بلدان حليفة للولايات المتحدة.
وأشار التقرير الى أن الحملة التي قادتها موسكو للتأثير على الانتخابات الاميركية جاءت في إطار "استراتيجية اتصال" مستوحاة من الأساليب السوفييتية، من بينها "العمليات السرية، ووسائل الإعلام الرسمية، و(اللجوء الى) طرف ثالث ومستخدمين للشبكات الاجتماعية (…)" يتقاضون أموالا.
وقبيل الانتخابات الأميركية نشر موقع ويكيليكس رسائل إلكترونية مقرصنة تعود إلى الحزب الديموقراطي وإلى أحد المقربين من كلينتون، ما أثر سلبا إلى حد كبير على المرشحة الديموقراطية.
ولم يتم الكشف عن المعلومات الأكثر حساسية في التقرير الاستخباري الذي نشر الجمعة، لكن ترامب اطلع على النسخة الكاملة منه خلال اجتماعه مع قادة الأجهزة الاستخبارية في البلاد.
"حملة سياسية مغرضة"
وقال ترامب في بيان صدر في ختام اجتماعه مع هؤلاء القادة إن أعمال القرصنة المعلوماتية لم تؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وأضاف "مع أن روسيا والصين ودولا أخرى ومجموعات وعناصر خارجيين يحاولون بشكل دائم اختراق البنى المعلوماتية لمؤسساتنا الحكومية، ولشركاتنا وبعض المؤسسات مثل الحزب الديموقراطي، إلا أنه لم يكن لذلك على الإطلاق أي تأثير على نتائج الانتخابات".
وتابع "كانت هناك محاولات قرصنة للحزب الجمهوري، لكن الحزب أقام دفاعات قوية ضد القرصنة، والقراصنة فشلوا".
ووعد الرئيس المنتخب الذي سيتولى مهماته في 20 كانون الثاني/يناير الحالي بوضع خطة لمكافحة القرصنة خلال الأيام التسعين الأولى من ولايته.
وشدد ترامب على "أن الطرق والأدوات والتكتيكات التي نستخدمها لحماية أميركا يجب ألا تعرض على الملأ، لأن من شأن ذلك أن يساعد من يعملون على إيذائنا".
ومعبرا عن وجهة نظر العديد من الجمهوريين، استغل رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان صدور التقرير من أجل اتهام روسيا بالإقدام على "محاولة واضحة للتدخل في نظامنا السياسي"، لكنه شدد على عدم وجود أدلة على حصول تلاعب في الأنظمة الانتخابية بحد ذاتها.
وتابع ريان "لا يمكننا السماح باستغلال هذا التقرير لنزع الشرعية عن الفوز" الذي حققه ترامب.
وأثار التدخل المحتمل لروسيا في الانتخابات الأميركية جدلا سياسيا كبيرا منذ شهرين في الولايات المتحدة.
وفرض أوباما عقوبات على روسيا، خصوصا عبر طرد 35 دبلوماسيا اعتبر أنهم جواسيس، لكن ترامب اعتبر أن ما يحصل هو "حملة سياسية مغرضة" هدفها إضعافه سياسيا.
تهدئة
وقال ترامب في مقابلة نشرتها الجمعة صحيفة نيويورك تايمز "إن الصين قرصنت خلال الفترة الاخيرة نحو 20 مليون اسم في الادارة" الاميركية، مضيفا "لماذا لا يتكلم احد عن هذه المسألة؟ انها حملة سياسية مغرضة".
وفي رغبة واضحة لتهدئة الأمور، وصف الرئيس المنتخب اجتماعه مع جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي)، وجون برينان مدير وكالة الاستخبارات المركزية، والاميرال مايكل روجرز رئيس وكالة الامن القومي، وجيمس كلابر المدير الوطني للاستخبارات، بأنه كان "بناء".
وقال ترامب "لدي احترام كبير للعمل الذي يؤديه رجال ونساء" الاستخبارات.
والتقرير الاستخباري الذي نشر الجمعة تم إعداده بناء على طلب الرئيس باراك اوباما.
ورغم رغبته في إعادة الدفء الى العلاقات الأميركية الروسية، إلا أن ترامب لا يريد بأن يسود اعتقاد بأن لروسيا يدا في وصوله إلى السلطة.
وفي محاولة لطمأنة المسؤولين الجمهوريين، سرب ترامب معلومات تفيد بأنه ينوي تسمية سناتور ولاية إنديانا السابق دان كوتس على رأس الاستخبارات الأميركية وهو المعروف بتشدده تجاه موسكو.