سياسة المغربية لادر الله درها

عندما يتعلق الأمر بأمن المواطن المسكين وقوته وقوت أبنائه، يجب ألا نجامل فلاناً وألا نضع اعتباراً لعلان، وألا تكون أي أموال تجنى فوق راحته، إن أموال العالم لا تساوي شيئاً في مقابل بكاء أم مسكينة على ابنها الذي لا يجد عملاً، وإن أموال الدنيا أولها وآخرها لا تساوي شيئاً في مقابل حسرة أب يرى أبناءه يفترسهم الفقر

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/27 الساعة 01:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/27 الساعة 01:32 بتوقيت غرينتش

تتوجه فرنسا دائماً نحو تقديم المميزات والمنافع لجميع المستثمرين، ولهذا هي الوجهة الرائدة في أوروبا للاستثمار الأجنبي في مجال الصناعة، وإنشاء الشركات، وبسبب سياستها تعد فرنسا هي الدولة الرائدة في احتضان الشركات التي تم تأسيسها حديثاً أكثر من 20 ألف شركة أجنبية ناشطة حالياً.

كما يتم أيضاً مساعدة الشركات من خلال عملية إعفاء ضريبي خاصة بالأجانب، ويستطيع مديرو الشركات المطالبة بإعفائهم من ضريبة الدخل بنسبة تصل إلى 50 في المائة من إجمالي دخلهم.
أعلنت وزارتا الداخلية، والشؤون الخارجيِّة، في زمان غير بعيد، عن تبسيط مساطر استصدار تأشيرة الدخول، بالنسبة إلى رجال الأعمال والفنانين والمشتغلين في حقل العلوم.

السؤال: هل تنتهج فرنسا هذه السياسات حباً في الإنسانية ورحمة بها؟ من الغباء الاعتقاد بذلك، فعلت فرنسا كل ما فعلت؛ لأنه يعود على مواطنيها بالخير والرخاء، وهي لا تتورع أن تأخذ كل يد منتجة وتغريها بالمجيء إليها، ويكفي أنها أصدرت للمغاربة، والمغرب بلد نامٍ، 157.750 تأشيرة في سنة واحدة، ولكنهم ليسوا أي مغاربة، إنهم أصحاب الأموال، إنهم صناع ثروة.

ولكن ما هو حال السياسة المغربية بخصوص هذه الفئة، الجواب بضربة واحدة الضد من فرنسا، عكسها تماماً، تقف منها نقيض من نقيضه، فالسياسة المغربية لها هواية كبيرة في إنهاك دافعي الضرائب، وأفقر عدداً كبيراً منهم، حتى بلغت نسبة الفقراء، حسب إحصاء الدولة نفسها، 15% وضع مليون علامة استفهام، والبطالة التي ارتفعت من 9.6% إلى 10.1% وضع مليوني علامة استفهام أخرى، وبغض النظر عن أن الناس الناجحين يفرون وفي انخفاض مستمر، وهذا ينعكس سلباً على قطاع كبير من أبناء الوطن.

هناك استوطن أناس تمكن منهم المرض والفقر والجهل، لا يملكون عملاً ولا يملكون بيتاً، ولا لديهم مال ولا لهم أقارب وأسر في داخل الوطن استبد بهم اليأس فرمى بهم في الشارع، أتكلم عن الأفارقة الذين تم زرعهم في داخل الجسد المغربي، المنهك أصلاً والمريض منذ سنين، والذي يعاني منذ عقود، لقد تلقت الرباط أكثر من 27 ألف طلب لتسوية أوضاع المهاجرين في المرحلة الأولى، ولأن هناك كلاماً عن مرحلة ثانية، مَن المستفيد من سياسة كهذه؟ الشعوب الأوروبية الغنية والخاسر الشعب المغربي، الذي عليه أن يطعمهم، وعليه أن يدفع لمن يراقبهم، وأن يبني سجوناً لكي يؤوي قطاعاً كبيراً منهم، أو عليه أن يستقبلهم كل يوم 20 مرة وهم يتسولون في الإشارات المرورية.

لقد نبذهم الاتحاد الأوروبي وفضل أن يعطي المال على أن يستضيفهم، كما نبذتهم الجزائر واتهمتهم بنشر الأمراض الفتاكة، من بينها الإيدز، محذرة المواطنين من الاحتكاك بهم، كما اتهمهم مسؤول جزائري بـ"امتهان الدعارة والتسول والنصب والاحتيال والسرقة والشعوذة"، وطالب الدولة الجزائرية بأن تتخذ التدابير اللازمة والعاجلة لوقف الكارثة التي سلطت عليهم، وإن نحن نظرنا بعين الحقيقة فهذا ليس بعيداً، بل هي نتيجة منطقية لا يمكن تغييرها إلا بمعجزة.

وإن نحن تكلمنا عن مداخيلهم، فسنجدها تخبرونا بكل ما هو آتٍ، إنه حقاً لا يطمئن أحداً، فحسب دراسة حديثة، صرح 59.4% بأنهم لا دخل لهم، في حين اعترف 18.8% بالتسول مصدراً لمداخيلهم، و7.9% يتلقون مساعدات من جمعيات خيرية. الدراسة تناولت أيضاً دخلهم الشهري، فبينت أن أغلب المهاجرين (41.9%) لهم دخل شهري يتراوح بين 44 و88 يورو، في حين يقل دخل 23.3% عن 44 يورو، كما يعيش ثلثاهم في غرف جماعية بينما 10.4% ليس لهم مسكن.

أناس في مثل هذه الظروف محكوم عليهم بامتهان السرقة والنصب والاحتيال، والدعارة والتسول، واتخاد الجريمة طريقاً، وتمكن المرض منهم وبعدها تعميمه على المغاربة كافة، ومحكوم على دولة في ظل هذه الأوضاع زيادة مصاريفها، ومحكوم على شعبنا المسكين بأداء تلك الفاتورة، علينا أن ننتهج مع العضو المريض حلاً من اثنين، إما معالجته أو بتره، لا احتقاراً له بل حماية لسائر الجسد، ولما كان الشعب المغربي لا يستطيع المعالجة، الواجب هو البتر، والبتر هو إعادتهم إلى أوطانهم، يجب أن نحمي الجسد المغربي لا أن نضيف له أمراضاً أخرى.

إننا لا نقول هذا؛ لأنهم سيئون بالفطرة لا وألف لا، إنما نقول هذا؛ لأن الأوضاع التي هي تحت سطوتها والأوضاع التي نحن فيها، تجعل من الجريمة حلاً لكل مشكلاتهم اليومية، وتجعل المعاناة نصيبنا، أياً كان جنسهم، وأياً كان لونهم، وأياً كان دينهم، وأياً كان عرقهم، فنتيجة واحدة معروفة سلفاً، وإن كانت الشعوب الأوروبية لا تستطيع أن تؤويهم، فمن باب أولى ألا يستطيع الشعب المغربي الذي يئن تحت الفقر، والذي ينزف في صمت.

عندما يتعلق الأمر بأمن المواطن المسكين وقوته وقوت أبنائه، يجب ألا نجامل فلاناً وألا نضع اعتباراً لعلان، وألا تكون أي أموال تجنى فوق راحته، إن أموال العالم لا تساوي شيئاً في مقابل بكاء أم مسكينة على ابنها الذي لا يجد عملاً، وإن أموال الدنيا أولها وآخرها لا تساوي شيئاً في مقابل حسرة أب يرى أبناءه يفترسهم الفقر، فلترجعوا إلى رشدكم، سامحكم الله.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد