في عالم تتصاعد فيه أعمال العنف، ويبدو فيه أن الأخبار السياسية والعسكرية هي أكثر ما يشغل العالم العربي، حيث تعيش الدول العربية حالة صراع مستمر، بداية من فلسطين ومروراً بالعراق وسوريا واليمن، يبدو أن هناك مواضيع أخرى تؤثر على حياة المواطن العربي وغير العربي، لكنها لا تحظى باهتمام حقيقي من قبله أو من قبل الآلة الإعلامية التي تغطي اهتماماته.
وصول العالم إلى المريخ اليوم أو إرسال مركبة جديدة إليه تحطمت على سطحه، لا يعني المواطن العربي كما تعنيه الأخبار السياسية والاقتصادية الأخرى التي تمس حياته بشكل مباشر، لكن ماذا عن مشاكل الاحتباس الحراري التي تؤدي لكوارث طبيعية واجتماعية أخرى؟
لا توجد حقبة تاريخية تشبه الفترة التي نعيش فيها الآن، وذلك من خلال الاختراقات العلمية الكبيرة التي حققتها البشرية على جميع الأصعدة، حتى باتت تسمى هذه الحقبة بالحقبة العلمية، فباتت العلوم تغير جميع نواحي حياتنا وتتدخل في تفاصيلها الدقيقة والصغيرة، فلم يعد الإنسان يحتاج الذهاب إلى المستشفى، على سبيل المثال، لإجراء التحليلات اللازمة قبل عملية القلب على سبيل المثال، فأجهزة متناهية الصغر من الممكن أن تزرع داخل جسده وتقوم بنفس العمل الذي كان يحتاج فيما مضى لعدد من المتخصصين والخبراء.
فالعالم العلمي اليوم وصل إلى آفاق لم نكن نتخيلها في فترة سابقة، فوصل الإنسان لإمكانية إقامة حياة على كواكب أخرى غير الأرض، وبات عدد من رجال الفضاء يقضون أشهراً كاملة في محطة الفضاء الدولية، تصل إلى سنة في بعض الحالات، كما تجاوز العلم مرحلة التقنيات متناهية الصغر فبات قادراً على الوصول إلى تصوير والتعامل مع جزيئات صغيرة للغاية، وخلق مجتمعات كاملة من أجهزة متناهية الصغر تستخدم في الطب والجيش والتجسس وغيرها.
على صعيد آخر، تمكن العلماء من الوصول إلى إنتاج تقنيات تمكننا من لبس التكنولوجيا، والوصول إلى علاج أمراض كان مجرد التفكير في حلها أمراً مستحيلاً في السابق، كما تمكننا من إحداث اختراقات علمية حقيقية تجعل النقل أسهل والسفر أبسط والتواصل بين البشر أكثر أماناً من أي وقت مضى.
إن المشاكل التي يعانيها العالم العربي في مجملها مشاكل لها علاقة بالعلوم والتقنية، وتستطيع العلوم أن تحل جزءاً كبيراً منها، حيث تعمل مراكز أبحاث كبيرة على مثل هذه القضايا يوماً بعد يوم، فعلى سبيل المثال مشاكل الطاقة التي يعج بها العالم العربي، حيث انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، وصعوبة الوصول إلى حل لمشكلة الطاقة، يمكن أن تحله الوسائل الحديثة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، ولعل عرض هذه الأفكار وتبسيطها للمتلقي العربي يكون ذا فائدة أكبر.
تعتمد دول كثيرة على علمائها لحل المشاكل التي تواجهها، ثم تصنع وعياً جماعياً لما توصل إليه العلم من خلال بث هذه الاختراعات والاكتشافات من خلال القنوات الفضائية والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، محدثة بذلك وعياً جماعياً فعالاً وطارحة أفكاراً إضافية يمكن للمجتمع أن يتفاعل معها.
وُجدت العلوم في الأساس بهدف تخفيف المشاكل المتعلقة بحياة الإنسان وجعل حياته أكثر سهولة، ثم واصلت تطورها لتبلغ به ما بلغه اليوم، لكن المشاكل الأساسية للإنسانية اليوم واحدة، ويمكن لنفس الحلول العلمية أن تكون مفيدة في عدة أماكن من العالم، فعند معرفتنا أن ناسا ستعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية بداية من 2017، لتكون بغنى كلي عن جميع مصادر الطاقة غير النظيفة يعطي هذا الأمل الأكبر لشباب عرب تعاني بلادهم نفس المشاكل وتحفزهم على العمل لإيجاد حلول خاصة بمناطقهم بعيداً عن الحكومة وما تقدمه.
من جانب آخر، فإن معرفة أن هناك إمكانية للحل تدفع الكثير منا للعمل على إيجاد الحل المناسب فعلاً، فدولة كدولة الإحتلال الإسرائيلي تجاوزت الكثير من العقبات المتعلقة بوجودها من خلال دعم العلم والعلماء فيها، فحلت على سبيل المثال مشكلة المياه التي تواجهها، كما تواجهها دول عربية أخرى كثيرة، مما يدفع بنا للتفكير في كيفية الاستفادة مما وصلوا إليه للوصول للتعامل معه.
إن صناعة نجوم علميين عرب، سيبقى الهدف الأهم لعبور مرحلة الضعف العلمي التي نعيشها، ولا بد من تحفيز الشباب العربي للتوجه إلى الاختراعات والعمل العلمي، وإنشاء الروابط الأساسية لهذا الأمر، وذلك من خلال تسليط الضوء على النجاحات العلمية التي غيرت شكل العالم في الآونة الأخيرة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.