تسبب تراجع اهتمام الشباب الياباني بالحب الحقيقي في خلق أزمة زواج وأزمة علاقات، مما أدى إلى تخلي الشباب عن فكرة العثور على شريك واللجوء إلى الوقوع في حب شخصيات خيالية في ألعاب الإنترنت وألعاب الفيديو.
ووفقاً للأستاذ ماساهيرو يامادا، عالم الاجتماع في جامعة تشو في طوكيو، الذي صاغ عبارة "العزاب المنبوذون" لوصف هذه الظاهرة، فإن ارتفاع معدلات العذرية ناتج عن انعدام الرغبة في وجود أي نوع من العلاقات "الحقيقية"، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وأظهرت البحوث التي أجريت مؤخراً من قبل الحكومة اليابانية أن حوالي 30٪ من النساء غير المتزوجات و 15٪ من الرجال غير المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 29 اعترفوا بوقوعهم في حب مع إحدى شخصيات الألعاب الإلكترونية – كما اعترف أكثر من 24٪ من هؤلاء النساء و 11 ٪ من الرجال بالوقوع في الحب مع نجم موسيقى أو ممثل.
صناعة "الحب الافتراضي"
وقال يامادا إن صناعة "الحب الافتراضي" في اليابان التي تقدر بملايين الجنيهات، تعكس وجود عدد متزايد من الناس الذين ليس لديهم شريك حياة حقيقي. بل إن هناك مصطلحاً عامياً، "مو"، يعبر عن أولئك الذين يقعون في الحب مع شخصيات الكمبيوتر الخيالية، والذي يتيح للمستخدمين ضبط مزاج وشخصية الشركاء عبر الإنترنت، ويستهدف النساء والرجال على حد سواء. ثقافة فرعية كاملة، بما في ذلك الغرف الفندقية حيث يمكن للنزيل أن يصطحب "شريكه الافتراضي" من أجل قضاء عطلة رومانسية، ظهرت بصورة متزايدة في اليابان على مدى 6 أو 7 سنوات الماضية.
لكن يامادا يقول هذا ليس سوى جزءٍ صغير من المشكلة، التي لها جذورها في الثقافة التقليدية. الشباب يريدون الزواج التقليدي وسوف ينتظرونه. وهم لا يريدون العيش مع شريك أو إنجاب أطفال خارج إطار الزواج – فاليابان بها أدنى معدل المواليد خارج إطار الزواج في العالم بنسبة 2.2٪، مقارنة مع بريطانيا 47٪.
فقدوا الأمل في العالم الحقيقي
يسمي يامادا الشباب المضطر للعيش مع الوالدين لأسباب اقتصادية بـ"الطفيليين"، ويزعم أن هذه الظاهرة تفسر تراجع عدد السكان هذا العام في اليابان بسبب انخفاض معدل المواليد. يقول "إن الأطفال لن يولدوا ما لم ينجح الرجال والنساء في تكوين علاقة زوجية. ليس الزواج فقط هو ما يتراجع في اليابان، ولكن حتى الارتباط العاطفي".
ويضيف يامادا "بالنسبة للبنات على وجه الخصوص، يعتبر منزل العائلة هو المكان الذي يمكنهم البقاء فيه تحت جناح والديهم حتى يأتي شريك الزواج المثالي. بدلاً من الاضطرار للارتباط برجل دخله غير مستقر، يمكنهم البقاء في المنزل على أمل أن يأتي رجل مقتدر، عاجلاً أو آجلاً، يستطيع تحمل مسئوليات الزواج. ربما هذا هو أحد الأسباب التي تجعل الشباب اليابانيين عازفين عن تكوين العلاقات".
"بطبيعة الحال، هناك نسبة معينة من البنات تلتقي في نهاية المطاف بشريك أحلامها، ولكن معظم الفتيات ينتهي بهن المطاف بالبقاء مع والديهم".
كما يعتقد يامادا أيضاً أن "الأبناء الذين لا يتمتعون باستقرار الدخل يختارون البقاء في منزل العائلة. قد يتوقع منهم أن يتزوجوا ويخرجوا إذا ارتفعت أجورهم بما فيه الكفاية، أو إذا التقوا بامرأة تعتقد أن دخلهم يكفي. ولكن هذا لا يحدث في أغلب الأحيان. ونتيجة لذلك، فإن عدد الأبناء الذين لا يزالون يعيشون مع الوالدين في تزايد".
وقال يامادا إن هناك الآن فجوة في التوقعات، فالكثير من الشباب فقدوا الأمل في العالم الحقيقي، وتحولوا إلى عالم أجهزة الكمبيوتر، حيث يمكنهم التحكم بـ "حياتهم".
وحذر البروفيسور أدريان فافيل، عالم الاجتماع في جامعة ليدز، الذي شارك مؤخراً في ندوة مع يامادا في لندن، ضد فكرة وجود جيل "مختل" في اليابان، قائلاً إن الغرب يحب المبالغة في تصوير "غرابة" الشباب الياباني. وقال إن انخفاض عدد السكان ليس بالضرورة "خبراً سيئاً".
وأضاف "هل يتفرد الشباب الياباني بخاصية الافتتان بنجوم السينما والغناء؟ أو بـ "الوقوع في الحب" على شبكة الإنترنت؟ أنا لا أظن ذلك".
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.