مع اقتراب قمة المناخ بمدينة مراكش، نلاحظ بدء الأشغال في كل مكان، إعادة رصف الطرق، غرس الأشجار، تشطيب الطريق، تبييض الجوانب، وضع الرايات، صباغة الرصيف، حتى الحيطان والبنايات تتزين، ارتباك يحيط بكل المسؤولين، كل حسب مسؤوليته، كل هؤلاء يرتعدون ويرتعشون ويتغير لونهم عند اقتراب موعد التظاهرات الدولية ببلدنا.
ولكن قبل التخطيط لتنظيم قمة المناخ، علينا التفكير أولاً.. هل نحن فعلا بلد يحترم المناخ والبيئة؟ هل هنالك قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه الإضرار بالبيئة والمناخ في بلدنا؟ وما هي الميزانية المخصصة لتزيين مدينة مراكش لاستقبال هذا الحدث؟ ومن ساهم في هذه الميزانية؟
أخيراً وقبل أشهر، قرأت في إحدى الجرائد أن هناك فشلاً في الحوار الاجتماعي، حول الزيادة في أجور العمال الفقراء بداعي الأزمة وعدم توافر السيولة، واليوم نسمع أن الميزانية المخصصة لهذه التظاهرة، فقد رصدت عند الإعلان عنها ما يناهز 300 مليون درهم، بينما تكلف هذه القمة ما بين 800 و900 مليون درهم، كان من الأجدر أن تستثمر هذه الأموال في فك العزلة عن إخواننا في الجبال، للتخفيف من معاناتهم، أو دعم البحث العلمي، أو تسديد الديون لصغار الموظفين والإجراء "كنوع من التحفيز".
وإن كان التغير المناخي واقعاً عالمياً، فهو ليس مشكلة مهمة بالنسبة للمغاربة في الفترة الحالية، إذ إننا نعاني أولاً من الفساد، المفسدين، الفقر، الهشاشة، حقوق الإنسان وكرامته التي تنتهك في كل مكان، ولعل أكبر المؤثرين في التغير المناخي والاحتباس الحراري -ليس المغرب- بطبيعة الحال، بل هي مجموعة الدول الصناعية الثماني (G8)، هذه الدول العظمى بعدما حققت الديمقراطية وكرست حقوق الإنسان في بلدانها والتنمية والرفاه الاجتماعي، توجهت لمشكلة المناخ بضغط من العلماء والمجتمع المدني، فما لنا وما لهم؟ نخسر الغالي والنفيس لنقول لهم نحن دولة متقدمة.. رغم أنهم يعرفون أننا لسنا كذلك.
على أي يكفينا فقط ما قدمته لنا الوزيرة الحيطي من استعدادات قدمتها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، بقطع الميكا من الأسواق، وجلبها للنفايات الإيطالية، وحرقها بالمغرب لتصفية الجو الأوروبي وإرضاء أسيادها بروما، وأنا على يقين أنه لن تكون هناك أية فائدة من تنظيم كوب 22.. إلا بعض النفايات التي سيخلفها المؤتمرون.. والسياحة كما تعلمون… "الخبار في راسكم".
وفي الأخير أعلم أن ما أكتبه قد لا يروق للجميع، ولكنني أؤمن أن الصحافة الحرة هي من تقول للحاكم ما يريده الشعب، ولا تقول للشعب ما يريده الحاكم، عكس ما يقوم به من نفضوا عن عقولهم النزاهة والاستقلالية ليسخروا أقلامهم إلى من يدفع أكثر، بعد أن انتشرت بينهم لغة خاصة من قبيل "الكاميلة"، و"القهيوة"؛ حيث ألقوا بقيم ومبادئ وحياد السلطة الرابعة، ودخلوا في تحد جديد يراهن على الاغتناء السريع وحرق المراحل، وذلك من خلال خدمة ذوي الذمم الضيقة
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.