لم يُقتَل أحد الليلة، بالتأكيد خبرٌ كاذب، أيعقل أن تشرق الشمس على هذا الكوكب دون أن يقتل أحد؟ ما هذا الهراء؟ أيعقل أنه لم يكن هناك براميل متفجرة في حلب ولم تتم تصفية العديد من الأطفال والنساء برمشة عين؟ أمِنَ المُصدقِ بأنَ بغداد لم توجد بها سيارةَ مُفخخة وتم نسف العديد من الأرواح؟ أتشرِقُ الشمس على مسرى النبي دون أن تتم تصفية أحدهم بدمٍ بارد، إذ كُل هذا لم يحدث؟ ألم يكن هنالك نعوش سابحة في أحد البحار بسبب قضية فسادٍ أو هربٍ من قلة الحيلة في بلدهم؟!
أأنتم تصدقون أن العالم يستطيع أن يصحو بدون فطوره الدسم على أرواح مئات الأبرياء، أو أن يكملَ فنجان قهوته دون أن يرى كمية الدم التي تسفك في كل يوم؟ أنا لا أصدق.
خبر مقتل أحد في هذا الكوكب أصبح أمراً أشد من اعتيادي على الأغلب بأنه من أحد روتينيات المئات بأن نستمع لأخبار مقتل العديد من الأرواح أثناء وجبات طعام أو فيما بينها فعند البعض أصبحت كنكهات طعام لا يستساغ دونها.
عندما يقوم الله بنفخِ من روحه في جسدِ أحدهم، فهو بجلاله لم يهبه هذه الروح عبثاً أو لينتظرَ من أحدهم أن ينتزعها بضغطةِ زناد ورصاصة قاتلة، من الممكن أن تكون متعمدةَ أو طائشةَ أو لاهيةَ.
ولكنا لو بقينا على رصاصات بأنواعها فهو أمر مستساغ على هذه الأرض، فلقد كَبُرَتْ ونَمَتْ تلكَ الرصاصات لتتحولَ وتصبحَ أشدَ وأقوى بأنواعها الفتاكة، وأدوات القتل كُثر وضحيةُ واحدة شخصٌ لم يجدْ حقهُ الذي كُتِبَ في نصوصِ ودساتيرِ العالم بحرمة القتل وعقابه، أمِنوا العقاب واستلذّوا القتل والدمار ونشر الفساد في الأرض.
عالم مزرٍ يستيقظ على نغمات القنابل والمتفجرات في شرقهِ، وينامُ على إيقاع مؤتمراتِ السلام في غربه، تزدادُ سنواتُ عالمنا ليزدادَ فصائلهُ وأحزابهُ وجماعاتهُ وإرهابه.
لو استطاعتْ أن تتحدث كُرَتُنا الأرضية ذات يوم للفظتنا جميعاً وأبعدتنا عن جمالها، فنحن لم نعطِها بقدر تدميرها، ولم نحنُ عليها يوماً كما حَنتْ علينا، نأخذ منها لندمرها ومع هذا سمينا أنفسنا حماةً عليها؛ لتستريح ضمائرنا عندما نخلد لفراشنا، وسماؤنا الحزينة ما بالها تبكينا بمطرها مُحاولةً غسلَ عارَ وحقدَ قُلوبِنا، لكن هيهات أن يحدث ذلك، ستتغير وتتبدل فصول الأرض، وبنو البشر هم أنفسهم لا يُوَدون التغيير.
فكيف التغيير والأطفال في صغرهم كانوا يلعبون "وقعتْ حربٌ بيننا" فيقومون باختيار دولتين، ويتخيلون الحربَ حدثت بينهم، لكن تلك التخيلات كلها أصابت بلداننا العربية، التي تستيقظ بها الأم لتلقي نظرة وداع على طفلها أو زوجها قبل مغادرتهما؛ لخشيتها أن يحدث تفجيرٌ في مكان دراسةٍ أو عمل في ذاك اليوم.
تشعر وأنت تشاهد مسرحية القتل هذه التي بدأ بها الشيطان ولن ينهيها سوى قيام ساعة، أنك لست بحاجة إلا للبحث عن ستارة النهاية لعلك تنزلها وتنقذ روحاً أو اثنتين، لعلهم يعيدون الحياة لتضيء هذا الكون مرة أخرى، لكن هيهات! فستارة قد مُزقت وسُرقت قبل أن تُنزل؛ ليبقى العالم في إضاءة الدمار وألوانه 24 ساعة.
لسان كل عربي يقول: "لعنَ الله الحرب" فقد يتَمتْ وانتهكتْ ودمرتْ حقوق الملايين، وزرعتْ أنيابها في قلب ودمعة كل عربي وإنسان رأى الظلم، واحتقره، وحاول جاهداً أن يغير العالم من نزعته الطائفية والدموية والتعصبية، فترى كلاً منّا يتعصب ويتحيز لدولته وعِرقه، وكأنه لم يخلق له من قبلُ مثيل، فلا يذكرنا هذا إلا بإبليس فهو من بدأ هذا التحيز والتعالي، عندما أمره الله بالسجود لآدم، تكبر إبليس مستكبراً وقائلاً: "أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين"، وعلى نفس الخطى يسير عالمنا للأسف، فلنعد لقول الرسول عندما قال: "لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى"، فلا تحقرن أحداً، ولتكن أنت أقل منه ولا تدري، ولتُعلِ شأن بلدك واسمك بإنجازاتك وعملك، وليس بالنزاع والقتل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.