أصبح مؤكداً لدى المواطن اﻷردني بما لا يحمل قدراً من الشك، أن وظيفة رئيس الوزراء هي عبارة عن وظيفة تشريفية بشكل مطلق، فبالرغم من أن الوظائف الرسمية في اﻷردن، كما باقي بلدان العالم النامي، هي عبارة عن وظائف تشريفية وليست تكليفية أيضاً، فإن وظيفة رئيس الوزراء هي أكثرها تشريفاً من غيرها.
يثبت من يتقلد هذه الوظيفة في اﻷردن وكأنه كان ينتظر دوره ليتم تشريفه وعائلته وعشيرته بها، وهذا يبدو واضحاً من أسلوب وشكل القرارات التي يتخذها، ربما أنه يعتقد أيضاً أن هذه الوظيفة من أحد حقوق عائلته وعشيرته المكتسبة، فمهما كان رئيس الوزراء اﻷردني غير معروف، حتى تكتشف في النهاية أن والده أو أحد أجداده قد تقلد هذا المنصب يوماً، لقد بتنا نعتقد -نحن المواطنين اﻷردنيين- أن هذا التوارث للوظيفة هو أهم معيار ربما الذي يتم على أساسه اختيار رئيس الوزراء اﻷردني القادم، والذي يرشحه بقوة لتقلد هذا المنصب أكثر من غيره.
أيضا فمن اﻷمور التي تدعم فكرتنا هذه حول التشريف، هو أنه لا فائدة من إعفاء رئيس وزراء واﻹتيان بغيره، ما دامت نفس القرارات التي تتخذ من قِبل رؤساء الوزراء المتعاقبين، لم نجد يوماً تلك الاختلافات الجوهرية في أسلوب اﻹدارة الحكومية! لم نشهد رئيس وزراء أردنياً واحداً، وكان يملك برنامجاً حقيقياً، أو سياسة اقتصادية تهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطن مثلاً، أو جلب الاستثمارات وتحريك عجلة الاقتصاد والقضاء على الفقر والبطالة، أو تشجيع وحماية الصناعة المحلية، أو تطوير قطاع السياحة، أو أي شيء، أي شيء! هذا مرده إلى أسلوب اختيار رئيس الوزراء، فهو لا يتم اختياره بناء على البرامج والخطط التي سيعتمدها وحكومته، هو يتم اختياره بناء على انتظار الدور والحق المكتسب وتوصيات المحاصصة العشائرية؛ لذلك نجد أن قراراته عبارة عن ورقة مكربنة لمن كانوا قبله، كلها نفس القرارات التي يكون معظمها عبارة عن رفع اﻷسعار، وزيادة في الضرائب، وخلق ضرائب جديدة، وخضوع تام لإملاءات البنك الدولي، وأكثر ما يفعله رئيس الوزراء اﻷردني هو البحث عن مصادر جديدة للقروض ولسد عجز الموازنة، هذا العجز الدائم والمستمر الذي لا نهاية له! هذه القروض التي عادة ما تعود على المواطن بنفس التغذية العكسية من انخفاض لمستوى المعيشة، وانخفاض للقوة الشرائية للدينار اﻷردني.
فمثلاً ها هي حكومة الدكتور الملقي الجديدة فور تشكيلها قامت بتوقيع برنامج تصحيح جديد مع صندوق النقد الدولي يقضي بـ:
* رفع أسعار السجائر.
* رفع أسعار الكحول.
* رفع أسعار المحروقات.
* رفع رسوم تسجيل المركبات 100%.
* التراجع عن خفض الضرائب على اﻷلبسة واﻷحذية.
* وضع إطار جديد للإعفاءات الضريبية تتقلص بموجبه إعفاءات اﻷفراد من ضريبة الدخل.
* رفع أسعار الكهرباء مطلع 2017.
إذن ما الفائدة من إقالة النسور وحكومته؟!
وهل مثل هذه القرارات يحتاج اتخاذها إلى رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة؟!
هل الرضوخ إلى إملاءات البنك الدولي يحتاج إلى رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة، ما دامت هذه وظيفة رئيس الوزراء اﻷردني اﻷزلية؟!.
الفائدة الوحيدة ربما من تغيير الحكومات اﻷردنية ورؤسائها هي تحميل جيب المواطن اﻷردني المزيد من الرواتب التقاعدية لوزراء جدد، واﻹتيان بغيرهم لا أكثر! وهذا ما قصدنا به "مكربن الحكومات اﻷرنية"، فهي لا تعدو كونها تكراراً مملاً وفاشلاً لحكومات يتشرف أصحابها بوظائفهم لا أكثر، ولا يعملون قيد أنملة لمصلحة الوطن والمواطن.
فالمواطن اﻷردني بات اﻵن بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لحكومة أردنية تتبنى برنامجاً حقيقياً وجاداً يركز على نشل المواطن من فقره وفاقته وحاجته، لا برنامجاً للجباية البحتة، وعدا ذلك فقد يتحول يوماً هذا الكربون الحكومي الفاشل، والتكرار المستفز للجباة عديمي الخبرة والمسؤولية، إلى شيء قاتل، عندما يدفع ذلك المواطن إلى حد يصبح معه غير قادر على تحمل المزيد من الكبت والسكوت، فينفجر الوضع في وجه الجميع.
احذروا ثورات الجياع المقهورين أيها اﻷوغاد الجهلة، فثورات أمثالهم لا تُبقي ولا تذر، وقد أعذر مَن أنذر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.