أثارت تصريحات دونالد ترامب، المرشح الجمهوري إلى رئاسة الأميركية، في شريط فيديو عائد إلى سنة 2005، جدلاً واسعاً في العالم، لا سيما أن ترامب يعترف باعتزاز بأنه أمر طبيعي أن يتحرش بالحسناوات، وأن يقبّلهن ويذهب أحياناً إلى أبعد، معتبراً أن النساء يرحّبن بسلوكياته الجنسية؛ لأنه يتمتع بسحر "النجومية"، وطالما أنه نجم بوسعه أن يفعل ما يشاء.
دونالد ترامب بصراحته يحيلنا إلى علاقة "العظماء"، من بينهم سياسيون أو أثرياء، بالنساء، إذ إنهم عندما يبلغون المراتب العليا يدأبون على إشباع غريزة العظمة لديهم التي تكتسي فيها النساء الجميلات والرشيقات مكانة خاصة، ونستحضر هنا علاقة الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي مع أسطورة الإثارة مارلين مونرو، وفضائح زوج المرشحة هيلاري كلينتون وقصته مع مونيكا لوينسكي، في تسعينات القرن الماضي.
من الواضح أن الغرب الذي طالما انتقد مكانة النساء في العالم العربي عبر تنديده لما تتخبط في المرأة العربية من معاناة وإقصاء، ما زال هو أيضاً عاجزاً عن تخلص من صورة الحريم التي تغذي غريزة العظمة لدى نجوم أمثال ترامب، بحيث يصبح بوسعهم أن يختاروا أجمل النساء ويغازلوا أجساد الباقيات المتلهفات إلى الارتماء بين أحضان رجل يجمع ما بين السلطة والمال، وهذا ما تختزله تصريحات الزوجة السابقة لنيكولا ساركوزي، إذ تقول: "منذ اللحظة الأولى التي صار فيها نيكولا وزيراً للداخلية (قبل أن يرتقي إلى رئاسة الجمهورية) انقضّت عليه النساء مثلما يفعل الذباب"، إن العظمة تجعل من هبّ ودب أميراً وتحرك في بعض الحريم مشاعر الإعجاب بهم فقط لأنهم ينتمون إلى المراتب العليا ومكانة مرموقة اجتماعياً ويتصدرون المجلات والصحف، ما يجعل من التقرب من هذه العينة من الرجال فرصة للحريم لإثبات حضورهن الاجتماعي وعرض أجسادهن الرشيقة، حسب معايير الإثارة العالمية التي تستجيب لذوق الرجال العظماء.
السوسيولوجية المغربية فاطمة المرنيسي كانت من الباحثات اللواتي كشفن عن وجود الحريم الغربي، بحيث لم تأسرها قيم حرية المرأة التي يتغنى بها المجتمع الغربي، بل عرّت واقع الحريم في الغرب، قائلة: إن العنف الذي يتسربل به الحريم الغربي ليس ظاهراً بقوة؛ لأن ذلك العنف مغلف "بالاختيار الجمالي"، وهذا ما يجعل من الحريم في المجتمع الغربي يتباهين بقوامهن وقدرتهن على الوجود بجانب العظماء، كما أن سيطرة الرجل العظيم على حريم لا تخص فقط الرجال العظماء أمثال ترامب وكينيدي أو الرئيس الإيطالي السابق بيرلسكوني، المشهور بالحفلات التي كان يرتبها مع الحسناوات، وفضيحته مع القاصرة المغربية روبي؛ بل إن الرجل الغربي يتحكم في مقاييس جسد المرأة، حسب فاطمة المرنيسي التي قالت إن الرجل الغربي يملي على المرأة القواعد التي تنظم مظهرها الجسدي.
فهو يتحكم في صناعة الموضة، بدءاً من صياغة اللباس إلى توزيع حاملي النهدين، معتبرة أن الغرب هو فعلاً المنطقة الوحيدة في العالم التي يكون فيها اللباس الأنثوي صناعة ذكورية بالأساس، ولأن السُّنن الجسدية في الغرب تحتم معيارياً على المرأة ألا يتجاوز نطاقها 38 سنتيمتراً، لتتحول المرأة الغربية بذلك إلى موضوع لنظرة الساهرين على قوامها وجمالها لا تكترث إلى انتسابها لصنف الحريم.. وليصبح نصب اهتمامها إغواء الرجل العظيم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.