الموصليون: مترقبون خائفون جائعون

يترقب الموصليون المعارك التي تحدث من أجل فك قبضة تنظيم الدولة عن المدينة، بعضهم لم يكن على دراية ببدء العمليات الهادفة للتحرير إلا في وقت متأخر عن موعد البداية؛ لأن التنظيم كان قد منع الستالايت وحصر استخدام شبكة الإنترنت عبر قاعات عامة يُشرف عليها التنظيم ويتابع أية اتصالات وأحاديث تجري داخلها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/20 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/20 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش

توصف محافظة نينوى ومركزها الموصل، بأنها سلة خبز العراق، ففي فترات التهجير القسري والمعارك الطائفية التي مرت على مدن الجنوب وبغداد، شكلت هذه المحافظة ملاذاً آمناً للمواطنين السنة الفارين من هذه المعارك، رغم أن أعداد النازحين لها كانت كبيرة، إلا أن الموصل استطاعت استيعابهم جميعاً.

تتميز المدينة بوجود أغلبية من السنة، مع تزيُّن المدينة بطيف من الأديان والمعتقدات والقوميات كالآشورية والكردية والإيزيدية والشيعية، استطاع تنظيم الدولة وخلال المدة التي سيطر فيها على المحافظة، إسكات هذه الأغلبية الكبيرة من المواطنين ومصادرة أموال وممتلكات الفارين منها أو المعارضين لسيطرتها على المدينة، كما أنه قام بفرض جزية على الآمنين من بقية الطوائف وتهجيرهم.

منذ فترة طويلة تم فرض حصار على المدينة، وأُوقفت الرواتب والمستحقات التي كانت تُدفع للموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي من قبل الحكومة العراقية، وحظرت المبالغ التي ترسل لداخل المدينة بحجج تتعلق بدعم الارهاب وخلافه، بالإضافة إلى أن تنظيم الدولة مارس عمليات رقابة ومتابعة لأية أموال تُدفع فيما بين الموصليين بدافع الصدقة والمعونة وحصرها في أحد دواوينه.

مع اشتداد الحصار على المدينة بسبب العمليات العسكرية، أصبحت بعض العوائل وحتى الصغيرة منها المكونة من أب وأم وطفلين، تعيش على اللبن والبصل والخبز فقط وترى في مواد غذائية أخرى كالشاي والسكر ترفاً ليس هذا وقته، عوائل كانت توصف بأنها ذات حال طيبة أصبحت تستجدي قوت يومها، وأساتذة جامعيون تركوا مهنة التدريس ليصبحوا باعة متجولين، وشيوخ عشائر وأكارم كانت بيوتهم مفتوحة لكل مسكين وفقير أغلقوها في وجوههم، وتجار قاموا بإنهاء تعاقداتهم مع عمالهم وأغلقوا دكاكينهم لصعوبة دفع الإيجار ورواتب العمال.

يترقب الموصليون المعارك التي تحدث من أجل فك قبضة تنظيم الدولة عن المدينة، بعضهم لم يكن على دراية ببدء العمليات الهادفة للتحرير إلا في وقت متأخر عن موعد البداية؛ لأن التنظيم كان قد منع الستالايت وحصر استخدام شبكة الإنترنت عبر قاعات عامة يُشرف عليها التنظيم ويتابع أية اتصالات وأحاديث تجري داخلها.

لا يوجد حتى هذه اللحظة أية عمليات برية في مركز المدينة، وتتركز العمليات على القرى المحيطة بها، بعض هذه القرى تم إفراغها بالكامل من قبل تنظيم الدولة كون ساكنيها ليسوا مسلمين، واستولى على ممتلكاتهم.

يخشى الموصليون من حصول عمليات استهداف انتقامية بناءً على المذهب، حيث صدرت صيحات من بعض المليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي تدعو للثأر والانتقام من "أتباع يزيد ومعاوية" حسب وصفهم، رغم أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو المسؤول الأول عما آلت إليه الأوضاع في الموصل ولا يزال حراً طليقاً لا يُحاسب، فبسبب ممارساته الطائفية وسوء إدارته خسرت الموصل أرواحاً طاهرة بريئة.

هناك بصيص أمل وتفاؤل يلوح في الأفق، فالعديد من التصريحات المطمئنة صدرت من قيادات في الجيش العراقي والبيشمركة، بالإضافة إلى قيادات سياسية، آمل أن نكون قد تعلمنا من هذا الدرس القاسي أننا إن لم نعش سوية كشركاء فسيقتل بعضنا بعضاً كحمقى.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد