جاء قرار شركة أرامكو السعودية وقف إمدادات الوقود لمصر خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لـ"يشعل فتيل" توتر مكتوم بين البلدين.
ورغم التزام الجانبين الرسميين الصمت فإن إعلاميين مقربين من السلطات في البلدين تبادلوا الاتهامات، التي وصلت حد التلاسن والتهديد، فضلاً عن التذكير بـ"أفضال" كل بلد على الآخر.
وخلال الـ48 يوماً الأخيرة، تحدثت وسائل إعلام من الجانبين عن "توتر مكتوم" في العلاقات، غير أنه وصل ذروته، خلال الأيام الماضية.
5 محطات لمشهد "التوتر المكتوم" بين مصر والسعودية، بداية من مؤتمر ديني في الشيشان، وصولاً إلى قرار شركة أرامكو وقفاً مؤقتاً لإمدادات الوقود إلى مصر، رغم الاتفاق عليه مسبقاً.
المحطة الأولى: غروزني
25 أغسطس/آب
السعودية تغيب ومصر تشارك، ممثلة في شيخ الأزهر أحمد الطيب، في مؤتمر ديني عالمي بمدينة غروزني، عاصمة الشيشان، لمناقشة مفهوم "أهل السنة والجماعة". المؤتمر ذو خلفية صوفية في الأساس.
27 أغسطس/آب
توصيات المؤتمر لم تضع السلفيين والحركة الوهابية المعبرين عن السعودية ضمن تعريف هوية "أهل السنة والجماعة"، ولم تدرج المؤسسات الدينية السعودية ضمن المؤسسات التعليمية "العريقة".
29 أغسطس/آب
شخصيات سعودية تنتقد المؤتمر عبر موقع التواصل الاجتماعي، بينهم الكاتب جمال خاشقجي، الذي كتب في تغريدة على تويتر: "متشائم.. مؤتمر غروزني سيكون بداية انقسام وجدل، كأنّ هناك أصابع شر تلعب خلف الستار والله أعلم".
30 أغسطس/آب
مشيخة الأزهر تقول، في بيان توضيحي لها بشأن توصيات المؤتمر، إنها لم تستبعد أهل الحديث (السلفية) من مفهوم أهل "السنة والجماعة"، وأنها حريصة على "ضرورة لمّ شمل أهل السنة دون إقصاء أو تهميش لأحد".
وكانت تقارير صحفية، من ضمن ردود الأفعال، ربطت وقتها بين مشاركة شيخ الأزهر في مؤتمر الشيشان وإمكانية تسبب ذلك في توتر العلاقات المصرية السعودية.
31 أغسطس/آب
الكاتب السعودي محمد آل الشيخ يكتب في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "مشاركة شيخ الأزهر بمؤتمر غروزني – الذي أقصى المملكة من مسمى أهل السنة – يحتم علينا تغيير تعاملنا مع مصر".
1 سبتمبر/أيلول
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية تصدر بياناً بشأن مؤتمر غروزني، تحذر فيه من الدعوات التي "تهدف إلى إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية"، داعية لمزيد من الحصافة والوعي في هذه المشاركات.
ثانياً المحطة الثانية: واشنطن
28 سبتمبر/أيلول
الكونغرس الأميركي يصوّت بأغلبية ساحقة ضد قرار النقض "الفيتو" للرئيس باراك أوباما، على مشروع قانون يسمح لعائلات قتلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون، والذي ترفضه السعودية بقوة لأنه سيسمح بمقاضاتها.
29 سبتمبر/أيلول
وزارة الخارجية المصرية تقول إن القاهرة تتابع القرار "الصادر عن الكونغرس الأميركي برفض حق الاعتراض الذي مارسه الرئيس أوباما وتأثيراته المحتملة على مسار العلاقات الدولية" خلال الفترة القادمة.
ولم تعلن القاهرة موقفاً بالرفض أو التحفظ، واكتفت بالقول إنها "تتابع"، وهو ما أثار حفيظة السعوديين بالتأكيد.
المحطة الثالثة: أنقرة
2 أكتوبر/تشرين الأول
لقاء أجراه الإعلامي السعودي جمال خاشقجي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على قناة "روتانا خليجية" السعودية، ووجه خلاله الرئيس التركي انتقادات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وحكومته ولأوضاع حقوق الإنسان بمصر.
3 أكتوبر/تشرين الأول
الخارجية المصرية ترفض الموقف التركي الأخير بحق بلادها، كما وجه إعلاميون مقربون من النظام المصري انتقادات حادة للقناة السعودية.
المحطة الرابعة: نيويورك
8 أكتوبر/تشرين الأول
مصر تصوّت لصالح مشروعي قرارين بمجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا، متفقة مع الموقف الروسي الذي تنتقده السعودية.
وقال عمرو أبوالعطا، مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، إن بلاده صوتت بناءً على محتوى القرارات، وليس من منطلق المزايدات السياسية، التي أصبحت تعوق عمل مجلس الأمن، وفق بيان للخارجية المصرية.
وعلق عبدالله المعلمي، مندوب المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، على الموقف المصري، بالقول إنه "كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي (المصري)، هذا بطبيعة الحال كان مؤلماً، ولكن أعتقد أن السؤال يوجه إلى مندوب مصر".
تم تدشين هاشتاغ #مصر_تصوت_للمشروع_الروسي، وتبناه خليجيون، بينهم نشطاء وكُتاب من السعودية، وسط هجوم على الموقف المصري.
المحطة الخامسة: الظهران
10 أكتوبر/تشرين الأول
المتحدث باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبدالعزيز، يقول في تصريحات صحفية إن شركة "أرامكو" السعودية (مقرها الرئيسي الظهران) أبلغتهم بوقف إمداد مصر بالمنتجات البترولية المتفق عليها خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري فقط.
وبموجب اتفاق البلدين تشتري مصر شهرياً منذ مايو/أيار الماضي – لمدة 5 سنوات – من" أرامكو" 400 ألف طن من زيت الغاز (السولار) و200 ألف طن من البنزين و100 ألف طن من زيت الوقود (المازوت).
تراشق بين الإعلامي، المحسوب على النظام المصري يوسف الحسيني، وسعوديين عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بعدما انتقد الأول موقف المهاجمين (دون تسمية) لمصر عقب موقفها من مجلس الأمن.
11 أكتوبر/تشرين الأول
المتحدث باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبدالعزيز يعلن بدء وصول كميات تعاقدت عليها الهيئة المصرية العامة للبترول (حكومية) إلى البلاد، بعد توقف كميات السعودية المتفق عليها خلال أكتوبر.
الإعلامي أحمد موسى، الداعم للنظام المصري، يطلق على إثر القرار السعودي هاشتاغ "#مصر_لن تركع"، للوقوف ضد ما سمّاه "أي حد (أحد) يريد أن يلوي دراع (يضغط على) مصر ويهز صورتها ويجعلها مقسمة"، في إشارة ضمنية إلى الرياض.
وقال إن "مصر لا تنسى وقوف المملكة (السعودية) والإمارات ودول بالخليج معها بس (لكن) اوعوا تقفوا ضدنا (إياكم أن تقفوا ضدنا)".
وعادة ما توصف العلاقات المصرية السعودية بأنها جيدة، وظهر دعم المملكة بشكل كبير للقاهرة منذ نهاية صيف عام 2013، عقب الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، وقدمت لها مساعدات مالية وتسهيلات اقتصادية بمليارات الدولارات.
ولم ترصد أي تعليقات سلبية رسمية من الجانب السعودي جراء الغضب الشعبي المصري من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي وقعتها القاهرة مع الرياض في أبريل/نيسان الماضي، التي رفضت بشكل مبدئي قضائياً يونيو/حزيران الماضي، حيث تمنح السعودية الأحقية في جزيرتي تيران وصنافير، قرب خليج العقبة بالبحر الأحمر.
ورغم كل التوتر البادي مؤخراً فإن القاهرة كشفت في الساعة الأولى من اليوم الخميس أن السعودية منحتها ملياري دولار كوديعة، وذلك حسب ما نقلت الوكالة الرسمية المصرية عن مصدر بالبنك المركزي، غير أن مسؤولين مصريين أكدوا لاحقاً أن هذه الوديعة قدمت بالفعل في سبتمبر الماضي، وإن كشف عنها اليوم. ولم تعلق الرياض حتى ظهر الخميس على هذه الأنباء.