تعددت الشهادات حول معرفة الرئيس مرسي وفريقه بخطة الانقلاب أو عدم معرفتهم، من قبل حدوثه في الثالث من يوليو/تموز بعد موجة التظاهر المصطنعة والمأجورة في الثلاثين من يونيو/حزيران.
فقد كتب الأستاذ أحمد منصور سلسلة من المقالات والمنشورات تؤكد – من وجهة نظره- أن الكثيرين كانوا متوقعين لحدوث الانقلاب ومتخوفين منه، وأنهم قد أوصلوا توقعهم وتخوفهم هذا إلى الرئيس وفريقه، وكان بعضٌ من الفريق المعاون على نفس التوقع والتخوف.
حتى إنه ذكر في شهادته أن مدير المخابرات التركية حذر مرسي صراحة من انقلاب العسكر عليه، وأن رئيساً عربياً قد حذره أيضاً.
غير أن مرسي -من وجهة نظر أحمد منصور- كان غارقاً حتى أذنيه في الخديعة، إلى درجة أنه ذكر لمن حذروه بأن السيسي في جيبه، وأنه لا داعي للخوف مطلقاً.
ورد الأستاذ وائل قنديل على ذلك بمقالة أكد فيها أن الرئيس مرسي خُدع كما خُدع الجميع، ولا يُستثنى في ذلك أحد، فالدور التمثيلي الذي قام به عبد الفتاح السيسي حينما كان وزيراً للدفاع انطلى على الجميع، على الرئيس مرسي وفريقه، وعلى الجميع غيرهم من السياسيين والإعلاميين.
وبالنظر إلى ما يُكتب ويقال هنا وهناك، حول معرفة الرئيس مرسي وفريقه بخطة الانقلاب عليهم، أو عدم معرفتهم، يظهر أن هناك عدداً من الاحتمالات في هذا الشأن:
1- احتمال توقع مرسي وفريقه الانقلاب من قبل حدوثه:
وهذا احتمال يقول إن مرسي وفريقه لم يكونوا أبداً على هذا القدر من الغفلة والغباء، وإنهم كانوا يظنون السوء في العسكر والأجهزة الأمنية، وإنهم حاولوا قدر جهدهم تطهير هذه المؤسسات وأحلّوا وجددوا، ثم حاولوا قدر جهدهم الاحتواء والمسايسة، ثم لما مضى الوقت، وأدركوا إدراكاً شبه يقيني أنهم إزاء انقلاب حتمي عليهم، حاولوا قدر جهدهم أن يمنعوه بما يستطيعون، لكنه في النهاية كان انقلاباً أكبر من جهدهم وقدرتهم.
ويُحمل عند هذا الاحتمال كل كلامهم عن ثقتهم في رجال العسكر، على أنه كان مداراة ومحاولة لاستئناسهم، وعدم المساعدة بنشر الحقيقة في استفحالها وطغيانها، والتعجيل بالمواجهة المباشرة.
وهذا الاحتمال يتبناه دون إعلان عنه الكثيرون من أنصار الرئيس مرسي ومن أبناء جماعته "الإخوان المسلمين".
2- احتمال غرق مرسي وفريقه في الخديعة هم والجميع دون استثناء:
وهذا الاحتمال مفاده أن الرئيس مرسي خُدع في العسكر، بل وغرق في الخديعة حتى أذنيه، ليس فقط هو، بل هو وفريقه المعاون وكل السياسيين والإعلاميين الآخرين.
وهذا الاحتمال يعتمد في تعضيده على أن كلمة انقلاب لم ترد على لسان أحد ممن كانوا حول الرئيس مرسي، أو من السياسيين والإعلاميين الآخرين، ولم تُذكر لا في مقالة عامة، ولا في مقالة خاصة في لقاء خاص مغلق.
الكل كان في الخديعة سواء، وكان الممثل الكبير (عبد الفتاح السيسي) يقوم بدوره على أكمل وجه، فانطلى الأمر على الجميع، وملأت الخديعة أعين الجميع.
تؤكد هذا الاحتمال شهادة الأستاذ وائل قنديل في رده على الأستاذ أحمد منصور، حينما قال نصاً: "يا عزيزي كلنا مخدوعون، مرة أخرى لن أجادل في أن وزير الدفاع نجح في خداع رئيسه، ثم انقضّ على الحكم، لكن، هل الرئيس مرسي هو وحده الذي خُدِعَ؟ يؤسفني القول إن بعض الذين يجلدون الرئيس على أنه تعرض لخديعة، كانوا هم أنفسهم، من حيث لا يدرون، جزءاً من عملية الخداع، سمّها الغفلة، أو قُل الثقة في غير موضعها، أو ما تشاء من توصيفات".
3- احتمال أن يكون الرئيس مرسي قد غرق في الخديعة رغم تحذير الكثيرين له وتوقعهم للانقلاب:
وهذا الاحتمال يقول إن الرئيس مرسي قد خُدع وغرق في الخديعة رغم أن الكثيرين قد تنبهوا للمؤامرة التي تحاك من العسكر، ونبهوه لها، إلا أنه بقي في خديعته لا يسمع ولا يرى.
وفي هذا الاحتمال تأتي شهادة الأستاذ أحمد منصور، التي يؤكد فيها أن مدير المخابرات التركية قد جاء لمرسي ليحذره من خطة الانقلاب عليه، وأن رئيساً عربياً حذره أيضاً، إلا أنه كان يؤكد لهم جميعاً أن "السيسي في جيبه"، وأن لا خوف مطلقاً من المؤسسة العسكرية.
وقد ذكر أحمد منصور أنه التقى بعصام الحداد، أحد مستشاري الرئيس، وأخبره بأنه يرى انقلاباً يحاك في الخفاء والعلن، ويذكر أحمد منصور أن عصام الحداد أخبره بأنهم كفريق معاون يرون ذلك، ويحذرون منه الرئيس، إلا أنه لا يسمع لأحد، ويظل في ثقته العمياء بالعسكر.
* الاحتمال الأخير -من وجهة نظري- هو أبعد الاحتمالات عن التصديق، وإذا كان هو الحقيقة، وتأكدت صحته لنا بعد ذلك، فإنه يعني أن مرسي وفريقه كانوا على درجة من الغفلة والغباء إلى درجة تجعلهم يحملون نصيبهم من الوزر والإثم في هذا الحال الذي وصلنا إليه، وفي الدماء التي سالت، والظلم الذي وقع.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.