كلما وقع حادث إرهابي في أي بلد في أرجاء المعمورة، احتبست أغلبية المسلمين المسالمين في العالم أنفاسهم وهم يرددون في أجوافهم: "اللهم لا تجعله من المسلمين".
لقد وصل حال الإحباط لدى البعض من المسلمين من الواقع المشين في تعميم الاتهام لأبناء المسلمين إلى أن أمنيته لا تتجاوز الدعاء حتى لا يكون هناك أي اشتراك عقدي مع المذنب أو الفاعل؛ لكي يُخفي عنه الشعور بالتهميش المتزايد أو النظرة المريبة له بسبب اعتقاده الديني، لا سيما إذا كان ذاك المسلم في المهجر، حتى إنني شخصياً تلمست أن البعض من المسلمين في اليابان والصين وأوروبا يخفون إسلامهم، خشية أن يخسروا عملهم أو فرص الحصول على العمل في الغرب أو الشرق الأقصى، ولنا في ذلك تأملات.
أحزاب أقصى اليمين في معظم البلدان ذات التعدد الحزبي في الغرب تقفز لنتائج مفادها إقصاء المسلمين أو المطالبة بتسفير المواطنين والمقيمين ذوي الاعتقاد بالدين الإسلامي، وتلوح بهذا العمل كأحد برامج وعهود الإصلاح الأمني.
الرصد الإعلامي وبعض استطلاعات الرأي التي تروج لها بعض الجهات تتجه لقراءة التأييد المتصاعد لليمين المتشدد في عدة عواصم فاعلة في ساحة الدول الغربية.
صراعات أيديولوجية وإعلامية مرتبطة لافتة للنظر وبالذات في دول صناعة القرار الدولي، صناعة الأخبار في ظل وجود الأعمال الإرهابية المتصاعدة في ازدهار، وتؤيد ما يذهب إليه اليمين الحزبي في تضخيم وترويج الإسلاموفوبيا.
يتساءل إنسان الشارع في كل الدنيا، نعم كل الدنيا من أوكلاند شرقاً إلى لوس أنجلوس غرباً، يتساءل: لماذا فشلت التوعية واتصال الحضارات ونجح في المقابل الإرهاب وتأجيج صراع الحضارات؟
من ركائز الإعلام الصادق ووظائفه كشف حقائق الأمور، بينما الإعلام التجاري يستغل الحوادث ويروج لبيع أكبر عدد من الإعلانات من خلال تكبير أو تصغير الأحداث، بغض النظر عن الحقيقة، وعلى النقيض من ذلك كلة يسعى الإعلام التضليلي إلى التدجيل وتوطين الدجل وقيادة النعيق.
يؤسفنا ما رصدنا في تويتر من الترويج دون التحقق باتهام المسلمين كما حدث في أحداث ميونيخ الأخيرة وأحداث أوكلاهوما.
نُحمل الإعلاميين الشرفاء وأصحاب الإعلام والأقلام الحرة مهمة كشف ما يدور حولنا من صراعات وتسمية الأشياء بمسمياتها.
أكثر من 150 دولة عضو في الأمم المتحدة ولا نسمع فعاليات ولا أصداء لوجود بعضها، في المقابل منظمات صبيانية ومجاميع شريرة تتصدر أفعالها الأنباء العالمية، وتنجح في خلق أحداث تحيد عما تصبو إليه البشرية من الحياة الكريمة والحرية والتضامن.
من عجائب الأمور أن يخفق الأمن العالمي في وقف تحرك المخربين والإرهابيين في العالم في أكثر من دولة، بينما بعض الدول تتفاخر بأنها صادرت عربة خضار لم يكن لها ترخيص!
العالم الحر وغير الحر يتفرج على مهاجري القوارب، ويتحدث عن الظاهرة كتمطيط إعلامي واستهلاك إخباري، وفي المقابل لا يبحث العالم الأول عن آليات جادة في إيقاف الأسباب من تضاؤل فرص العمل ونهب ثروات بلدان العالم الثالث، حيث معظم مهاجري القوارب يردون منّة.
ولا نبرئ دور الأسر الواعية وأجهزة الأمن والرفاء الاقتصادي والمنابر الراشدة والإعلام المتحضر في زيادة جرعة الحماية من الاستغلال والتغرير والتجيير لأفكار التكفير والاعتداء على الآمنين.
لن نطيل الوقوف والسرد في تفرعات الأحداث الحالية، ولكن ما ندعو إليه هو تضافر الجهود لمعالجة الأوضاع قبل أن تتفاقم الأوضاع، ويستغل المخربون أو الإرهابيون حالة اللاجئين وأبناء اللاجئين لأعمال تخريبية، ويكتفي بعض أبناء الوطن الإسلامي بالدعاء: "اللهم لا تجعله من المسلمين"، بدل الدعاء بما هو أجدى "اللهم سلم الإنسانية من أعدائها، وافضح الأشرار، واجعل كيدهم في نحورهم".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.