يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة حول سوريا، الجمعة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، غداة تحذير مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا من أن الأحياء الشرقية لحلب ستدمر بالكامل بحلول نهاية العام إذا ما استمرت الغارات الجوية الروسية والسورية.
وقال الدبلوماسيون إن الجلسة التي دعت إليها روسيا ستتخللها عند الساعة 14:00 ت غ إحاطة عن الوضع في سوريا يقدمها دي ميستورا عبر الفيديو من جنيف.
ميدانياً حقق الجيش السوري تقدماً هو الأول منذ عام 2013 داخل الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، معلناً في الوقت نفسه تقليص ضرباته الجوية والمدفعية على الأحياء الشرقية، في خطوة اعتبرها محللون "خدعة إعلامية"، بينما أكد الرئيس السوري بشار الأسد المضي في القتال في حلب الى أن يخرج منها "المسلحون".
وفي موسكو التقى، وفي إطار السعي لتمرير مشروع القرار الفرنسي حول سوريا في مجلس الأمن، التقى وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو وقال له إنه "لا شيء يمكن أن يبرر حمم النار" التي تتساقط على حلب.
أما الموفد الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا فوجه نداءً مؤثراً لإنقاذ الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة حلب، التي قال إنها قد تدمر بشكل كامل بنهاية العام، داعياً المسلحين الجهاديين الى مغادرة المدينة.
وصرح دي ميستورا لصحفيين في جنيف: "خلال شهرين أو شهرين ونصف كحد أقصى، إذا بقيت الأمور تسير على هذه الوتيرة فقد تدمر أحياء شرق حلب بالكامل".
وتتعرض الأحياء الشرقية في حلب منذ أكثر من أسبوعين لقصف عنيف من قوات الحكومة السورية بدعم روسي، استهدف كذلك المستشفيات.
ذريعة فتح الشام
وقال دي ميستورا إن وجود مقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل إعلان فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة) في المدينة يشكل مبرراً لموسكو ودمشق لمواصلة الهجوم عليها.
وأضاف: "نحن نتحدث أساساً عن 900 شخص أصبحوا السبب الرئيسي لمهاجمة 275 ألف شخص حالياً".
ويفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد المقاتلين المناهضين لنظام الأسد في أحياء حلب الشرقية يبلغ نحو 15 ألف مقاتل بينهم 400 لجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً).
وتابع دي ميستورا مخاطباً مقاتلي النصرة: "إذا قررتم الخروج بكرامة ومع أسلحتكم فإنني مستعد شخصياً لمرافقتكم".
من جهته أعلن الرئيس الأسد أن قواته ستواصل محاربة "المسلحين" في حلب حتى يغادروا المدينة، إلا إذا وافقوا على الخروج بموجب اتفاق مصالحة، وفق مقابلة تلفزيونية مع قناة دنماركية نشرت نصها وكالة الأنباء السورية الرسمية أمس الخميس.
لكنه أشار في الوقت ذاته الى أنه "إذا كان هناك أي خيار آخر مثل المصالحات التي تمت في مناطق أخرى فإن ذلك هو الخيار الأمثل وليس الحرب".
كما نفى الأسد تعمّد قواته استهداف المستشفيات في شرق حلب، مؤكداً أنه إذا حصل مثل هذا الاستهداف فيكون حتماً "من قبيل الخطأ لكن ليس لدينا أي معلومات بأن ذلك قد حدث".
إيرولت ولافروف في موسكو
في موسكو التقى إيرولت لافروف وقال الأول: "إن فرنسا تستهجن لكنها لا تستسلم"، مضيفاً: "لقد التقيت سيرغي لافروف وكررت أمامه القول وأنا أنظر مباشرة في عينيه، أن أحداً لا يمكنه أن يتساهل مع هذا الوضع. إن فرنسا لا تستطيع التساهل مع ذلك، والأمر سيان بالنسبة لروسيا".
من جهته قال وزير الخارجية الروسي إنه "مستعد للعمل" على مشروع قرار وقف إطلاق النار في حلب الذي قدمته فرنسا في مجلس الأمن.
إلا أن لافروف اشترط مع ذلك أن لا يتعارض مشروع القرار مع "المقاربات المبدئية الواردة في الاتفاقات الروسية الاميركية، وأن يأخذ بعين الاعتبار القرارات التي سبق وأن اتخذها مجلس الأمن والمجموعة الدولية لدعم سوريا".
وكانت فرنسا أعلنت عزمها على طرح مشروع قرار لها يتعلق بسوريا على التصويت في مجلس الأمن نهاية هذا الأسبوع، ويتضمن وقفاً لإطلاق النار.
ورغم التوتر مع موسكو، أجرى كيري الأربعاء اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي سيرغي لافروف للتباحث في الأزمة السورية.
من جهة ثانية كرر وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان، الخميس، "عزم" فرنسا على "استئصال" تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك خلال زيارة الى حاملة الطائرات شارل ديغول التي تقوم بعمليات في البحر المتوسط.
تقدم لقوات النظام
وكان الجيش السوري أعلن قبل أسبوعين بدء هجوم هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية لحلب، وذلك إثر انهيار هدنة في 19 سبتمبر/أيلول كان تم التوصل اليها بموجب اتفاق أميركي روسي وصمدت أسبوعاً.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس، الخميس: "باتت قوات النظام السوري تسيطر على نصف مساحة حي بستان الباشا في وسط مدينة حلب".
وأوضح أنه "التقدم الأهم لقوات النظام داخل الأحياء التي تسيطر عليها الفصائل منذ عام 2013".
ومساء الخميس، أفاد المرصد السوري باشتباكات عنيفة على محاور عدة في مدينة حلب، لافتاً الى أن قوات النظام أحرزت تقدماً على أطراف حي الصاخور حيث سيطرت على مبان عدة.
وترافق الهجوم مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت 270 قتيلاً على الأقل بينهم 53 طفلاً، وفق حصيلة للمرصد. كما تسببت بدمار هائل في الأبنية والمستشفيات، ما استدعى تنديداً من حكومات ومنظمات دولية تحدثت عن "جريمة حرب" ترتكب في حلب.
من ناحيتها أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن 8 أشخاص قتلوا في الأحياء الغربية من حلب حيث السيطرة للقوات الحكومية، نتيجة إطلاق قذائف من "مجموعات إرهابية"، في إشارة الى الفصائل المسلحة المعارضة.
ولاحقاً أفاد المرصد بارتفاع الحصيلة الى 11 قتيلاً، لافتاً الى أن عدد القتلى مرشح للازدياد لوجود أكثر من 65 جريحاً بعضهم بحالات خطرة.
ويقول الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية إميل حكيم لوكالة فرانس برس: "اتخذ النظام وحلفاؤه قراراً بالسيطرة قدر الإمكان على شرق حلب، وهم يتحركون على هذا الأساس".
وعن إعلان الجيش تقليص ضرباته الجوية على المدينة، يضيف: "أعتقد أن إعلانات مشابهة هي في الواقع هامشية. إنها خدعة إعلامية".
ولا يستبعد الباحث المتخصص في الشؤون السورية في جامعة أدنبرة توما بييريه أن يكون هدف الجيش من هذه الخطوة لجم الضغط الدولي المتزايد على خلفية الوضع في شرق حلب.
والخميس أفادت (سانا) بمقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 55 آخرين بجروح "نتيجة قذائف صاروخية أطلقتها المجموعات الإرهابية" على حي الجميلية في غرب حلب.
وعلى جبهة أخرى في سوريا قُتل 29 مقاتلاً على الأقل من فصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة، في تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، عند معبر أطمة على الحدود بين سوريا وتركيا.
وتشهد سوريا منذ مارس 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.