نُشر قبل أيام مقال لصديقي مصعب التجاني، صديق دروب الكفاح، لكن شاءت الأقدار كحالنا دائماً أن أعارضه في رؤيته للتحالفات الممكنة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول في مقال تحت عنوان "التحالف الممكن".
أولاً قبل أن أستعرض ما قد تحمله رياح التغيير بعد السابع من أكتوبر، وجب أن أثني على الصديق صاحب الرؤية السديدة في طرحه للموضوع، من حيث الزاوية الرقمية، أي 1+1=2. وضبطه الجيد للمعطيات الرقمية التي لن يجادله أحد فيها، رؤية صديقي مصعب صبَّت في مصلحة الوطن، وفي هذا المنحى فسأكون في صفه طبعاً، فوجود حزبين قويين في تحالف قوي سيكسب المغرب عملاً حكومياً متميزاً وقوة اقتراحية وتشريعية، إضافة إلى توهج إقليمي ودولي.
لكن قد تكون الأمور أعقد من ذلك حسب رؤيتي، وسأسردها في النقاط التالية:
مغرب الاستثناء:
أولاً لا يسعنا إلا أن نعمل على تنزيل القوة الحزبية أو القطبية الناجحة في دول أخرى على المغرب، فنحن استثناء في كل شيء، فطرح قوة الحزبين ممكن أن تكون ناجحة في فرنسا مثلاً، لكن المغرب لا أعتقد أنه يحتكم للقطبية، ولم يكن يوما يحتكم لها ولن يحتكم لها مستقبلا، فالنظام المخزني المتمرس الساعي منذ القدم إلى تفتيت الأحزاب وتشتيتها لن يقبل يوماً بثنائية القطبية "تنغص عليه راحته".
العتبة الانتخابية:
سيكون أيضاً للعتبة النصيب الأكبر في تحجيم الأحزاب الكبرى، مثل العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، في مقابل ظهور أحزاب أخرى صغرى، هذا سيقدم لنا خليطاً وعجينة صالحة لصنع الشباكية، هذه الأحزاب الصغرى التي في الغالب ستصب في خزان الأصالة والمعاصرة.
التاريخ:
لا أظن أن حكماء حزب العدالة والتنمية سيلدغون من نفس الجحر، فقد ذاق الحزب المرارة بانسحاب حزب الاستقلال ثم مرارة طلب ود الأحرار، فكيف سيضع نفس اليد من جديد على مقود الجرار، ثم بأي صيغة سيقنع بنكيران الآلاف من مناضليه ومن الشعب المغربي بأن حزب الجرار أصبح شريفاً وحزباً نموذجياً بعد السابع من أكتوبر، هذا في اعتقادي الشخصي هو الضربة القاضية للحزب التي ستشتته شيعاً بين باقي الأحزاب.
الأيديولوجيا
من يزكي طرح الأيديولوجيا في المغرب هو واهم أو يصنع الوهم، لا مكان للأيديولوجيا في المغرب، فمؤسسة القصر لن تزكي أبداً الإسلاميين حتى يغلبوا، ولن تتبع العلمانيين حتى ينزعوا، لا يمكن لإمارة المؤمنين أن تتقوى دون وجود حياة دينية مسلمة في الداخل المغربي، كما لا يمكن الانغماس فيها حد طغيانها على المشهد المغربي، وقد اتضح هذا في مجموعة من القضايا الوطنية، ولعل آخرها قضية الإرث.
الفرصة الثانية
حسب اعتقادي فإن حزب العدالة والتنمية في حال تحقيقه أكبر عدد من المقاعد بعد 7 أكتوبر، فهو مدعو بجد إلى أن يستغل الفرصة الثانية، وأن يعمل بجد على كسب رهان الشعب التسيير أو المعارضة، لا يجب أن يكون الهدف بل تطبيق أهداف ومبادئ الحزب، التحالفات الضيقة، صحيح أنها منحت للحزب القدرة على المشاركة في صنع القرار وإدراج مجموعة نقط إصلاحية في منظوره، لكن ماذا خسر في المقابل؟ وهل يتساوى حجم الخسائر مع المكاسب؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.