سيمر يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول قريباً جداً، وسيتم الإعلان عن الفائزين في الانتخابات التشريعية، كما سنتعرف جميعاً من سيخونهم الحظ، أو الذين سيأبى محالفتهم، لكن السؤال الحيوي في هذا السياق، من الأهم، هل فوز هذا الحزب، أو ذاك الحزب، أو فوز بلدنا، المغرب؟
هل هناك إمكانية لتحويل فوز حزب سياسي إلى فوز للوطن؟ كيف؟
لا جدال في أن "كل حزب بما لديهم فرحون"، كما أكد الكتاب العزيز، وهذه حقيقة ثابتة، وستستمر أبد الآبدين في كل الأزمان، لا يتناطح حولها عنزان، ولا يحاجج فيها عقل إنسان، فلا يمكن لأنصار المصباح، أن يتمنوا الفوز لغير مرشحيهم، كما أن المتعصبين للجرار، لا يتخيلون أحداً آخر سيكون منتصراً في انتخابات 7 أكتوبر، غير رجالهم ونسائهم وشبابهم الواردة أسماؤهم ضمن لوائح الحزب التي تقدم بها للانتخابات.
هذا الميل كل الميل، والتعلق كل التعلق، بأهداب الحزب، وأركانه وأعمدته ورجالاته ونسائه، فضلاً عن شعاراته، وأيديولوجيته، وخطه السياسي، والذي يشبه الهوى النفسي والذاتي، والذي لا يمكن أن نقول عنه إنه يضل صاحبه عن الطريق الصحيح، والمسلك الرشيد، والحكم السديد، بل وجب على العقلاء في بلادنا، عده خياراً واختياراً، من صميم ممارسة الحقوق الفردية والجماعية المتعارف عليها عالمياً.
لكن السؤال الجوهري الذي يواجهنا في هذا المقام، ماذا عن غير المنتمين لهذين الحزبين؟
إذا كان الانتماء للأحزاب السياسية يندرج في إطار ممارسة الحقوق الأساسية المتوافق عليها كونياً، فلا شك ولا ريب، في أن عدم الانتماء للأحزاب السياسية، يعتبر أيضاً ممارسة مشروعة وسليمة، للحق في الانتماء من عدمه، بطبيعة الحال، بغض النظر عن خلفيات الابتعاد عن المؤسسة الحزبية الوطنية، سواء بسبب النفور من آلياتها وخطاباتها ووعودها، أو سبب عدم الإحساس بالميل الفطري وغياب الرغبة في الانتماء.
إن الذين لا يهمهم فوز فلان أو علان، في هذه الانتخابات، هل يمكن اعتبارهم خارج الإجماع الوطني؟ وهل وجب إكراه الناس وحملهم على الانتماء القسري؟ وهل إذا لم يفز الحزب الذي أتعاطف معه، وأميل لبرنامجه، أعلن كفري بالديمقراطية وقوانينها؟ وهل انتصار الحزب الذي سأصوت على مرشحيه، يدفعني لخدمة الأنصار فقط؟
هذه أسئلة مقلقة وجوهرية، يجب أن تدفعنا للتفكير العميق والاستراتيجي، من أجل المدى البعيد، ومن أجل غد مشرق لجميع المغاربة والمغربيات، بغض النظر عن لونهم السياسي، وعن وجوده من عدمه.
إن الانغلاق على الحزب وأنصاره ومريديه، من شأنه المساس بروح المواطنة التي يجب أن تتفوق على أي شعور آخر، إن الأحزاب السياسية وسيلة لا غاية، الغاية الكبرى والمرمى البعيد، هو خدمة الوطن والمواطنين.. وجلب المنافع لهم، ودفع المضار عنهم… إن أواصر الوطنية والمواطنة، أوثق من أواصر الحزب، والمذهب والجماعة أو الحركة.
لماذا لا نعتبر نضالنا الفردي والجماعي، في أحزابنا وخارجها، واجهة لخدمة الوطن وقضاياه؟
وبناء عليه، فإنني أدعو للارتقاء بممارستنا السياسية، وذلك بالانخراط الجماعي والمجتمعي، في إسداء خدماتنا للوطن، وإقامة التفاضل والتمايز، بناء على قدرة وكفاءة مؤسساتنا الحزبية، على الولاء للوطن والمواطنين والمواطنات فقط.
لنجعل من يوم السابع أكتوبر عرساً ديمقراطياً تنتصر فيه إرادة الناخبين والمواطنين، من أجل تحقيق التقدم والازدهار الذي يحلم به جميع المغاربة بعيدا عن انتماءاتهم وولاءاتهم.
إن الامتحان المقبل، لا يكمن في براعتنا الخطابية، وبلاغتنا اللفظية من أجل استمالة المصوتين وإقناعهم ببرامجنا وخططنا، للظفر بالكراسي البرلمانية، بل يتمثل في مدى قوتنا الاقتراحية البناءة والفعالة، والتي تراهن على تقديم البدائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي لا تستهدف السموق بحزب سياسي ما، ولكن تستهدف الرقي بالوطن والمواطنين…ما أحوجنا لأحزاب مواطنة، وبرامج مواطنة، وخطاب دعائي مواطن، فإذا تحققت هذه المقاصد، فلا أحد سيطيل البحث والسؤال عن لون الفائزين يوم السابع من أكتوبر 2016، لأنه حتماً وبغض النظر عن اسم الفائزين ولونهم وشعاراهم، فلن يصب كل ذلك إلا في المصلحة العليا للبلاد بما يخدم العباد، المواطنين والمواطنات.
إذا كان هناك من يبحث عن خيار ثالث لمواجهة الثنائية الحزبية الذي غدا يجسدها حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، من خلال الانفتاح على حزب اليسار الاشتراكي الموحد، فإنني أعتبر أن خيار المغرب، بمثابة الاختيار الأمثل الذي سيخفف عن المواطنين والمواطنين أوزار الثنائية الحزبية التي توحي بالصراع والاصطدام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.