الشرعية فما دونها؟

أولى بكم أن تتمسكوا بتلك الشرعية منا، لتتأكدوا من الاستقرار بعد زوال تلك العصابة وضمان تنفيذ وعودنا، ولا مانع من وضع شروط كانتخابات مبكرة أو استفتاء أو مجلس ثوري يتسلم مهامه من الرئيس الشرعي.. وكل التقدير لأصحاب المبادرة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/20 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/20 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش

لم نكن نعلم قديماً مصطلح "الشرعية"، فلم يكن لمصر شرعية من قبل، كان لها أصحاب وملاك، سعيهم الوحيد الانتفاع قدر الإمكان من تلك البناية الهزيلة الفقيرة، حتى قذف الله في قلوب شباب مصرنا الغالي روح الأمل والإصرار والتحرر ليكون عهداً جديداً بعد ثورة يناير/كانون الثاني المجيدة، إطاره العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

أصاب ما أصاب ثورتنا خلال مسيرتها من أحداث مفتعلة، ومنها ما أثبتت ضعف وسذاجة ما يقال عليها النخب في المجال السياسي، إلى أن جاء لمصر رئيس بانتخابات لم تعرف التزوير أو منع الناخبين أو استغلال النفوذ، انتخابات شهد العالم لها بالنزاهة والشفافية والديمقراطية.

فما أن أصبح لمصر رئيس حر كريم سعى بقوة لمحاربة فساد الدولة العميقة وترميم تلك البناية التي أصابها الزمن بالقحط والجفاء والعجز والفقر، قررت تلك العصابة قطع دابر الأمل بانقلاب عسكري غاشم بَوّرَ الأرض وأفسد الأخضر واليابس، وأسال دماء الأحرار في أنحاء مصر من صعيدها إلى سواحلها، فكان لهذا المصطلح الرنان التعلق بالأذهان والآذان، ألا وهو الشرعية، وارتبط بميثاق شرف مع الرئيس الدكتور محمد مرسي، أول بنوده صموده وثباته.

هذا الرئيس الذي ما إن طل علينا في محاكماته الهزلية إلا واقشعرت أبداننا من ثباته، وقويت آمالنا من نظراته، وانتفضت قلوبنا من كلماته.

أصبحت رابطة هذا الميثاق رابطة الدم لا ينحل ولا ينفك إلا ببنده الأول، فلربما كل البنود يمكن التفاوض عليها، أو إلغاؤها إلا ذاك.. ولا يخفى عليكم ما تمر به انتفاضتنا المباركة المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، حينما بايعنا على ثلاث: "الشرعية – القصاص – يناير المجيدة".

زاد البطش واشتد الجُرح واستنزفته الوسائل حتى أصبح لسان حال البعض قول الله على لسان الأنبياء والصحابة حينما استبطأوا النصر قالوا: "متى نصر الله"، فما قصم ظهر البعير إلا قشة خلاف، وصراع الإخوان المسلمين، فحالهم وأمرهم لم يصبح بأيديهم، بعد أن سالت دماء غيرهم لأجلهم ولأجل قضيتهم.

العجيب والمحير في الأمر أن المعتقدين بأن تلك الشرعية هي سدادة الانفراجة أو سبب لتفلت الحركات من تحت مظلة الوطن، إلا أن اعتقادي أنه لا توجد مظلة ولا مائدة يمكن أن نجتمع عليها أو نستند لها سوى الشرعية التي ما زالت وستظل قائمة بثبات صاحبها، وهو الرئيس الشرعي للبلاد.

فما دون الشرعية إلا أيادٍ فارغة الوفاض وأحلام في عالم الخيال، وسكين يطعن به آلاف المعتقلين وينحر به قلوب أسر الشهداء.

لعل ما بدر مؤخراً فيما يخص المبادرة التي طرحت أحببنا التنويه قبل التشكيك والخوض فلربما أخطأوا فيما أرادوا أن يصوّبوه بجهالة.

فمن خلال تجربتي بالتواصل والتنسيق ممثلاً عن مكتب حركة شباب ضد الانقلاب مع الحركات والأحزاب السياسية، أرى أنه ما زال هناك مساحات كبيرة نختلف عليها جميعاً، فإن أساس تلك المبادرة هو إزالة وهدم تلك الحواجز والعوائق والسدود والموانع التي بنيت بتهيُؤات أصحابها أو توجيهات الإعلام ونظامه حول الخروج من رحم تلك الأزمة، واعتقادهم أن تمسكنا بالشرعية هو المانع والمجهض للتوحد.

إلا أن تجربة الحركات الثورية والشبابية والأحزاب السياسية أيقنت خلالها أن هذا الانقلاب لن يسقط إلا بتكاتف كل الحركات الثورية المختلفة؛ لذا أود أن أقول إنه أولى بكم أن تتمسكوا بتلك الشرعية منا، لتتأكدوا من الاستقرار بعد زوال تلك العصابة وضمان تنفيذ وعودنا، ولا مانع من وضع شروط كانتخابات مبكرة أو استفتاء أو مجلس ثوري يتسلم مهامه من الرئيس الشرعي.. وكل التقدير لأصحاب المبادرة.

ولكن.. الشرعية دونها الرقاب، الشرعية دونها شهداؤنا، الشرعية دونها القصاص العادل، الشرعية دونها الشرعية.. "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون"

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد