التحالف مع “الإسلام السياسي”.. تحالفات واشنطن التكتيكية مع القاعدة وداعش في سوريا

تتطور اللحظة السياسية التي يعيشها العالم الآن، ويكمن حالياً التطور الحاصل في مستوى تعاطي الغرب مع ظاهرة الحراك العربي الذي أطلق عليه إعلامياً "ربيع عربي"، ومن ضمن هذه التطورات تلك القوى التي تقودها الولايات المتحدة بالأخص لمراكز النفوذ في العالم، حتى أضحى "الإسلام السياسي" القلب المحرك لدورة المواقف والقرارات لها تحت عنوان "الحرب على الإرهاب"

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/19 الساعة 05:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/19 الساعة 05:23 بتوقيت غرينتش

القضاء على القومية العربية

تتطور اللحظة السياسية التي يعيشها العالم الآن، ويكمن حالياً التطور الحاصل في مستوى تعاطي الغرب مع ظاهرة الحراك العربي الذي أطلق عليه إعلامياً "ربيع عربي"، ومن ضمن هذه التطورات تلك القوى التي تقودها الولايات المتحدة بالأخص لمراكز النفوذ في العالم، حتى أضحى "الإسلام السياسي" القلب المحرك لدورة المواقف والقرارات لها تحت عنوان "الحرب على الإرهاب"، حيث إن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في تشكيل التحالفات التكتيكية حول الإسلام السياسي لمقاومة القوميين والعلمانيين العرب، الذين يعادوها لسعيها للهيمنة على العالم العربي بموارده النفطية، فالقضاء على القومية العربية هي أولوية من أولويات الولايات المتحدة، وليس القضاء على الإرهابيين الإسلاميين.

وبما أن دستور سوريا يُحدد البلاد بأنها "حجر الأساس" للمقاومة ضد الهيمنة الاستعمارية في العالم العربي، كما أنها آخر الدول القومية العربية العلمانية معارضة لسيطرة أميركا على المنطقة العربي، فواشنطن تسعى بكل قواها لاستئصال آخر وجود للقومية العربية في سوريا وذلك من أجل هيمنة الولايات المتحدة الكلية على العالم العربي

ومن هنا ترى جبهة النصرة واشنطن حليفاً لها؛ نظراً لسعيها المتمثل في إسقاط القومية العربية لحكومة الأسد، فقد نشرت الصحف الأميركية الرئيسية منهم صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عدداً كبيراً من المقالات حول التنسيق الواسع الذي تم بين جبهة النصرة السورية والمقاتلين المدعومين من قبل الولايات المتحدة، حيث أوضحت "نيويورك تايمز" أن امتناع الولايات المتحدة عن مهاجمة جبهة النصرة رغم وصفها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها "منظمة إرهابية"، يؤكد أنها داعمة لهؤلاء المتمردين المقاتلين جنباً إلى جنب تنسيقها مع جبهة النصرة، لذلك هذا لا ينفي تورط واشنطن باستخدام كافة الأساليب الإرهابية التي يستخدمها مقاتلو جبهة النصرة.

تنسيق الولايات المتحدة ما بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة

وأفاد تقرير صحيفة "تايمز" الأميركية، أن الولايات المتحدة منعت أية هجمات متتالية ضد جبهة النصرة"، بخلاف روسيا"، علاوة على ذلك، فإن قرار مجلس الأمن يوضح مُشددًا بأنه يهيب بالدول الأعضاء لمُضاعفة وتنسيق الجهود لقمع الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها داعش على وجه التحديد، وكذلك التي ارتكبتها جبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

وأضاف أنه من الواضح أن المقاتلين المدعومين من قبل الولايات المتحدة الأميركية يقومون بالتنسيق للقيام بالعمليات الإرهابية بموجب قرارات من تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، هذا الأمر الذي يرقى إلى أن المقاتلين الذين تدعمهم الولايات المتحدة يندرجون في نطاق الإجراءات التي يحددها أعضاء مجلس الأمن، وهذا يعني إنه ليس فقط واشنطن التي تخضع لهذا القرار، لكنها تقوم (بنقيضه) عن طريق دعم الأفراد والجماعات والكيانات المرتبطة بأسامة بن لادن مؤسس هذه الجماعة الإرهابية.

كما أشار موقع "جلوبال ريسرش" لمقال لصحيفة "نيويورك تايمز" في الرابع عشر من شهر يوليو لعام 2016، يعترف بغضب الولايات المتحدة الأميركية من التدخل العسكري للكرملين في سوريا، الذي قام بمهاجمة امتياز القاعدة هناك، كما يؤكد المقال أن هناك درجة عالية من التكامل بين المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة ومقاتلي القاعدة في سوريا.

فحينما وصلت الهجمات الروسية- التي تستهدف مواقع جبهة النصرة- إلى أتباع الولايات المتحدة، أدى ذلك إلى ارتفاع حدة الاعتراضات من جانب واشنطن، فضلاً عن استنكار موسكو تصريحات واشنطن من حيث إنها إجراءات لتدعيم الحكومة السورية بدلاً من محاربة الإرهابيين.

ووصفت الصحيفة الأميركية تصريحات واشنطن "بخلق رواية كاذبة عن طريق الإيحاء بأن القوات على الأرض تعمل لإطاحة القوميين العرب في دمشق ولا تستخدم أي أساليب إرهابية".

هناك مخاوف من قبل الأعضاء الساسة للولايات المتحدة، الذين يعتقدون أن كيري وافق على قيام القوات الأميركية بهجمات ضد جبهة النصرة، فمنذ سعي الولايات المتحدة للقضاء على القومية العربية وليس القضاء على الإرهاب، يبقى الهدف الرئيسي لواشنطن في سوريا هو الهجوم على مقاتلي القاعدة الذي يعمل ضد تحقيق الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية الأميركية، وذلك وفقاً لما أكده النقاد في الصحافة الأميركية.

الإدارة الأميركية وعلاقتها بتنظيم داعش والإرهاب

جبهة النصرة ليست المنظمة إرهابية الوحيدة التي صنفها مجلس الأمن الدولي بذلك، فقد تم اتهام الولايات المتحدة بالامتناع عن مهاجمتها، وقد قال الرئيس السوري مراراً إن الولايات المتحدة هي وحدها من تتحكم في تنظيم داعش، وإن مهاجمة هذا التنظيم كافي لتهديد مصالح الولايات المتحدة من ناحية النفط في العراق.

ويشير الأسد إلى أن تنظيم داعش يستمر في توسعه في سوريا رغم قيام الولايات المتحدة بقيادة تحالف من عشرات الدول ضد تنظيم القاعدة، وأن هذا التنظيم توقف توسعه فترة ثم عاد ليتوسع عندما تدخلت روسيا عسكرياً في البلاد.، فيما أوضح أن الولايات المتحدة تفتقر إلي الإرادة السياسية لتدمير داعش، لأن مصلحة واشنطن تكمن في استمرارية هذا التنظيم الإرهابي من أجل إسقاط الحكومة السورية، وعلى النقيض، فأن موسكو لا تشارك واشنطن هدفها في تغيير النظام في سوريا، ولكن لديها الإرادة لتدمير والقضاء على تنظيم داعش ولذلك فإنها "أكثر فعالية" جراء هذا الأمر، وفقاً لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست".

الولايات المتحدة لديها علاقة مضطربة مع الإرهاب والإرهابيين، كونها لديها تاريخ طويل من مطاردة الأنشطة الإرهابية التي من الممكن أن تُلحق بها، فتعمل الولايات المتحدة على الإيقاع بالدول من خلال دوافع سياسية متعمدة، ومثال على ذلك التفجيرات التي ألحقت بالمدن الألمانية واليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. إبادة النووي على هيروشيما وناجازاكي، وحملات القصف الإرهابية المكثفة، بما في ذلك استخدام قنابل النابالم خلال الحرب الكورية، والتدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية خلال حرب الخليج الأولى والحرب الجوية على يوغوسلافيا عام 1999، والدمار الشامل ضد المدنيين بالعراق الذي أدى إلى وفاه عدد كبير منهم وصل نحو مليون أو أكثر.

ورافق ذلك التحالفات التكتيكية المؤقتة للولايات مع الإرهابيين في الدول الأخرى، بما في ذلك المجاهدين في أفغانستان وأواخر عام 1970م، وخلال عام 1980م، ورواد تنظيم القاعدة، ودعم أميركا لقوات الكونترا لنشر الخراب في نيكاراغوا، وأخيراً التحالف التكتيكي مع تنظيم داعش فضلاً إلي تقديم الدعم والمساعدات الكاملة للنصرة بعد ما تم اندماجها في سوريا.

التدوينة مترجمة عن موقع globalresearch .. للإطلاع على النسخة الأصلية باللغة الانجليزية اضغط هنا

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد