ينكسر القلب عند سماع من يهينها، ولكن نتظاهر بالسعادة لما وصلت إليه وعذرنا دوماً أننا مظلومون، حديث يتردد في نفسي كلما سمعت أحداً يتحدث عنها وقلبي يعتصر حزناً وألماً على هوانها في أعين الجميع، ووالله ما كرهناها لشيء فعلته فينا يوماً، ولكن كرهنا من دنَّس شرفها وهدم حضارتها وهيبتها بين الدول -إنها مصر- ذلك الاسم الخالد الذي امتزجت به دماؤنا ولن ننساها ما بقينا.
إن حب الأوطان من الإيمان بل هو الأصل الذي لا يختلف عليه أحد، وكلنا يعرف القول الشريف لسيد البشر مخاطباً مكة يوم الهجرة "والله إنك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فدائماً ما ينتابني شعور بالحزن على حالها يوم أن تحكم فيها الظالمون من جديد وأفسدوا حلماً ظللنا نحلم به على مدى عقود من الزمان، تخللها الفقر والمرض والجهل والسرقة والظلم و..
حلم تم سرقته من أقوام لم يكن لهم يوماً ولاء لهذا البلد ولم يفقهوا لما خلفه حكم العسكر على مر سنوات من الحكم الظالم الذي لا يسمع إلا صوته فقط، ولا يدري عن شعبه شيئاً ذلك الشعب الذي لم ير من الإخوان إلا الخير وقد كان شعارهم دوما (نحمل الخير لمصر) ولكن أهل مصر الحقيقيين لن تجد منهم أحداً اليوم في شوارعها إلا وقد علاه الحزن لحالها وما آلت إليه من سوء الأوضاع وغلاء المعيشة وقصر اليد، وليس لها من دون الله كاشفة.
ليلة حدث انقلاب تركيا أججت فينا المشاعر ووجدت الدمع ينساب من عيون الحاضرين وكلامهم ودعاؤهم ليلتها اللهم لا تفجعنا بتركيا فجيعتنا في بلادنا، ولله المنة والفضل فقد فشل ولكن ليس بكثرة ذكاء من إخواننا في تركيا، ولكن بإرادة الله، وليس الوضع في مصر يوم الانقلاب إلا انتفاضة مماثلة لما حدث في تركيا، ولكن الخيانة في مصر كانت أكبر ومن يؤيدونها أكثر؛ ولذلك نجح في مصر ولم ينجح في تركيا.
أقول هذه الكلمات ليعلم قومنا وكل الناس أننا لا نكره مصر ولم نخُنْها يوماً ولم نُسئ لها ولم نسخر منها، وإنما نسخر ممن أوصلها لتلك المكانة بين العالم من ذلك الخائن الذي يتنازل في كل يوم عن جزء منها وهو ما لم يفعله الأعداء يوم احتلوها.
يوماً ما تحدثت مع أحد زملاء العمل وهو من سوريا، فقال إن الوضع لدينا في سوريا أفضل من الوضع عندكم في مصر بكثير، وسوريا بكل ما نسمعه عنها من جماعات الإرهاب والحرب الدائرة -نسأل الله أن يفك الكرب عنها- أفضل من مصر، ثم قال لولا القصف الروسي على سوريا لسافرت إلى هناك ولكن الوضع في مصر غريب لم يسبق له مثيل وهنا ظللت أتساءل عن تلك المقولة الشهيرة لقائد الانقلاب "أحسن ما نبقى زي سوريا" وعندها عرفت أننا لسنا أفضل حالاً منها وإنما هم أفضل بكثير.
تحققت هذه الكلمات يوم أن مكّن الله للثوار تحرير حلب من الطغاة وقلت في نفسي أما آن الأوان لتزاح الغمة وليتحد المصريون خلف رئيسهم الشرعي الدكتور محمد مرسي الصامد في غياهب السجون كل هذه الفترة ليخرجوه وليحرروه ولنقتص لشهدائنا الذين ظلمهم الانقلابيون وشردوا من بقي من أهل مصر إما خارجها أو داخلها، أو شردهم في داخلهم فجعلهم لا يعرفون طريقاً للحق، وطمس الله على قلوبهم فأصمهم وأعمى أبصارهم، وقد رأينا من كنا نذرف المع عند سماع خطاباتهم، وكلماتهم التي كانت تزلزل المساجد عن الجهاد وعن الوقوف في وجه الظالمين ثم رأيناهم يبيعون آخرتهم ببعض عرض الدنيا.
هؤلاء من شوهوا صورة المسلم في ذهن كل العالم فهم لا يختلفون في ما يفعلونه عن تنظيم داعش بيد أنهم يقتلون بأيدي غيرهم من العسكر يتعاونون مع الغرب ليعلنوا أن الإخوان ليسوا من أهل السنة والجماعة فمن هم إذا أيها القتلة المجرمون؟
سوف تبقى مصر هي الوطن مهما بعدنا أو أبعدنا عنها وسيبقى حبها الأول في قلوبنا ولن نتنازل يوماً عن حقنا في حياة آدمية حضارية يأخذ فيها كل فرد حقه، ويؤدي واجبه كما ينبغي وستبقى لنا بيعة في أعناقنا لهذا الرجل الذي لا نعترف بغيره رئيساً شرعياً لمصر وأنه عما قريب ستزول الغمة وسينعم الأحرار خلف السجون بحريتهم وسيقتص للشهداء ولن نترك أحداً ممن شارك في هذا الانقلاب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.