ينتظر السوريون القاطنون في المدن المحاصرة بفارغ الصبر توزيع المساعدات الإنسانية الموعودة بموجب اتفاق الهدنة الذي دخل حيز التنفيذ مساء أمس الاثنين 12 سبتمبر/أيلول 2016.
ويقول أبو جميل الذي يقطن حي الأنصاري الخاضع لسيطرة الفصائل المقاتلة في حلب لوكالة الصحافة الفرنسية: "إن توقف القصف أمر جيد، لكنه ليس كافياً، نريد إدخال الغذاء إلينا".
الوضع ما زال سيئاً
وأكد الرجل البالغ 55 عاماً أن "الوضع لا يزال سيئاً هنا؛ لأن الأسواق خالية".
وتخضع الأحياء الشرقية في المدينة لحصار منذ شهرين، وتعاني هذه الأحياء من نقص حاد وغير مسبوق في المواد الأساسية، وكانت تتعرض لقصف عنيف يومياً من طائرات النظام قبل البدء بتنفيذ الهدنة الاثنين.
وساد الهدوء هذه الجبهة الرئيسية من النزاع، وأصبحت الطرق أكثر ازدحاماً من المعتاد.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن عن ورود تقارير عن وقوع بعض الهجمات الجوية والقصف في الساعات الأولى من الهدنة مساء أمس الاثنين، لكن يبدو أن هذه الهجمات انحسرت.
وكانت تركيا قالت أمس الاثنين إنه بالتزامن مع الأمم المتحدة تعتزم إرسال أكثر من 30 شاحنة محملة بإمدادات غذائية وملابس ولعب أطفال للأجزاء المحاصرة في حلب في غضون ساعات من سريان الهدنة.
ويتجاذب السكان أطراف الحديث على الأرصفة أو أمام منازلهم في عدد من الأحياء، كما شوهد عدد كبير من الأطفال، الذين نادراً ما يخرجون من منازلهم أو من الملاجئ بسبب القصف، وهم يركبون الأراجيح أو يلعبون كرة القدم كما في حي الشعار وسط الجسور المهدمة.
وأغلقت العديد من الأسواق أبوابها بسبب قلة البضائع، فيما توقف عدد من المارة أمام المتاجر القليلة التي فتحت أبوابها للتبضع، ولم يعد متوفراً إلا عدد قليل من الخضراوات من بينها الباذنجان والكوسا والبقدونس.
خيبة أمل
ينص الاتفاق الروسي – الأميركي على إدخال مساعدات منذ الاثنين إلى المدن المحاصرة، التي يصعب الوصول إليها، كما في حلب؛ حيث يعاني نحو 250 ألف شخص إلى جانب المقاتلين من نقص في المواد، لكن خيبة الأمل واضحة لدى السكان؛ لأن أي مساعدات لم تدخل حتى الآن.
وفي حي الكلاسة الذي يخضع لسيطرة المعارضة، يقول محمد حشيشو (23 عاماً): "لقد سمعنا في التليفزيون عن إدخال مساعدات، لكننا وبعد 20 ساعة (من بدء تطبيق الهدنة) لم يصلنا أي شيء".
وبحسب الأمم المتحدة، فإنه من المقرر أن تحتوي أولى المساعدات على المواد الغذائية وسيتم توزيعها في الأحياء الشرقية في حلب، التي لم تحصل على مساعدات منذ يوليو/تموز عندما أطبق النظام حصاره عليها.
وسترسل المساعدات عبر تركيا ثم من طريق الكاستيلو في شمال المدينة؛ حيث أقام الجنود الروس نقطة مراقبة من دون أن يتبين حتى الآن ما إذا كان الجيش السوري انسحب من المكان كما ينص الاتفاق.
نقص في المواد الطبية
وفي دوما المحاصرة بالغوطة الشرقية التي تخضع لسيطرة الفصائل المقاتلة، فإن ما ينقص خصوصاً هو المواد الطبية.
ويقول المسؤول في مشفى دوما ياسر الشامي: "الشيء المنتظر هو ملء المستودعات الطبية بالمواد الضرورية التي لم تكن موجودة خلال فترة الحصار".
ويقول أبو حمزة، وهو فني في مركز غسل الكلى بالغوطة الشرقية: "ننتظر دخول المواد الطبية اللازمة لعمليات الغسل وأي تأخير ينعكس سلباً على صحة المريض".
ويضيف أن "المواد التي أدخلت منذ فترة شارفت على الانتهاء".
وفي الأحياء الغربية من حلب التي يسيطر عليها النظام يبدو السكان راضين عن تمكنهم مجدداً من مزاولة حياتهم في شكل شبه طبيعي.
وتقول آلاء جمعة، التي تركت دراستها في كلية الاقتصاد للالتحاق بالتمريض بسبب الحرب: "آمل أن يكون الأمر جاداً، آمل عدم سماع صراخ الجرحى في المشافي من جديد".
وتضيف: "قلبي كان يتمزق حين أسمع الصراخ. اليوم لم أسمع هذا الصراخ للمرة الأولى".
بدوره، يعرب أحمد عبد المعطي الذي يقوم بحراسة المشفى عن سعادته؛ لعدم سماعه أصوات صافرات سيارات الإسعاف، ويقول: "لأول مرة لم أسجل أسماء جرحى أو قتلى".
تعهُّد أُممي
ونقل التليفزيون الرسمي عن الحكومة السورية القول إنها سترفض دخول أي مساعدات لحلب، لا سيما من تركيا، من دون تنسيق معها هي والأمم المتحدة.
وقالت الأمم المتحدة إن تلك الشاحنات لا تتبعها، وإنها لا تزال تنتظر التأكد من صمود وقف إطلاق النار قبل أن ترسل قافلة تابعة لها.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الإغاثة الإنسانية في جنيف، ينس لايركه، إن المكتب ينتظر لحين التأكد من صمود وقف إطلاق النار "قبل أن يبدأ تحرك الشاحنات من تركيا، في هذا الوقت الذي أتحدث فيه الأمر ليس على هذا النحو".
وأضاف: "نريد أن ندخل بيئة لا نكون فيها أمام خطر الموت بينما تقدم المنظمات الإنسانية المساعدات".
وأضاف لايركه، في تصريحات صحفية بجنيف: "على جميع أطراف الصراع الدائر بسوريا والدول الأعضاء بالأمم المتحدة وضع العداوات جانباً، ولعب دور إيجابي دون عوائق أو شروط مسبقة".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة على استعداد لتلبية الاحتياجات الإنسانية في عموم سوريا، بما في ذلك احتياجات سكان شرقي حلب (شمالي سوريا)، الذين تعذر الوصول إليهم اعتباراً من يوليو الماضي، بسبب تواصل الصراع المسلح في المنطقة.