الثابت والمتغير في الانتخابات التشريعية المقبلة بالمغرب

لا حديث قبل موعد المحطة الانتخابية التشريعية بالمغرب للسابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وكأي موعد انتخابي يحل بمختلف دول العالم، لابد من السؤال عن الثابت والمتغير فيه، الذي يطفو فوق سطح المشهد السياسي، ويتبادر إلى ذهن كل متتبع له، ويبلغ نقع السجال والكلام حول الإجابة عنه، بين متفائل بمحطة انتخابية مستشرقة، وبين متشائم لها على اعتبار أن لا جديد يذكر بها، ولا فرق بينها وبين سابقاتها من المحطات الانتخابية.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/10 الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/10 الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش

لا حديث قبل موعد المحطة الانتخابية التشريعية بالمغرب للسابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وكأي موعد انتخابي يحل بمختلف دول العالم، لابد من السؤال عن الثابت والمتغير فيه، الذي يطفو فوق سطح المشهد السياسي، ويتبادر إلى ذهن كل متتبع له، ويبلغ نقع السجال والكلام حول الإجابة عنه، بين متفائل بمحطة انتخابية مستشرقة، وبين متشائم لها على اعتبار أن لا جديد يذكر بها، ولا فرق بينها وبين سابقاتها من المحطات الانتخابية.

الأمر الذي يحدو بأي واحد منا إلى المحاولة جاهداً مع نفسه بغية إيجاد إجابة كفيلة بتحديد تموقع صاحبها هل هو في صف المتفائلين أم ضمن خانة المتشائمين؟
فلنبدأ أولاً بالثابت في هذه المحطة الانتخابية التشريعية المقبلة، لعل ما بها من المتغير من إيجابيات معدودة يترك صدى طيباً عن هذه المحطة لدى ذهن قارئ هذه الأسطر.

فالثابت الذي لا يختلف فيه اثنان من المواطنين المغاربة، سواء المسجلون منهم في اللوائح الانتخابية، أو غير المسجلين الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في محاولة التوجه لصناديق الاقتراع يوم السابع من أكتوبر المقبل، هو أن هذه المحطة ما هي إلا نسخة طِبق الأصل لمثيلاتها من المحطات السابقة، التي اعتاد المواطن المغربي طقوسها، بدءاً بتقديم لوائح أحزاب سياسية بوجوه معروفة اعتاد المواطن لقاءها مرات قلائل كل خمس سنوات، ومروراً بحملات انتخابية ملؤها شعارات جوفاء ومتشابهة ترددها كل الأحزاب السياسية، لدرجة أصبح معها لا تثير أي حماس وسط الرأي العام الوطني، كما لا تثر أي اهتمام مداخلات مرشحيها التلفزيونية والإذاعية المرتبكة، ووصولاً ليوم الاقتراع الذي بانتهاء فرز صناديقه، تعود الأمور إلى نصابها والوجوه السياسية لاختفائها.

الأمر الذي أصبح معه المواطن المغربي عامة، والفئة الناخبة خاصة تتساءل عن الجدوى من العملية الانتخابية في ظل سيناريو يعاد كل خمس سنوات، وبنفس الشخصيات التي يبقى فقط اختلافها في الدور التي تتقمصه تارة كـ"أغلبية"، وتارة أخرى كـ"معارضة"، مما صار معه العزوف عن المشاركة السياسية نتيجة حتمية، لا يمكن إقرار عكسها إلا بإرادة سياسية قوية وجادة لغاية أفضل، وفي سبيل استرجاع ثقة المواطن المغربي في الأحزاب السياسية عامة والساسة خاصة، وتغيير تلك الصورة النمطية التي تشكلت في ذهن كل مواطن مغربي عن العمل السياسي والحزبي بالمغرب، كمجال للاغتناء وتحقيق المآرب الخاصة على حساب الفئة الناخبة.

كانت هذه نبذة عن الثابت في المحطة الانتخابية المقبلة للسابع من أكتوبر، والذي يتبادر لذهن جل المواطنين المغاربة. أما عن المتغير في هذه المحطة، الذي من شأنه إعطاء جرعة محفزة نسبياً لمشاركة سياسية كفيلة بتحقيق غد سياسي أفضل. هو أننا أمام الانتخابات التشريعية الثانية التي تأتي بعد إقرار دستور المملكة الجديد لفاتح يوليو/تموز 2011، والذي من خلاله سنكون أمام حكومة مقبلة ثانية بعد الدستور الجديد من خلاله وعتت بما لها من صلاحيات وما عليها من واجبات، بعيداً عن ما يتداول في ظل الحكومة الحالية كونها حكومة تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، والتي رغم اقتراب نهاية ولايتها ما زالت لم تفِ بالغرض في هذا الشأن.

كما أن من المتغير الذي ينتظر في المحطة الانتخابية التشريعية المقبلة للسابع من أكتوبر، هو أننا أمام انتخابات سبقها صراع محموم امتد لأشهر عديدة، وثنائية قطبية بارزة بين كتلة طامحة لولاية أخرى لمواصلة عمل يحتاج لولاية حكومية ثانية، ولم تظهر بعد معالمه خلال الولاية الحكومية الأولى، وكتلة أخرى طامحة لولاية أولى من خلالها تقف عند هفوات الحكومة التي سبقتها وما فشلت في تحقيقه، ﻹبراز تميزها لدى المواطن المغربي، ولا سيما باستحضار واقع الحكومة الحالية التي عاشت من خلاله معظم عمر ولايتها على وقع التشنج في جملة من القطاعات بها، وعلى وقع الفشل الذريع في إصلاح بعضها، والتي كان المواطن المغربي بالأمس القريب يمنّي النفس بواقع أفضل تصبح عليه.

وفي انتظار محطة السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي من خلالها ستكون الكلمة الفيصل للناخبين المغاربة المسجلين في اللوائح الانتخابية، الذين يمثلون إرادة نسبية جداً من الشعب المغربي، لا يسعنا القول إنه ومهما كانت النتيجة التي ستفرزها صناديق الاقتراع بمختلف المدن المغربية فالذي يجب أن يستحضر هو الحفاظ على ديمومة التواصل مع المواطن، وبألا يكون السادة النواب الذين ستفرزهم صناديق الاقتراع، أشخاصاً موسميين يقترن ظهورهم فقط بالموسم الانتخابي.

هذا إضافة إلى ضرورة استحضار المواطن المغربي لأهمية صوته اتجاه أي مرشح وبأنه لولا وجوده، لما أتيحت لهذا المرشح فرصة الاستوزار أو الحصول على منصب برلماني، الأمر الذي ينبغي معه أخذ الحظر ثم الحظر من إعطائه لأي كان؛ لأنه وإذا كان المثل المغربي الشائع عن الزواج يقول "زواج ليلة تدبيره عام"، فإن عن العملية الانتخابية "تصويت ليلة تدبيره أعوام".

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد