في مشهد من مشاهد الكوميديا الساخرة طلع علينا بوق من أبواق الأجهزة الأمنية، الذي يرتدي لباس الإعلامي المخضرم في الصحافة المخابراتية، بإجراء استفتاء لاختيار السيسي، لفترة رئاسية جديدة، مع العلم أنه لم يكمل المدة التي استولى بها على الحكم!
وكانت نتيجة هذا الاستفتاء فضيحة من العيار الثقيل؛ حيث وصلت إلى رفض أكثر من 80%، وأقل من 20% للمؤيدين، مما دفع بهذا الصحفي اللولبي، الذي يحاول أن يكون إعلامياً، بغلق حسابه على تويتر، بعد أن خرجت النتيجة بأن عبدالفتاح هو الذي اختار السيسي فقط، على الرغم من وجود أجهزة كثيرة مشبوهة، تسهم في تلميعه، ناهيكم عن الكتائب الإلكترونية المأجورة التي تدفع في هذا الاتجاه.
وهو نفس الصحفي الألمعي الذي خصص جائزة قدرها مليون جنيه لمن يتقدم بوثيقة تثبت أن جزيرتي "تيران وصنافير" مصريتان، ووعد بتسليم الجائزة على الهواء لأي شخص يقدم الوثيقة، وبعد حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، علق على الحكم بقوله: "مش هدفع، أنا قلت لو فيه وثيقة تؤكد ملكية مصر للجزيرتين، ولا يوجد حتى الآن"!.
أقول إن فئة المنتفعين المتسلقين ممّن يسمون إعلاميين وصحفيين ومثقفين، كالطحالب التي تعلق على جدران الترع والمصارف، يسعون للاستفادة الشخصية من كل شيء في كل عصر، وأجندتهم الحقيقية هي تدمير الدولة المصرية لأهداف مشبوهة داخلية وخارجية، فالأهم عندهم هو المقابل المادي، ولا يأبون بالتناقضات التي ترتسم على كلامهم وأفعالهم.
وبعدها بقليل خرج علينا المناضل والابن البكري في النصب والاحتيال للسيسي، الذي أصبح نموذجاً فريداً في تقبيل الأحذية في كل عصر بطريقته الخاصة، ليقول إن هناك مخططاً يحاك لمصر لإسقاط النظام، ويدّعي أن الخطة بقيادة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومن أجل سعيه الحثيث لمبارزة الموسوي والتغلب عليه في النفاق ومسح أحذية العسكر، أطلق "هاشتاغ" بعنوان (لا لتركيع السيسي)، ويواصل بطولاته الحنجورية البهلوانية، بقوله: "وعايزين نقول للريس مصر مش هتركع، ولن نسمح لك أبداً بعدم الترشح مرة أخرى، هنرشحك عشان تكمل دورك وبرنامجك".
وبصفته خبيراً استراتيجياً في الدجل والشعوذة، يقول: "إحنا شايفين الواقع وقاريين تفاصيله وعرفنا مين معانا ومين ضدنا، وعرفنا اللي إذا مخدش دور هيولعها وعرفنا مين اللي مش بينام إلا ساعتين تلاتة في اليوم، كفاية فوضى"، ومعقباً في مشهد دراماتيكي لولبي بقوله: "ماذا لو نجحت حملات التحريض في إخراج الناس للشارع؟.. هتخرج الناس للشارع بحجة الغلاء والمشكلات الاقتصادية، وأول مظاهرة هتبتدي تولع في البلد وتحرق البيوت وتنهبها، وعلى الفور سيخرج الأمن ليتصدى، ويتدخل الخارج ويطلب من رئيس الدولة منع الأمن من التصدي للمتظاهرين السلميين.. هيشوفوا النار بعينيهم وهيقول لك دي مظاهرة سلمية ولو استمريت في التصدي هيقول لك هنوقع عقوبات وقد تصل للتدخل المباشر لأنهم عايزين اللحظة دي تحصل دلوقت، وهيبتدي يطلع من برة قرارات بحصار مصر، ويمنعوا الطيارات المصرية تخرج، وتطلع المحكمة الجنائية الدولية تقول لك الجيش قتل المصريين، والرئيس مطلوب للمحاكمة الدولية، ويطلع بان كي مون ببيان ويطلع أوباما يقول لك: الآن يعني الآن، ونبقى إحنا الضحايا اللي سلمنا بلدنا!".
إنها أقوال كاذبة لأناس مأجورين، نعم ستكون أنت الضحية وأمثالك ممن باعوا شرفهم من أجل المال والجاه، ألا يخجل هؤلاء مما أوصلنا إليه راعي الفساد والاستبداد في مصر، لقد انهارت الدولة على يديه في جميع المجالات، الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية حتى الدينية. أقول: هؤلاء وأمثالهم من الكذابين، كالنائحة المستأجرة، الذين يروجون دائماً للفساد والاستبداد بحجج لا تنطلي على أي إنسان عاقل، احذروهم ولا تصدقوهم، فهم لا يستطيعون أن يعيشوا في أجواء طبيعية، بل يكبرون ويترعرعون في أجواء الفساد، ويدعمون الاستبداد الذي يحقق لهم ذواتهم ومصالحهم الخاصة. وهؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النحل: 105].
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.