بالعودة إلى الثالث عشر من أغسطس الجاري، ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة خلال افتتاح مجمع البتروكيماويات بالإسكندرية، والذي وُصف بأنه أكبر مجمع بالشرق الأوسط.
جاء ملخص الكلمة عن رفع الدعم وخاصة الكهرباء وعن القرض الذي ستتحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي بقيمه 12 مليار دولار، ضمن عدد من القروض الدولية المستهدفة الأخرى.
فيما ألقى الرئيس الضوء على سبب تدهور حال الاقتصاد المصري بدخول حروب مثل 56 و67 و73.. ثم عهد الفساد والجانب السلبي للثورة الذي أثر على مصر بشكل كبير، إضافة إلى مشكلة أعداد الموظفين وزيادة الأجور المرتبطة بذلك الوضع.
ونحن هنا لسنا بصدد تكذيب الرئيس أو تفنيد ما قاله بشكل اقتصادي بحت، ولكننا بصدد تفنيد فلسفة الرئيس وخطته ورؤية الدولة المصرية لأهدافها.
لعل الرئيس قد نسي أو تناسى أنه ومنذ قيام ثوره 30 يونيو، أنه تم رفع المعاشات العسكرية 6 مرات في كل مرة بمعدل من 5% إلى 10%.
المرات الست كانت بقرارات مختلفة في الفترات، نوفمبر 2013 ويوليو 2014
وأغسطس 2014 وديسمبر 2014 ويونيو 2015 ومارس 2016،
اما القضاة فحدث ولا حرج!.. ببحث سريع في موقع البحث العالمي الشهير
جوجل، تستطيع أن تكتشف أن بدلات ومرتبات القضاة المصريين شهدت زيادات خلال العامين الماضيين بحوإلى 30%.. وبين مكافآت العيد والعطلة وبدل مجهود وعدوى وغيرها من الامتيازات.
وبينما تحدث الرئيس عن ضرورة التحمل أو سياسة "شد الحزام" كما يعرفها المصريون منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، في مقابل أن تنهض مصر التي أعطتهم كل ما هم فيه منذ آلاف السنين واستطرد متحدثاً عن الفترة الزمنية الطويلة التي تحتاجها العملية.
يبدو أن سيادة الرئيس لا يعلم بوجود بلدين نموذجين يسميان البرازيل وتركيا، واللتان كانتا مصنفتان من أفقر دول العالم وأقلها دخلاً للفرد، ويعانيان من مشاكل تشبه مشكلة مصر إلى حد كبير.
وعلى سبيل المثال في تجربة البرازيل بدأ الأمر مع وصول "لولا دي سيلفا" إلى سدة الحكم، وقد تسلم البلاد بعدما ارتفع الدين الخارجي من 150 إلى 250 مليار دولار، وارتفع الدين الداخلي بمقدار 900%.
لكن ديسلفا وضع خطة للتقشف وإعادة تدوير رأس المال في صالح الفقراء، مما ساهم في حلل مشكلة أزمة الثقة، فتلقت البرازيل 200 مليار دولار دفعةً واحدة باستثمارات مباشرة، ثم توجه دي سيلفا للتوسع في استخراج المعادن والصناعة والزراعة ودعم التصدير وتغيير سياسات الاقتراض، فوصلت معدلات النمو في العام 2004 إلى 5.7%.
حتى أصبح البنك الدولي مديناً للبرازيل بـ 14 مليار دولار، بعدما كان يرفض إقراضها، ويصل إجمال الناتج المحلي للبرازيل 1.8 ترليون دولار، وأعلنت البرازيل عن نفسها في مرتبة تاسع أكبر اقتصاد في العالم، وبدأت في تسديد ديونها.
في العام 2014 أصدر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قائمتين بأهم اقتصاديات العالم فاحتلت البرازيل المركز السابع على مستوي دول العالم وجاءت تركيا في المركز السادس عشر.
اما عن الحروب.. فيكفي ذكر اسم دولتين كمثال حي للنهوض بعد كبوة، الأولى هي اليابان، الدولة التي ضُربت بقنبلة نووية أبادت الملايين، ثم تعرضت لتسونامي في العام 2011 دمر سواحل اليابان وأدى إلى وفاة 6400 شخص وفقد 10259 شخصاً.
وصنفت كثالث أقوى اقتصاد في العالم عام 2014، بحسب قائمة صندوق النقد الدولي، وحتى المصريون أنفسهم يلقبونها بالكوكب الشقيق لما بها من تكنولوجيا وتقدم.
أما عن ألمانيا فحدث ولا حرج!.. دولة خرجت مهزومة في الحرب العالمية الثانية مستنفدة الموارد تماماً، وتشكل النساء أغلب سكانها، بعد تعرض أغلب الزكور للقتل والأسر في الحرب، ثم قسمت إلى دولتين يفصلهما "جدار إسمنتي"، وتم تجريف هويتها ومواردها.
ليسقط الجدار في 9 نوفمبر 1989، ومع بداية العام 2000 بدأت معدلات الأجور في ألمانيا بالتزايد، بعد الاعتماد وتقوية الاتحادات العمالية وزيادة معدل الإنتاج لتكون ألمانيا في العام 2009 أكبر مصدر في العالم، حتى حلت محلها الصين في الأعوام التالية ليعلن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ألمانيا كرابع أقوى اقتصاد على مستوى العالم في العام 2014.
أما عن الزيادة السكانية، فلا داعي لأن نتحدث عن دولة الصين، والتي يذيد حجم سكانها عن الميار نسمة، لكنها أكبر مُصدِّر على مستوى العالم منذ العام 2009 وثاني قوة اقتصادية عالمية، بحسب تقريري البنك الدولي وصندوق النقد في العام 2014 أيضاً.
وختاماً سيدي الرئيس لسنا في عالم يمكن بسهولة التلاعب بقاطنيه، فلا شيء أبسط من قدرة أي شخص في أي بقعة من أرض الله الواسعة للوصول إلى المعلومات وبلغة بسيطة وسهلة، وأنصح سيادتك بالبحث عن أي جهاز حاسوب
أو موبايل، والدخول على شبكة الإنترنت، ومنها إلى موقع جوجل، والبدء من هناك لوضع إستراتيجية للدولة المصرية، لعل هناك خللاً أصاب أجهزة الدولة، فلا ترفع التقارير المناسبة لك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.