مقاتل من ورق.. من باع “حيا وشه”

إن هذا النوع من "المقاتلين الوهميين" يمكثون في العصور الوسطى للأمم، فلم يخوضوا حرباً حقيقية، سوى مع "الكيانات الهمايو/أيارنية"، فتارة يحارب "ميكروفون قناة فضائية"، وتارة ينهزم من تسجيلات صوتية لأحاديثه ورفقائه من مكاتبهم السرية، وتارة يصرعه تقرير من مجلة الإيكونومست، أو صحيفة النيويورك تايمز.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/29 الساعة 04:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/29 الساعة 04:15 بتوقيت غرينتش

في العصور الوسطى لأوروبا وسط التخلف والانحدار الحضاري والإنساني الذي عاشته، كان كثير من الأمراء والملوك والإقطاعيين يطلقون على أنفسهم ألقاباً رنانة، على شاكلة "المحارب العظيم"، و"هازم الأعداء"، و"العاصفة الجارفة"، و"الأسد المغوار"، وكانوا ينشرون حديثاً عبر رجالهم بين العامة عن حروب ومعارك "وهمية" خاضها "سيدهم المغوار"، بينما كان يدفع في السر الجزية و"الضرائب" لمن هو أقوى منه، وهؤلاء يقولون عنهم في المثل "اللي باعوا حيا وشهم"، وهو مثل شبيه بالمثل الشعبي الشهير "اللي اختشوا ماتوا".

تقريباً يتكرر هذا النموذج في كثير من دول العالم الثالث، إذ إن هذا النوع من "المقاتلين الوهميين" يمكثون في العصور الوسطى للأمم، فلم يخوضوا حرباً حقيقية، سوى مع "الكيانات الهمايو/أيارنية"، فتارة يحارب "ميكروفون قناة فضائية"، وتارة ينهزم من تسجيلات صوتية لأحاديثه ورفقائه من مكاتبهم السرية، وتارة يصرعه تقرير من مجلة الإيكونومست، أو صحيفة النيويورك تايمز.

"مقاتل من ورق"، يحصن كل شيء حوله، نفسه، عائلته، رجاله، قانون يحظر به التظاهر، قتلى بالمئات من شعبه، معتقلون يتجاوزن عشرات الآلاف، مفقودون ومختفون قسرياً، قرارات جمهورية، أوامر عسكرية، حبر على ورق لمقاتل "من ورق".

مقاتلنا "الورق" في البداية قاتل أعداء "الوطن" الذين استغلوا سلم الديمقراطية، فقرر تأميم السلم ومن ثم كسّره لكي لا يصعد عليه أحد دونه، مغوار، فطلب تفويضاً من شعبه لقتل شعبه.. جيدة هذه المعركة من معارك "المقاتلين الورق".

كانوا في البداية "نور عين" مقاتلهم الورق، ولكن سرعان ما باتوا عبئاً عليه بعدما حملوه في عيونهم، فقرر فقأ عينيه واستبدالهما بشعب من رفقاء دربه مرتدي البزات المموهة وأرواب المحاكم القاتمة، فقأ عينيه الأوليين بفرض ضرائب على البسطاء، واقتراض المليارات من هنا وهناك، ورفع الأسعار، وإزالة الدعم، وباع أجزاء من الأرض، ثم تخلى عن النهر السارح في خاصرة الوطن، قرر أن يكون إقطاعياً في ثوب "مقاتل.. من ورق".

شعب "المقاتل الورق" لم يرضَ بهذه الإجراءات التقشفية، رغم ما قاله لهم في البداية "أنا مش قادر أديك"، فعبروا عن "زمزأة"، ولكن حتى "الزمزأة" لم تعجب "المقاتل الورق"، فخرج معاتباً شعبه قائلاً: "الشعب هو ظهر المقاتل، وحين يشعر المقاتل أن شعبه قد ملّ منه فإنه لا يعود بمقدوره أن يقاتل".

السؤال الحقيقي هنا: هل ناعت نفسه بنعت "المقاتل" يكسبه لقب "المقاتل"؟! والسؤال الثاني: أليس من الضرورة عندما ينعت الناعت نفسه بـ"المقاتل"، بأن يكون قد قاتل عدواً بالفعل؟!.

اذكر في ما لا يقل عن صفحتين "فلوسكاب" معارك خاضها "المقاتل إياه"؟! وما نوع المعارك، ومع مَن، وكم معركة فاز أو خسر فيها؟.

هذه الأسئلة لن تجدوا إجاباتها النموذجية مسربة لدى "شاومينج"؟ الإجابات ستجدونها في وجه كل فقير، وموظف، وعامل، في وجوه الجنود، والمعدمين، والمعتقلين، والمختفين، والخائفين، والمترقبين، إجابة في عيون أهالي الضحايا وأطفالهم.

عزيزي "الورق" إن كنت تريد فترة رئاسية جديدة، فلتأخذها، فالقوة معك، والجنود، "اللي باع حيا وشه ببلاش يعمل ما بدا له"..

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد