هل يؤدي تحرير الموصل من “داعش” إلى إنهيار كردستان العراق؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/28 الساعة 14:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/28 الساعة 14:37 بتوقيت غرينتش

قد تؤدي الحملة التي تستهدف طرد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) من الموصل إلى نزوح نحو مليون لاجئ إلى كردستان العراق، مما قد يتسبب في انهيار منطقة منهكة بفعل أزمات عدة، وفقاً لوثائق حكومية داخلية اطلعت عليها صحيفة The Observer البريطانية.

تناشد خطة التعامل مع تدفق اللاجئين، تناشد المجتمع الدولي للمساعدة، وتحذر من أن حكومة كردستان الإقليمية لا تكاد تستطيع إعالة 1.5 مليون شخص كانوا قد لجأوا من قبل إلى الإقليم، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

ويعاني إقليم كردستان العراق من الانهيار الاقتصادي، والحرب مع داعش، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين.

و بدون دعم مالي خارجي، سيكون استقرار الإقليم، على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، في خطر في حال وفود العدد المتوقع من اللاجئين. كما يتوقع المسئولون تهديدات أمنية بسبب احتمال تسلل مقاتلي داعش مع اللاجئين.

1.5 مليون لاجئ


تحذر خطة الطوارئ التي وضعتها وزارة الداخلية الإقليمية، من أن "القدرة الحالية لحكومة إقليم كردستان للتعامل مع موجات جديدة من النزوح شبه معدومة.

فالإقليم منهك بالفعل بسبب الأزمة المالية وبسبب استضافة أكثر من 1.5 مليون من النازحين، بالإضافة إلى تكلفة الحرب مع داعش".

إن محاولة تخليص مدينة الموصل من داعش تعتبر جهد مشترك بين البشمركة الكردية والقوات العراقية والميليشيات الشيعية، بدعم من القوات الجوية الأميركية، التي من المتوقع أن تقترب من المدينة في غضون أسابيع.

وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأسبوع الماضي "سوف تتحرر الموصل في عام 2016".

يقاتل الجيش العراقي على ضفاف نهر دجلة، فيما تقترب قوات البشمركة من الجهة الشرقية. استولت القوات العراقية على بلدة قرايا، قرب قاعدة جوية رئيسية، 70 كيلومترا جنوب الموصل، أما القوات الكردية، فهي أقرب من ذلك.

للمدينة قيمة استراتيجية ودعائية ضخمة لكلا الجانبين، فهي عاصمة لعمليات داعش في العراق، وهي آخر معقل للجماعة في البلاد بعد أن تم دفعها للخروج من الرمادي والفلوجة.

وتعتبر المعارك الجارية لطرد داعش من تلك المدن هي بشائر استعادة السيطرة على الموصل، التي يتوقع أن تكون صعبة مع معارك الشوارع الشرسة وتكتيكات داعش، مثل الاستخدام الوحشي للمدنيين كدروع بشرية وتفخيخ الشوارع والمباني.

العدد المعرض للخطر من العراقيين المدنيين في الموصل أكثر بكثير من الأعداد المتوقع نزوحها، إذ يقدر أن هناك نحو 1.2 مليون مدني في المدينة و800 ألف آخرين في الريف المحيط بها، وفقاً لتقديرات الحكومة الكردية. الرمادي، على النقيض من ذلك، كانت مهجورة تقريباً في الوقت الذي هاجمتها فيه القوات العراقية والميليشيات المناهضة لداعش، بينما قدر عدد الباقين في الفلوجة بنحو 40 ألفاً من المدنيين.

وثائق التخطيط الخاصة بالحكومة الكردية تصف ثلاث طرق تعتقد أن المعركة يمكن أن تدار بها. ومن المتوقع أن تؤدي حملة ناجحة إلى نزوح ما لا يقل عن 100 ألف لاجئ جديد، في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، مع بقاء معظم سكان الموصل في منزلهم.

التوقعات الأكثر تشاؤماً ترجح أن المعركة ستستمر لعدة أشهر، مع حرب شوارع ضارية، مما يتسبب في فرار أكثر من مليون شخص إلى كردستان.

وترجح الحكومة أن الحقيقة ستكون وسطاً بين الطرفين، مع هجوم يستمر من أسابيع إلى أشهر، وحصار فعلي للمدينة وقطع الطرق الرئيسية المؤدية إليها -مما سيؤدي إلى استنزاف إمدادات الغذاء والماء والدواء- بالإضافة إلى قتال وغارات جوية مكثفة على المدينة.

تحذر التوقعات أن ذلك من شأنه أن يتسبب في نزوح أكثر من 400 ألف لاجئ جديد، يصل معظمهم تدريجيا مع انتشار القتال واشتداده. ستتكلف تغذيتهم وإيواؤهم أكثر من 275 مليون دولار في الأشهر الستة الأولى وحدها، ومن المرجح أن يأتوا لا يحملون سوى ملابسهم على أجسامهم.

وقال التقرير إنه "من المرجح جداً أن يصبح مئات الآلاف من الناس إما نازحين أو محاصرين، أو مصابين أو قتلى. أما الذين سيتمكنون من الهرب وترك كل ممتلكاتهم وراءهم، فسيعتمدون تماماً على المساعدات الإنسانية".

ستظهر الحاجة إلى مزيد من الدعم من بغداد أو من الخارج لرعايتهم، كما يقول التقرير مراراً وتكراراً.

ويضيف "نتوقع المزيد من المساعدة والمساهمة من الحكومة العراقية والشركاء في المجتمع الدولي. وإلا فإن المنطقة سوف تشهد كارثة إنسانية وخيمة أخرى لا يمكن التراجع عنها أو محوها."

وحذرت الأمم المتحدة أيضاً من أن المعركة سوف تخلق أزمة إنسانية، ودعت لجمع التبرعات. حتى الآن، أعطيت كردستان أقل من 20٪ من الأموال اللازمة لدعم اللاجئين الموجودين حالياً على أراضيها، وبدون ضخ المساعدات سريعاً، سوف تضطر إلى إيقاف الخدمات الأساسية من الماء والكهرباء والتعليم وجمع القمامة.

جنود بلا أجور


إن المنطقة على حافة الانهيار الاقتصادي لعدة أشهر، وقد تأثرت بتراجع أسعار النفط وعدم وجود دعم من الحكومة المركزية. قبل عامين، خفضت بغداد التمويل، في محاولة لمعاقبتها على إبرام عقود تصدير النفط المستقلة.

بحلول الربيع، كانت الأزمة سيئة لدرجة أن مقاتلي البشمركة لم يتسلموا رواتبهم لعدة شهور، حتى وافقت الحكومة الأمريكية أخيرا على التدخل ودفع رواتب الجنود، الذين يعتبرون جبهة رئيسية على خط المواجهة مع داعش.

كان المبلغ كافياً فقط للجيش، أما موظفي الحكومة من المدنيين ظلوا لعدة أشهر بدون أجر، ولكنهم كانوا على استعداد للكفاح، على ما يبدو، في ظل تهديد داعش، للحفاظ على درجة من الأمن في منطقة كردستان العراق.

للحفاظ على وضعها "كملاذ آمن"، وتجنب هجمات داعش التي أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين في سوريا وتركيا وأجزاء أخرى من العراق، قامت الحكومة بإغلاق الحدود ووضعت نقاط تفتيش لفحص الوافدين الجدد، لتجنب تسلل المسلحين بينهم.

تشير الخطة الهيكلية إلى أن "التدابير اللازمة ستتخذ على طول خط الجبهة ونقاط الدخول إلى [المنطقة] في حالة الحركة السكانية الكبيرة".

ويحذر المحللون من أن حجم الوافدين قد يطغى على أي خطط، وحتى إذا استطاعت السلطات الكردية منع المسلحين من الدخول، فإن تدفق الوافدين الجدد يزيد من مخاطر التوترات العرقية والإقليمية في المنطقة.

لقد أثار تقدم الأكراد على داعش في كل من سوريا والعراق شكوك كل من الحكومات والسكان العرب المحليين حول طموحاتهم الإقليمية. فهم يخشون إعادة رسم الخرائط بطريقة تحرمهم من مواطنهم، أو استيلاء القوات الكردية على المناطق ذات الأغلبية العربية، التي طالما أرادت ضمها إلى منطقتهم التي تتمتع بالحكم الذاتي.

قال فلاح مصطفى، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في إقليم كردستان العراق لوكالة اسوشيتد برس، مرددا تصريحات العديد من المسؤولين "ستبقى القوات الكردية في كل المناطق التي تحررت من قبل قوات البشمركة".

هل هناك أطماع كردية؟


الأرض التي حصل عليها الأكراد بمساعدة الضربات الجوية الأميركية، منذ انتقلت داعش إلى الموصل في عام 2014، تعادل نحو نصف منطقة الحكم الذاتي الكردية الرسمية.

ولعل أكبر جائزة كانت مدينة كركوك، التي استولت عليها القوات الكردية في ذلك الصيف، الذين قالوا إنهم يحمونها من داعش بعد أن شارف الجيش العراقي على اﻻنهيار.

ومنذ ذلك الحين، منذ استعادة تلك المناطق من داعش، تزايدت الاحتجاجات من اللاجئين الذين منعوا من العودة إلى ديارهم لأسباب أمنية. الكثير منهم من العرب واليزيديين، ويخشى أن تستخدم البشمركة الأمن كذريعة لتعزيز مكاسبها على الأرض.

في سوريا، أثار تقدم الأكراد في المعارك أيضا مخاوف العرب، ودفع تركيا للانضمام إلى القتال ضد داعش في محاولة لتقليص النفوذ الكردي.

في كلا البلدين جذبت فعالية القوات الكردية في القتال ضد داعش الأموال الغربية والدعم العسكري، مما عزز آمال الأكراد في سوريا للحكم الذاتي وفي العراق للاستقلال. ومع ذلك، يشير الوضع إلى زيادة النفوذ الكردي عموما، وليس إلى أي خطوة نحو كردستان موحدة.

لا يوجد وفاق كبير بين الحزب الكردي الحاكم في العراق والمجموعة التي تقود القوات الكردية عبر الحدود داخل سوريا. المشترك بين الطرفين هو تاريخ من الاضطهاد على أيدي الحكام المستبدين، الرئيس السوري بشار الأسد ووالده في سوريا، وصدام حسين في العراق، ليس أكثر.

تثير المكاسب التي حققها السوريون غضب قيادات في أربيل، لا سيما خلال معركة سنجار، معقل اليزيدية، وكان رد الفعل هو تقليص الوصول إلى المنطقة عبر الحدود المشتركة.

حتى داخل كردستان العراق، أصبحت الوحدة هشة. الحزب الحاكم والمعارضة خاضا حرباً أهلية منذ عقدين من الزمن، ومن المحتمل أن تشعل التوترات الاقتصادية والسياسية العداوات القديمة، فتضيف إلى الإلحاح الكردي في طلب المزيد من الأموال.

يحذر التقرير من أن "حجم تدفق اللاجئين وتهديد الأمن من قبل داعش يضع إقليم كردستان العراق تحت خطر الانهيار التام، مما يهدد سلامة الملايين من العراقيين".

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guadian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد