عدّلت تركيا قانوناً كان يحظر على الشرطيات ارتداء الحجاب خلال أوقات الدوام الرسمي.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية، اليوم السبت 27 أغسطس/آب 2016، تعديلًا في القانون المنظم لزيّ العناصر الشرطية، والذي يسمح لموظفي الأمن من السيدات بارتداء الحجاب خلال أوقات الدوام.
ويُتيح التعديل بالمادة 5 الخاصة بتنظيم زيّ الموظفين، ارتداء النساء العاملات في السلك الأمني الحجاب تحت القبعات (غطاء الرأس)، بحيث يتناسق مع لون البدلة الرسمية، ويكون خاليًا من الرسوم والتزيينات.
محظورات
ويحظر التعديل على موظفات الشرطة تغطية الوجه بالكامل، أو ارتداء قمصان، أو سترة مدنية يمكن رؤيتها من تحت البدلة الرسمية.
ورُفِع الحظر عن الحجاب بالنسبة للموظفات في المؤسسات العامة مع ما وصفت بـ"حزمة الإصلاحات الديمقراطية" في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2013 بشكل رسمي، والتي أعلن عنها الرئيس رجب طيب أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء، مستثنيًا الموظفين الملتزمين باللباس الرسمي (القضاة، العساكر، المدّعين، الشرطة).
ويعد التعديل الجديد الذي نُشر اليوم في الجريدة الرسمية، ويسمح للمرأة الشرطية بارتداء الحجاب فوق زيها الرسمي، توسيعًا للقانون الصادر عام 2013.
وقد سُمح في تركيا بارتداء الحجاب في الجامعات وفي البرلمان، وفي العامين الماضيين في الوظائف العامة والمدارس الثانوية بعد عقود من الجدل حوله.
منع شبه رسمي منذ تأسيس الجمهورية
وتعود أزمة الحجاب في تركيا، بحسب موقع "ترك برس"، إلى عام 1923 عندما تم تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك. ولم يكن في الدستور الأول للجمهورية حظر للحجاب، ورغم ذلك لم تكُن المؤسسات الرسمية تسمح للموظفات بالعمل بحجابهن.
وقد ظهرت النقاشات حول الحجاب في تركيا عام 1960 مع ازدياد أعداد الطالبات المحجبات اللاتي يرغبن في الدخول إلى الجامعات بحجابهن.
مرحلتان فارقتان
وشهدت مسيرة حظر الحجاب مرحلتين فارقتين، الأولى انقلاب 1980 العسكري الذي قامت به القوات المسلحة التركية بزعامة الجنرال كنعان إيفرين بأكثر من ذريعة على رأسها مظاهرة يوم القدس العالمي التي نظمها حزب السلامة الوطني الإسلامي الذي كان يرأسه البروفيسور نجم الدين أربكان في مدينة قونيا وسط الأناضول.
وشارك في تلك المظاهرة أكثر من مليون تركي، وحملوا مجسّماً لقبة الصخرة المُشرّفة ولافتة "لا إله الا الله محمد رسول الله". وكان العلمانيون يرون هذه المظاهرة نقطة البداية في تحول تركيا إلى دولة تحكمها الشريعة الإسلامية.
وبعد الانقلاب العسكري مباشرة تمّ إصدار قانون "لوائح اللباس في المؤسسات العامة" الذي منع الحجاب في مؤسسات الدولة. وبسبب ذلك لم تتمكّن بعض النساء من ممارسة عملهن في المؤسسات العامة بحجابهن لكي لا يقُمن بالعمل ورؤوسهن مكشوفة.
المرحلة الثانية
هي انقلاب 28 فبراير/شباط 1997 الذي قام به الجيش التركي ضد الحكومة الإسلامية لحزب الرفاه، ومع هذا الانقلاب أُغلِق الحزب وأُجبِر رئيسه نجم الدين أربكان على الاستقالة من منصبه. وبدأ الجيش بالإغلاق التدريجي لمدارس الأئمة والخطباء والمدارس الدينية وطُبّق نظم التعليم الإلزامي على مدى 8 سنوات. وقَبِل قرار في مجلس الأمن القومي أن الحجاب هو تهديد لتركيا.
وفي تلك الأيام كان الهدف الأساسي هو النساء. النساء المحجبات لم يستطعن الدخول الى الجامعات، ولم يقدرن على العمل بالحجاب واللاتي يعملن قد طردن من أعمالهن.
وفي عام 1999 تمّ للمرة الأولى اختيار نائبة محجبة عضوةً في البرلمان التركي، ورغم ذلك لم يُسمح لها بأن تكون حاضرةً في البرلمان بسبب ارتدائها الحجاب.
تحول تاريخي
وكانت فترة غير عادية صعُبت فيها الحياة على كثير من الناس، خاصة الملتزمين دينياً. وردّاً على هذه السياسات انتخب الشعب التركي حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى السلطة عام 2002. وفي فترة تولي العدالة والتنمية الحكم انخفضت السياسات المضادة للحجاب وللدين الإسلامي بشكل عام.
لكنّ حظر الحجاب في مؤسسات الدولة استمر إلى عام 2010، فحتى زوجات رؤساء الوزراء ورؤساء الجمهورية لم يكنَّ حاضرات كثيراً في الحياة العامة.
وفي عام 2010 تم تعديل في الدستور واتخاذ التدابير حول "الحقوق"، وطُرحت على الاستفتاء الشعبي ليتم قبولها وتصبح سارية المفعول. ورُفعت قضايا جنائية ضد العسكريين رفيعي المستوى الذين قاموا بمحاولات الانقلاب في البلاد.
اتفاقية "إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)" التي تعدّ من أهم المؤسسات المهتمة بحقوق المرأة في العالم، طالبت تركيا برفع الحظر عن الحجاب عام 2010، وبالتزامن مع التطورات التي مرّت بها تركيا على كل المستويات، تمّ رفع حظر الحجاب في عام 2010.
ورُفِع الحظر عن الموظفات في المؤسسات العامة مع "حزمة الديمقراطية" التي أعلن عنها رئيس الوزراء في تلك الفترة رجب طيب أردوغان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول لعام 2013 بشكل رسمي، قبل أن يتم توسيعها في قرارات لاحقة ومنها تعديل اليوم.