لم يستطع متابعو مواقع التواصل الاجتماعي من هول الأحداث الدامية التي تسببت بها قوات النظام وطائرات الاحتلال الروسي في حلب وريفها موقعة مجازر مروعة بحق المدنيين، خاصة بين النساء والأطفال.
صورٌ وفيديوهات ملأت الصفحات والشبكات الإخبارية وأرقام كبيرة للضحايا المدنيين الذين يعتبرهم إعلام النظام إرهابيين ومن جنسيات مختلفة، علماً أن جميع الأسماء التي ذكرت وكل الإحصائيات تؤكد أنهم سوريون مدنيون لا صلة لهم بالعمل العسكري أو المسلح.
وبعد سلسلة غارات جوية كانت الأعنف على مدينة حلب منذ يومين، والتي راح ضحيتها مائة شهيدٍ على الأقل، انتقلت المجازر إلى ريفها، بعد أن استهدفت الطائرات الروسية مناطق عدة في الريفين الشمالي والغربي، وتسببت بخروج مشفى في مدينة دارة عزة عن الخدمة.
أسراب الطائرات الروسية لم تغِب أبداً عن سماء حلب وريفها، فاستهدفت بأكثر من 400 غارة جوية أحياء حلب الخاضعة لسيطرة الثوار.
وحدها أنقاض المباني التي دمرتها آلة القتل والخراب لدى النظام السوري، تمتلك إحصاءات دقيقة عمن دفنوا تحتها من المدنيين السوريين في المحرقة الدائرة هناك.
خراب يطال البشر والحجر والشجر، وواقع أليم لمن قضوا، وذكريات أشد ألماً لمن بقي مسكوناً بمشاهد الرعب كحال الطفل عمران دقنيش.
جالسٌ على "كرسيّ" مُخصص لتلقي الإسعافات الأولية، ملابسه ممزقة، ومعظم جسده مغطى بالتراب والدماء.. وكأن الطفل ذا الخمس سنوات خرج من القبر لتوه، تنبعث نظرات الحزن من عينيه التي شهدت فقدان أسرته في القصف على مدينة "حلب" السورية المجروحة.
لم يدرك "عمران" منذ مولده، سوى الحرب.. فعمره هو عمر الحرب الأهلية السورية وربما لا يعرف كم عمراً ستسرق الحرب منه، وماذا سيعمل مستقبلاً.. هل سيعمل جندياً محارباً.. أم متطرفاً؟.. فهو لم يتعلم.. ولا يعرف لغة سوى الحرب والتدمير والقتال.
المدنيون السوريون أصبحوا على موعد دائم مع "تسونامي الدمار"، فالقصف يحول المنازل والمرافق في لمح البصر إلى مقبرة جماعية لسكانها، حتى يهيئ القدر خروج مَن بقي منهم على قيد الحياة بعد عمليات بحث شاقة وبدائية وسط الأنقاض.
وفيما يواصل نظام الأسد حصوله على مساعدات ضخمة من قِبل روسيا وإيران والقوى الطائفية في لبنان والعراق، لم ينجح الغرب حتى في صياغة سياسة مشتركة إزاء سوريا.
ومن خلال هذا التقاعس في القيام بشيء ما، وخصوصاً من خلال تمييع "عقيدة الخط الأحمر" من قِبل إدارة باراك أوباما عقب استخدام النظام الغاز السام، فقد الغرب الكثير من مصداقيته ومكانته السياسية في هذه الأزمة.
وبين هذه المجزرة وتلك يتساءل السوريون عن مصير بلاد مزقتها الحرب طيلة الخمس سنوات الماضية، متى سيرحل المحتلون ويتوقف نزيف الدم، وتستقل البلاد بقرارها وإرادة الشعب فيها.
ملحوظة:التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.