منسيون.. أهالي سيناء يستخدمون فيسبوك لكسر العزلة المفروضة عليهم وكشف انتهاكات الجيش

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/01 الساعة 12:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/01 الساعة 12:58 بتوقيت غرينتش

"لسنا صحفيين، لكن الواقع دفعنا إلى أن نوصل المعاناة التي يعانيها أهلنا".. هكذا قال أحد القائمين على موقع أخبار سيناء 24 "Sinai News 24″، والذي يعد أحد المواقع التي تدار على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).

شهدت سيناء تغطية إعلامية مكثفة في الفترة الأخيرة من قبل صحفيين محليين وأجانب، يعانون من التضييقات الأمنية الشديدة ، ويرجع هذا التركيز الإعلامي؛ لكون سيناء منطقة حدودية ذات أهمية استراتيجية، كما أنها ترزح تحت نير الحرب بين القوات الأمنية والميليشيات المسلحة، في حرب مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

تغطية منحازة

كانت البيانات العسكرية المختصرة التي جاءت على لسان المتحدث العسكري الرسمي هي المنفذ الوحيد لمعرفة تطورات هذه الحرب. لكن مع تفاقم الأوضاع أصبح السكان المحليون لشبه جزيرة سيناء غير راضين إطلاقاً عن هذة التغطية المنحازة، والتي تعبر عن رأي أحد الطرفين دوناً عن الآخر، في حين تفتك الحرب بحياتهم منذ عام 2013.

ولملء هذا الفراغ المعلوماتي، اتجه الكثير من السكان المحليين إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتكوين شبكة اخبارية من المواطنين في المدن المهمة في سيناء، لنقل الأحداث الجارية تحت هويات مجهولة، إذ يقول أحد القائمين على أعمال الموقع، إنهم بدأوا بنشر تطورات الأمور في سيناء منذ 2013 عندما بدأ الجيش المصري حملته لإبادة الجماعات الإسلامية في سيناء.

ويكمل حديثه قائلاً، كان هذا بعد فترة قليلة من الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم، وبعد الاضطرابات التي كانت موجودة بالفعل؛ بسبب الهجمات المتكررة التي قامت بها جماعة أطلقت على نفسها قديماً اسم "أنصار بيت المقدس" قبل أن يتحول الاسم حالياً إلى "ولاية سيناء"، والذين توعدوا بالانتقام من قوات الأمن المصرية بسبب الانتهاكات التي يقومون بها ضد المسلمين على حد تعبيرهم.

تبنت هذه الجماعة سلسلة بارزة من العمليات الإرهابية، من بينها تفجيرات القاهرة المتتالية في عام 2014، وإسقاط الطائرة الروسية، مما تسبب في مقتل كل الركاب على متنها والبالغ عددهم 224 راكباً.

صحفيون هواة

قررت هذه المجموعة من "الصحفيين الهواة" نشر جمل قصيرة عن الاشتباكات الراهنة وعدد الوفيات، وإضافة بعض التوصيفات وبعض التفاصيل إلى البيانات التي ينشرها الجيش المصري والتي عادة ما تكون مقتضبة وبحاجة إلى توضيح.

تعتبر أولى ضرباتهم الصحفية القوية هي نشر فيديو يظهر شخصين يتم تعذيبهما حتى الموت من قبل القوات المسلحة –حسب زعمهم- والذي انتقل إلى وكالات الأنباء العالمية. في حين قال الجيش أن هؤلاء الأشخاص ماتوا في مواجهة مسلحة.

يقول القائم على أعمال الموقع "شعرنا بقيمة ما نفعله عندما جعلنا الجميع كباراً وصغاراً يعبرون عما يواجهون، وتخطينا بهذا الفيديو حاجز الخوف".

كان لنمو شبكة سيناء 24 الإخبارية، وحفنة أخرى من قنوات التعبير المشابهة الأثر الأكبر في تشجيع السكان المحليين، على أن يعلو صوتهم بشأن الانتهاكات التي يتعرضون لها على أيدي القوات المسلحة و بعض قوات المتمردين، ولكن ما زال هذا يضعهم تحت تهديد كبير.

منعت القوات المسلحة استخدام الكاميرات في سيناء، خاصة حول معسكرات الجيش، وفي حالة ضبط لقطات مصورة بحوزتك فقد تعتقل في أحسن الأحوال. وقد أبلغت منظمة هيومن رايتس ووتش عن آلاف المدنيين الذين تم محاكمتهم عسكرياً خلال العام ونصف الماضيين.

هروباً من المضايقات

تعتمد شبكة سيناء 24 الإخبارية على مجموعة من المراسلين المتطوعين، تجنباً للمضايقات الأمنية والتهديدات، ويقوم كل منهم بتجميع الأخبار عن منطقة محددة حتى لا يلفتوا الانتباه إليهم.

كما أن لأصحاب التعليقات دورٌ في نقل الأخبار، بطريقة تعتمد على جمع المعلومات من الجمهور.

كل المنشورات التي يتم كتابتها تقريباً، سواء عن انقطاع التيار الكهربي أو التفجيرات يتم توضيحها في التعليقات أو تكذيبها أو تعديلها أو التأكيد على صحتها من قبل السكان المحليين للمنطقة التي تشهد هذا الحدث.

يقول شاب ثلاثيني من العريش، لم يفصح هو الأخر عن هويته، إن سكان سيناء أصبحوا يتعاملون مع هذه الشبكات على أنها المصدر الرئيسي للأخبار، حتى وإن ظنّ البعض بأنها على صلة بجماعات مسلّحة أو معارِضة.

"هم سبيلنا الوحيد لمعرفة الأخبار التي لا نراها بأعيننا. وحتى وإن نقلوا أخباراً كاذبة، فإن هناك الكثير من الناس يمكنهم التعليق على أخبارهم و تصحيحها".

"خواطر سيناوي" هو أحد المصادر التي تحظى بثقة وشعبية واسعة في المنطقة. يقول القراء إنهم يثقون في المحتوى الخاص به أكثر من أي محتوى أخر، فهو يتجاوز الأزمة الحالية ليناقش الجوانب المنسية من حياة السيناويين.

كما تقوم صفحة "خواطر سيناوي"، بالإضافة للتقرير الاخباري، بنشر أسماء الجمعيات الخيرية التي تحتاج للدعم، وتعلن عن الوفيات ومواعيد الجنازات، وتربط متابعيها بلعب مرحة تربط المجتمع ببعضه.

يقول مصطفى سنجر -الصحفي ذو الأصل السيناوي بجريدة الشروق- إن هذه المواقع أصبحت حيوية جداً لنقل الأخبار عن المنطقة على الرغم من عدم شرعيتها، " أصبح الوصول لمواقع الأحداث في سيناء شبه مستحيل. كما أن المصادر الرسمية والعسكرية لا تعطي أي معلومات صحيحة عن الوضع، وجميع قنوات الإعلام الرئيسية تعمل تحت الكثير من القيود، ناهيك عن التهديدات والملاحقات القضائية".

"لكن على الرغم من ذلك، فهذه الصفحات تدار على خلفيات سياسية وانحيازات في الآراء ولا تنقل الحقيقة كاملة أو بموضوعية".

وفي محاولة لسد الفراغ الإعلامي في سيناء قام الصحفي مصطفى سنجر بإطلاق موقع بث إعلامي مرخص (سيناء الآن)، والذي يهدف لمناقشة ما وراء الأوضاع في سيناء عن طريق برامج أسبوعية تناقش الوضع هناك.

لكنه هجر المشروع في في 2013 بسبب مشاكل في إيجاد فريق عمل ومشاكل أمنية أخرى، وخلفت وراءه صفحة على الفيسبوك بها 135,000 متابع.

يقول مصطفى سنجر "إن حال الإعلام في سيناء هو حال الإعلام في مصر كلها. يفتقر للمهنية، وينقل جزءاً من الصورة".

•هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد