الملخص:
بدأت الحرب الأهلية السورية في مارس/آذار 2011، وتحوَّلت إلى أزمة إنسانية، تزداد دماراً عاماً تلو الآخر. وقد أدَّى اليأس الناتج عن هذه النزاعات والفشل في العثور على حل إلى تدفق اللاجئين على نطاق غير مشهود منذ الحرب العالمية الثانية، إلى دول جوار سوريا وإلى أوروبا.
بينما قابلت الدول الأوروبية المسؤولية الثقيلة التي استلزمتها احتياجات هؤلاء السوريين بأسلوب "الباب المُغلَق" المُسوَّر بالسلك الشائك، واجهت تركيا الأزمة بسياسة "الباب المفتوح" رغم الأوقات العصيبة، واستضافت ما يقرب من 3 ملايين سوري، نصفهم من الأطفال أو الشباب.
إضافةً إلى الاحتياجات الأساسية مثل الأمن والمأوى والتغذية، اللاجئون السوريون بحاجة أيضاً إلى التعليم. من الضروري تقييم احتياج السوريين إلى الوصول إلى تعليم جيد في تركيا ومعالجته، من أجل منع تحوُّل الأطفال والشباب السوريين إلى "جيل ضائع".
لن يعود اللاجئون السوريون، الذين يعيشون في تركيا الآن منذ حوالي خمسة أعوام بسبب استمرار الحرب في سوريا والدمار الكامل تقريباً لأي مكان يصلح للحياة في البلاد، إلى وطنهم قبل وقتٍ بعيد. وفقاً لبيانات صدرت يوم 5 من مايو/أيار 2016 عن المديرية العامة لإدارة الهجرة، ارتفع عدد السوريين في تركيا من 14.000 عام 2012 إلى 3 مليون تقريباً -2.749.000- عام 2016 (شكل رقم 1). يقيم 264.000 منهم في 26 مركز إيواء أنشأتها هيئة إدارة الطوارئ والكوارث، التابعة لرئاسة الوزراء التركية، في 10 مقاطعات، بينما يقيم الـ2.484.000 المتبقيين خارج المخيمات. وبالتالي، فإن هؤلاء السكان متركِّزون بكثرة في مراكز المدن خارج المخيمات (شكل رقم 2).()
شكل رقم 1: عدد السوريين في تركيا في كل عام
المصدر: المديرية العامة لإدارة الهجرة، 2016
من منهج متمحور حول المساعدة إلى منهج متمحور حول الحقوق
لقد وضعت هذه الهجرة الجماعية الناجمة عن الأزمة السورية، التي فاجأت تركيا على غير استعداد، مسألة الوضع القانوني للاجئين على رأس الأجندة. تنظِّم كل من "معاهدة جنيف الخاصة بالوضع القانوني للاجئين" لعام 1951، والبروتوكول المكمِّل لها لعام 1967، الحماية الدولية للاجئين أو طالبي اللجوء. وقَّعت تركيا معاهدة جنيف، ولكنَّها فسَّرت هذه الاتفاقية بأنَّها تتمتَّع بميزة "تحديد النطاق الجغرافي".()
شكل رقم 2: السوريون داخل مراكز الإيواء المؤقتة وخارجها
وبالتالي، تقبل تركيا طالبي اللجوء من الدول الأعضاء بالمجلس الأوروبي فقط بوصفهم "لاجئين"، بينما يدرج القانون التركي أولئك القادمين من خارج أوروبا تحت تصنيف "طالبي اللجوء". ولكن الموجة الكبيرة من الهجرة التي جاءت مع الأزمة السورية التي بدأت عام 2011 جعلت من الضروري وضع ترتيبات قانونية جديدة. وفي أبريل/نيسان 2014 صدر أخيراً قانون الأجانب والحماية الدولية (YUKK) رقم 6458، والذي اعترف بأولئك القادمين من خارج أوروبا "لاجئين مشروطين"، مانحين إياهم إذناً بالبقاء في البلاد حتى تسكينهم ثانيةً في بلد آخر. أنشأ هذا القانون كذلك المديرية العامة لإدارة الهجرة.()
أصبح الإطار القانوني الذي وفَّر للسوريين هذا الوضع القانوني ومنافع أخرى، إضافةً إلى توجيهات الحماية المؤقتة، نافذاً بكونه جزءاً من قانون الأجانب والحماية الدولية عام 2014. بفضل هذه التوجيهات، تجتمع الخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة المُقدَّمين للسوريين داخل المخيمات وخارجها على أساس من "الحقوق" بدلاً من "المساعدات".
ينظِّم تعميم رقم 2014/21 الخاص بخدمات التدريس والتعليم للأجانب الحق في الوصول إلى التعليم الذي تكفله توجيهات الحماية المؤقتة. يشترط هذا التعميم أن يتمكَّن الأطفال السوريون من الوصول إلى التعليم في المدارس التي تديرها وزارة التعليم الوطني التركية أو في مراكز التعليم المؤقتة المؤسَّسة من أجل السوريين.
الأطفال السوريون في تركيا
بالنظر إلى تعداد الأطفال السوريين في تركيا، توضِّح البيانات التي قدَّمتها المديرية العامة لإدارة الهجرة أنَّ أعمار أكثر من نصف السوريين في تركيا (51%) تتراوح بين 0 و18 عاماً. يشير هذا إلى أنَّ هناك حوالي مليون ونصف طفل سوري في تركيا. يشير توزيعهم حسب المجموعات العمرية إلى أنَّنا إذا ضممنا الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة، فإن 73% من الأطفال السوريين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عاماً، وهي الأعمال التي ينبغي فيها أن يتلقوا تعليمهم الأساسي (شكل رقم 3).
وبالتالي، نرى أنَّ هناك عدداً كبيراً من الأطفال السوريين الذين أُعيق تعليمهم ويتطلَّبون خدمات تعليمية. إذا أضفنا الأطفال السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و4 أعوام والذين تبلغ نسبتهم 27%، نرى أنَّ هناك عدداً كبيراً مولوداً في تركيا ويقترب من السن الذي ينبغي أن يتعلَّم فيه. ومن ثم، فإنَّ كل خطوة تُتَّخذ اليوم بخصوص تعليم الأطفال السوريين ينبغي أن تضع في اعتبارها بالضرورة التخطيط على المدى البعيد.()
شكل رقم 3: توزيع أعمار الأطفال السوريين في تركيا
المصدر: مجمَّع من بيانات من المديرية العامة لإدارة الهجرة، 2016
اتباع سياسة "الباب المفتوح" في التعليم أيضاً مع الأطفال السوريين
بُنِيت السياسات المُتبنَّاة فيما يخص تعليم الأطفال السوريين، مثل السياسات الخاصة بالمجالات الأخرى، في البداية على افتراض أنَّ السوريين سيعودون، ووُضِعت هذه السياسات قصيرة المدى للأطفال السوريين في المخيمات فقط. ولكن مع تحوُّل الصراع في سوريا من موقفٍ طارئ إلى أزمة طويلة المدى، بدأ البحث عن سياسة طويلة المدى تسمح لكل الأطفال بالوصول إلى التعليم وتحل محل هذه الخطط قصيرة المدى.
ومن أجل هذه الغاية، كما تبنَّت تركيا سياسة الباب المفتوح على الحدود، فقد اقترحت أيضاً نموذجين تعليميين مهمين من أجل السماح للأطفال السوريين الذين لم يكتمل تعليمهم باستئنافه من حيث توقَّفوا.
النموذج الأول هو مركز التعليم المؤقت، المُصمَّم كجزءٍ من خطة التدخل الطارئ. تقدِّم هذه المراكز، التي تعمل داخل المخيمات وخارجها، تعليماً بالعربية مستنداً إلى المقرَّرات السورية من المرحلة الابتدائية وحتى السنة النهائية من الثانوية العامة. تقع هذه المراكز في مدارس وزارة التعليم الوطني، التي تُخصَّص للطلاب السوريين في فترات بعد الظهيرة.
تُدرَّس في هذه المراكز أيضاً دروس اللغة التركية. إضافةً إلى ذلك، يعلِّم الأطفالَ معلِّمو اللغة التركية المُعيَّنين من وزارة التعليم الوطني، والمعلِّمون السوريون المتطوِّعون. وفقاً لأرقام وزارة التعليم الوطني، هناك حالياً 10.361 معلِّماً يُدرِّسون الأطفال السوريين في مراكز التعليم المؤقتة: 852 معلِّماً حامل الجنسية التركية و9509 معلِّماً سورياً. لدى كل من مراكز التعليم المؤقتة، إلى جانب وزارة التعليم الوطني، مساهمون دوليون أو محليون، مثل منظمة غير حكومية، أو هيئة إغاثة أو اليونيسيف، وهم الذين يتحمَّلون تكاليف أدوات الطلاب المدرسية ويدفعون رواتب العاملين الخدميين أو المعلِّمين السوريين المتطوعين.() ومن ثم، فإنَّ استدامة مراكز التعليم المؤقتة ترتبط بالدعم المستمر من المؤسَّسات المساهمة.
الأكثر من ذلك، أنَّ مراكز التعليم المؤقتة في تركيا مثال نموذجي لبقية العالم. عندما ننظر إلى تدفُّقات المهاجرين في الماضي على نطاق واسع، من النادر جداً أن نرى مثالاً على تقديم التعليم لطالبي اللجوء بلغتهم الخاصة ووفقاً لمقرَّراتهم الخاصة. وبالأخص، يمكن أن نرى هذا نموذجاً قوياً يمكن تطبيقه كي لا يُترَك الأطفال المهاجرون هجرة قصيرة الأمد خارج النظام التعليمي. ولكن ينبغي التأكيد أنَّ هذا النموذج فعَّال وكفؤ مع حركات الهجرة قصيرة الأمد.
مع استمرار الأزمة السورية والتنبؤ بأنَّ السوريين لن يتمكَّنوا من العودة إلى بلدهم قبل عدة سنوات بسبب دمار الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فهناك حاجة إلى حلول أكثر دواماً في المجال التعليمي، كما في أي مجال آخر. ومن ثم فقد قدَّمت وزارة التعليم الوطني نموذجاً ثانياً بهدف السماح بهذا الوضع الدائم ودمج السوريين في المجتمع التركي ونظام التعليم التركي. في هذا النموذج، ستوفَّر للأطفال السوريين فرصة التعلُّم باللغة التركية وفقاً للمقرَّرات التركية في المدارس الحكومية إلى جانب أقرانهم من المواطنين التركيين. ومن ثم، فقد فُتِحت أبواب المدارس الحكومية أمام الطلاب السوريين.
إنَّ تعليم الأطفال السوريين في المدارس الحكومية مهم من أجل تسهيل اندماجهم في الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التركية على المدى البعيد. ولكن لا بد ألَّا ننسى أنَّ هناك حوالي 18 مليون طالب في سن الدراسة في تركيا. هناك حالياً مشاكل خطيرة تتعلَّق بالبنية التحتية المادية والقدرة، وبالتالي بالجودة في المدارس الحكومية. وبالتالي، يبدو إرسال كل هؤلاء الأطفال السوريين إلى هذه المدارس على المدى القريب دون تحسينات كافية مستحيلاً.
وضع إتاحة التعليم:
بالنظر إلى وضع إتاحة التعليم للأطفال السوريين في المدارس الحكومية أو مراكز التعليم المؤقتة في تركيا، نجد أنَّه وفقاً لبيانات وزارة التعليم الوطني فإنَّ هناك إجمالي 325 ألف طفل سوري يتعلَّم في تركيا حالياً: 75 ألفاً منهم يتعلَّمون جنباً إلى جنب مع أقرانهم من المواطنين الأتراك في المدارس الحكومية، بينما يتعلَّم 250 ألف طفل في مراكز التعليم المؤقتة. بينما يمكن لـ 90% من الأطفال في المخيمات الوصول إلى التعليم، فإنَّ 26% فقط من الأطفال خارج المخيمات يمكنهم الوصول إلى التعليم (شكل رقم 4).() بمعنى آخر، لا يتمكَّن 665 ألف طفل سوري خارج المخيمات في سن الدراسة من الوصول إلى التعليم. ومن ثم، يبدو من المهم للغاية تصميم سياسات التعليم بطريقة تسمح للأطفال خارج المخيمات بالوصول إلى التعليم.
شكل رقم 4: أعداد الأطفال المُسجَّلين وغير المُسجَّلين بالمدارس داخل المخيمات وخارجها
المصدر: اليونيسيف، 2015
الشباب السوري في التعليم العالي
هناك مشكلة أخرى مهمة مرتبطة بتعليم السوريين وهي الشباب السوري الذي قد أنهى جزءاً من التعليم العالي. حاولت سلسلة من القرارات التي اتَّخذها مجلس التعليم العالي منذ عام 2013 فصاعداً أن تُسهِّل على طالبي اللجوء السوريين الذين قد أنهوا جزءاً من تعليمهم الجامعي في سوريا استئنافه في تركيا. تشمل هذه القرارات إجراءات تسهيلية مثل وضع وزارة التعليم الوطني امتحان معادلة الثانوية العامة، بينما أنشأ مجلس التعليم العالي برامج وأقسام للغة العربية والدراسة الخاصة وتحويلات الطلاب الجامعيين، وإسهام رئاسة مؤسسة الأتراك بالخارج والمجتمعات ذات الصلة في دراسة الطلاب الذين يدرسون دراسة حرة، والمشاريع والجهود مثل مشروع سوريا ضمن برنامج المنح التركية، ومنح مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية الخاصة باللاجئين (DAFI) ضمن برنامج المنح التركية، والمنح المدعومة من الاتحاد الأوروبي التي يديرها برنامج المنح التركية. بفضل هذا الجهد، هناك اليوم حوالي 10 آلاف مواطن سوري -6500 رجلاً و3500 امرأة- في التعليم العالي في تركيا.()
ولكن لا ينبغي نسيان أنَّ هناك عدداً كبيراً من الشباب الذين لم يستطيعوا الوصول إلى التعليم العالي بعد، بفعل مشاكل مثل العقبات الاقتصادية الاجتماعية، ومشاكل اللغة، والقواعد المعقدة والمختلفة للتسجيل في الجامعة، وغياب التوثيق وغياب الوعي الخاص بالفرص المتاحة. حتى إذا لم يُعَد التعليم العالي حاجة أساسية للاجئين السوريين، فالتعليم العالي ذو الجودة مهم من حيث مساعدة الأفراد على إعادة بناء حياتهم، ومن أجل تنمية تركيا، وخاصةً من أجل إعادة بناء بلادهم بمجرد انتهاء النزاع.
إضافةً إلى الشباب السوري، هناك مشكلة أخرى مهمة هي أولئك الأكاديميون الذين طلبوا اللجوء إلى تركيا. من الصعب عليهم العثور على عمل في تركيا أو بالخارج، وخاصةً أولئك الذين ليست لديهم وثائق خاصة بالهوية ولا جواز السفر ولا المهنة. حتى إذا كان الأكاديميون اللاجئون من سوريا منظَّمين في تركيا على نحوٍ أفضل من أي مكان آخر، فمن الضروري التأكيد على نقطة أنَّ الدعم المُقدَّم لهم، وخاصةً من المجتمع الدولي، غير كاف.
لا مبالاة المجتمع الدولي
وفقاً لبيانات هيئة إدارة الطوارئ والكوارث، التابعة لرئاسة الوزراء التركية، فإنَّ تركيا قد أنفقت إجمالي 8 مليار دولار منذ فبراير/شباط 2015، أمَّا الإسهام الإجمالي من المتبرِّعين الدوليين فكان 455 مليون دولار فقط.() يمثِّل إنفاق تركيا أكبر إسهام "في العالم لصالح اللاجئين السوريين حتى يومنا هذا".() ينبغي التأكيد على تحمُّل تركيا وحدها مسؤولية العبء المالي في أزمة اللاجئين السوريين بينما لم يقدِّم المجتمع الدولي مستوى كافياً من الدعم.
عندما ننظر إلى الإنفاق التعليمي، وهو أحد أهم مكونات هذه المسؤولية المالية. لم يُضِف الإنفاق على تعليم الطلاب السوريين في العام الدراسية 2014/2015 عبئاً إضافياً على وزارة التعليم الوطني قدره 700 مليون ليرة تركية فقط، وإنَّما أُنشِئ أيضاً صندوق إضافي خصيصاً لتعليم اللاجئين السوريين.() يذكر المجتمع الدولي في كل فرصة أنَّ المسؤولية التي تتحمَّلها تركيا في الأزمة السورية سخية وجديرة بالإعجاب.() ولكن كان الدعم الذي قدَّمه لتركيا من أجل تخفيف العبء فيما يخص هذا الشأن محدوداً للغاية. هناك مسألة أخرى يستحق المجتمع الدولي الانتقاد بسببها وهي تركيزه فقط على الدعم المالي وقصر أفعاله على المساعدة المادية. لا يواجه الشباب والطلاب اللاجئون السوريون عقبات مالية فقط أمام التعليم بالطبع. فإضافةً إلى ذلك، هناك مشاكل أخرى كبيرة تشمل المعلِّمين والبنية التحتية المادية والمقرَّرات والمواد التعليمية. وبالتالي، من المهم أن يكون المجتمع الدولي أكثر تشجيعاً ويتحمَّل المزيد من المسؤولية، من أجل نظام تعليم مستدام وجيد.
العقبات أمام الوصول إلى التعليم
يواجه الأطفال السوريون مشاكل في الوصول إلى التعليم والمشاركة فيه. هناك مراكز تعليمية حالياً في كل مخيم تقريباً، ولكن ليست هناك مراكز تعليمية في كل مقاطعة خارج المخيم. في المقاطعات التي توجد بها مراكز التعليم المؤقت، لا توجد خدمات نقل، وقد تكون عدم قدرة الأسر على توفير الموارد اللازمة للنقل سبباً لبقاء أطفالها خارج التعليم.
العقبة الكبرى أمام الوصول إلى التعليم هي الوضع الاقتصادي الاجتماعي المنخفض للغاية وغير الكافي للأسر. يعمل الصبيان عادةً في وظائف ذات دخل قليل لا تتطلَّب مهارات من أجل مساعدة أسرهم في تلبية الاحتياجات، أمَّا الفتيات فإمَّا تعتنين بمَن يحتاجون إلى العناية في المنزل، أو تتزوجن كي تخفِّضن العبء المالي على أسرهن.
ولكن عمل الأطفال بدافع الضرورة المالية يجلب معه كل مشاكل عمالة الأطفال والإساءة إلى الأطفال والتسوُّل. والأكثر من ذلك، أنَّه ينبغي تذكُّر أنَّ كل طفل خارج المدرسة في خطر الانضمام إلى كل أنواع المنظمات الإجرامية أو الجماعات المتطرِّفة أو الانضمام إليها، ومواجهة انتهاكات للحقوق المهمة.() يؤدِّي هذا إلى مشاكل أمنية خطيرة، على المستويين الشخصي والمجتمعي.
هناك مجال مهم آخر صعب وهو مشاكل اللغة. هناك تعليم للغة التركية داخل المخيمات وخارجها، ولكن ليس بالجودة المرغوبة. يجد المعلِّمون الأتراك تدريس اللغات صعباً إذ أنَّهم نادراً ما تكون لديهم خبرة في تدريس اللغة للأجانب. غالباً ما تكون مشاكل اللغة بالأخص هي ما يجعل الآباء السوريين لا يرسلون أبناءهم إلى المدارس الحكومية. يؤجِّل هذا دمج الأطفال السوريين في الحياة الاجتماعية والمجتمع ونظام التعليم. ولهذا السبب، فإنَّ تعليم اللغة لكلٍ من الكبار والأطفال ذو أهمية قصوى.
عندما نفكِّر في جودة التعليم، فإنَّ أول ما يخطر ببالنا هو بلا شك مسألة المعلِّمين. هناك حاجة إلى موجِّهين خبراء في مجال تعليم الأطفال السوريين. لذا فهناك حاجة مماثلة إلى العمل على تحديد المعلِّمين السوريين والسماح لهم بالحصول على الاعتماد. وكذلك، هناك سلسلة من العيوب بحاجة إلى الإصلاح من أجل مساعدة المعلِّمين في تركيا في التأسيس لتواصل صحي مع الطلاب السوريين وتزويدهم بتعليم جيد.
وهناك مجال آخر صعب وهو مسألة المقرَّرات. فالمقرَّر السوري، الذي يُدرَّس في مراكز التعليم المؤقتة، قد طهَّرته الحكومة الانتقالية السورية من المحتوى المتعلِّق بالأسد والنظام البعثي، ولكن ما تزال هناك مشاكل في المحتوى. وبصورةٍ خاصة، فقد اكتُشِفت أحكام أخلاقية تتعلَّق بتركيا حول المجتمع التركي والعثماني، وهو المجتمع الذي يحاول هؤلاء السوريون العيش فيه.() وفي الوقت نفسه، مع بدء الأطفال السوريين في الدراسة في المدارس الحكومية، لا بد من مراجعة المقرَّر التركي، وسيكون من الضروري جعله أكثر تعددية من أجل الحفاظ على لغات الأطفال السوريين وثقافاتهم الخاصة. ومن ثم فإن عملية الدمج ليست ذات اتجاه واحد. لا بد من تهدئة الأحكام المسبقة والمخاوف من الجانبين، وضمان النظام الاجتماعي والسلام والأمن.
إضافة إلى ذلك، هناك قصور في التنسيق بين المؤسسات العامة والمنظمات غير الحكومية. والأكثر من ذلك أنَّ القواعد الصعبة وخطوة عمل البيروقراطية البطيئة ربما تلاقي انتقاداً بسبب تأجيل الحلول لمشاكل متنوعة.
ما الذي ينبغي فعله؟
على الحكومة التركية والمساهمين الدوليين والمبادرات المدنية إعداد خطة عمل لعشر سنوات على الأقل لتقوية الأنشطة والقدرة الحالية من أجل ضمان ألَّا يكون هناك حتى طفل سوري واحد غير قادر على الحصول على التعليم.
لا بد من تحديد الأطفال غير القادرين على الوصول إلى التعليم بفعالية.
لا بد من تقديم تعليم جيد للغة التركية للسوريين: لا بد من تنفيذ هذا بالتعاون مع الخبراء والمؤسسات، ولا بد من توفير التدريب للمعلِّمين.
لا بد من تحسين البنية التحتية المادية لمراكز التدريس والتعليم داخل المخيمات وخارجها.
على وزارة التعليم الوطني أخذ الاحتياطات من أجل مراقبة التعليم المستمر للأطفال في سن الدراسة ومتابعته.
تحتاج المنظمات غير الحكومية التي تقدِّم للشباب والأطفال السوريين دعماً تعليمياً إلى منظمات مظلة من أجل الاعتماد والتنسيق.
على وزارة التعليم الوطني أن تجعل المنظمات غير الحكومية والأكاديميين والخبراء يراجعون برامجها التعليمية ومقرَّراتها وكتبها الدراسية للطلاب السوريين. وكذلك، لا بد من مراجعة المقرَّر التركي بطريقة واعية بالتعددية.
لا بد من خلق آليات إصلاحية للطلاب الذين قضوا وقتاً طويلاً خارج نظام التعليم.
وبصورة خاصة، لا بد من تطوير برامج وسياسات متنوعة من أجل ضمان وصول الطلاب خارج المخيمات إلى التعليم. ولذا، على المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية زيادة مساعدتهم المالية والإنسانية.
من المهم زيادة إتاحة خدمات النصح والإرشاد النفسي للطلاب السوريين وأسرهم.
على كل المجتمعات والمؤسسات التعليمية، بدءاً من المدارس التي تستضيف طلاباً سوريين، تقديم دروس عن الوعي، فتمنع الأحكام المسبقة والتعصب والصدامات، مما يسرِّع تكيُّف المجتمع التركي مع هذه التطورات الجديدة.
لا بد من تطوير خيارات المنح للطلاب السوريين في كل المراحل. إذ يمكن لهذه الأنواع من الدعم على نطاق صغير منع الأطفال من أن يصبحوا أطفالاً عاملين أو متسوِّلين أو أن يتزوجوا صغاراً.
لا بد من فتح برامج للغة العربية في الجامعات للطلاب السوريين في مرحلة التعليم العالي.
لا بد من توفير الوظائف للموجِّهين والأكاديميين السوريين في الجامعات وفي الأماكن المحتاجة الأخرى في تركيا بحسب تخصصاتهم.
لا بد من التشجيع على المزيد من البحث الأكاديمي عن السوريين في تركيا.
هذه التدوينة مترجمة عن منتدى الشرق للاطلاع على النسخة الأصلية اضغط هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.