الأحزاب فاسدة.. الطبقة السياسة فاسدة.. الكفاءات الوطنية ضعيفة!.. احتجاجات وانتقادات بالجملة!.. الكل يفهم في كل الأمور ويُنَظِّر في كل شيء، اللسان سليط والكلام مجاني، والنشر يضمنه زوكربرغ ومَن والاه… احترسوا!
أحكام قيمة يصدرها تيار كبير من داخل الشعب المغربي، معمماً وبلا تمحيص، لغاية في نفس "جاكوب" أو كنتيجة حتمية لتطبيل وجلجلة تجار الخبر الركيك والنبأ السهل الرخيص، من إعلاميي الذل والمسكنة، من ينفثون السم في حواس المتلقين، مرضى نسب النقر والمشاهدة، أحكام العامة هذه، تسفه المؤسسات والأشخاص دون علم رصين بحيثيات وإكراهات الوجود والموجود، دون اطلاع على الملفات، دون حصر واعٍ لمجموع المتدخلين، دون ضبط لجيواستراتيجية الملفات الوطنية، هؤلاء النعاق، وأولئك الصُّياح، جيوش علينا وليست لنا، ينسفون الثقة في الأمة ورجالاتها، كما تمحق الأرَضة الخشب، جيوش جهل هدامة تنخر عظام الوطن.
انتقاد الأحزاب شكلاً ومضموناً ومعها الطبقة السياسية وقذفهما بشتى النعوت لا يعني بالضرورة وضع جميع المتدخلين في سلة واحدة، تجاذبات لا تبرر أبداً وصول الأمر حد تسفيه النخب الوطنية كلها والتشكيك في كفاءتها وقدراتها، وبذلك اختياراتها وقراراتها، وهذه لعمري حرب مزمنة ضد الدولة، حرب تبخيس، حرب نفسية ضروس ضد المؤسسات، وضعية إن استمرت وتفاقمت على ما هي عليه اليوم ستكون بلا شك سبباً من أسباب تداعي الدولة وضعفها، هدية مجانية من الدهماء لـ"قوى إفشال الدول"، قوى التحكم العابر للحدود التي اشتغلت وتشتغل بشكل مستمر نصرةً لمصالحها القومية مستغلةً نقاط ضعف البلدان الداخلية منها والخارجية، منتهزةً مختلف الأخطاء والهفوات في إدارة الملفات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية والأمنية.
تذكروا أن لحرية التعبير إيجابيات وسلبيات، تذكروا أن لهذه الحرية محاسنها ومساوئها، فهي إن كانت عماد الديمقراطية الضامن لحرية التفكير وإفراز الرأي وحجاباً واقياً من التخلف ومشيراً إلى الظلم، فهي كثيراً ما تكون أداة للتشويش وتسعير نار الفتن، عن قصد أو دون قصد، كسلاح فتاك إن استعملها مغفل أو ذو جهل طبيعي أو مُركَّب.
احذروا التحامل الشمولي على الوطن، وليترك كل منا ما لا يعنيه ولا يفقه فيه، حتى لا يرجمن أحداً بالغيب؛ لأن الشهادة لمن رأى وتحرى الصدق، لا لمن سمع واستنتج. دعوا السياسة للساسة، ومن قال ذهب الخير من الناس فقد أخطأ واعتدى، وكفانا تشكيكاً ومماراة في ملفات لم نحضر إنشاءها ولم نحط بأهدافها، ولا أقول ببياض يد الكل، ولكن هي ملفات تقارب بشكل تكون للمنفعة العامة الغلبة، وأمور السياسة لا تحسم باختيار حل دون آخر ولا تفضيل لون عن آخر، ولكن الأمور تُعَّير وتفحص لِتُقَيَّم وبعدها يستشار فيها ويتداول ليأخذ القرار النهائي.
والحمد لله، مغربنا لا تعوزه العقول النيرة، ولا الأدمغة الحصيفة، ولا العيون الثاقبة، كلها موجودة وتشتغل في ما شاء الله، ولا خوف على وطن ولود، ولنا من النساء والرجال من نفتخر بهم في شتى المجالات، ثقوا وفقكم الله بمؤسساتكم وانأوا بأنفسكم عن مزايداتٍ ومطباتٍ نحن في غنى عنها، والنداء موجه للطبقة المثقفة قبل غيرها، تجنبوا الانزلاق في خنادق الإعلام المغرض، التحقوا بأحزاب هجرتموها فتهتم وغاب عنكم بيان الشأن المحلي والعام، لا تحضروا بألسنتكم وأيديكم مأدبة لأعداء يتربصون، من بين يدينا ومن خلفنا، مَنْ يراهنون على انهيارنا من الداخل.
كفانا رجماً بالغيب، كفانا تمييعاً لحرية التعبير، كفانا تمييعاً للديمقراطية، كفانا استصغاراً وتسفيهاً لأنفسنا، كفانا جلداً للوطن.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.