كردستان وعمالة إسرائيل

العلاقات الكُردية - الإسرائيلية إن وجدت فهي مبررة، فالكُرد كانوا ولا يزالون في حالة نضال سياسي وعسكري من أجل نيل حقوقهم القومية وبناء دولتهم المنشودة "كُردستان" التي قسمها الاستعمار الأوروبي عند توزيع تركة الرجل العثماني العجوز، وصاحب هذا التاريخ والنضال له كل الحق في ممارسة كافة الطرق والوسائل للظفر بحقوقه، ونيلها، وخاصة كحالة الكُردي الذي يعاديه كل مَن حواليه من عرب وفرس وترك، ناهيك عن عداوة الأنظمة، إن الاستعداء الشعبي له يفوق أحياناً استعداء الأنظمة، تلك التي تفوق استعداء العربي حتى لإسرائيل.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/08 الساعة 04:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/08 الساعة 04:32 بتوقيت غرينتش

في أكتوبر/تشرين الأول 2012 وأثناء حلقة دراسية في كلية الحقوق بجامعة ساوباولو البرازيلية، التقيت بناشط إسرائيلي يدعى "ليوري إيفني" الذي كان يعمل مع منظمة تدعى "ييش دين"، وهي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية أفرادها متطوعون للعمل في مجال تحسين وضع حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من خلال جمع ونشر معلومات موثوقة ومحدّثة بشأن الانتهاكات المنهجية بحق الإنسان الفلسطيني.

في الوهلة الأولى عندما مد "ليوري" يده لمصافحتي ترددت للحظات قبل مد اليد له والمصافحة، حقيقة فكرت كسوري، وليس ككُردي، وعن مسألة مصافحة سوري مع إسرائيلي (عدو من وجهة نظر غالبية السوريين)، ولكن بعد لحظات قليلة من التردد صافحته، وقلت له ممازحاً: "ما كان علينا المصافحة فأنت عدوي". قال لي: "لست عدوك ولا أراك عدوي، أنا ولدت بعد كل هذه الحروب، ولا أعرف نفسي سوى إنسان يعيش على هذه الأرض، وأريد السلام لي وللجميع".

كانت تلك المرة الأولى في حياتي التي أكلم فيها إسرائيلياً. لم يكن كلام "ليوري" جديداً عليَّ، ولا نبرته في دعوة السلام الدائمة، حيث نرى غالبية الإسرائيليين يقولون هذا الكلام. ولكن الأمر يتوقف عند جدية هذا الأمر، وحقيقة النوايا التي لا يمكن الكشف عنها كونها في القلوب، ولا ترى بالعيون.

تردد كثيراً وليس جديداً هذا، توصيفات واتهامات بحق الشعب الكُردي وقادته وسياسيه بشأن العمالة لإسرائيل، أو التواصل معها لتمزيق "وحدة" الأمة العربية المزعومة، كما بلغ الحد عند الكثيرين في وصف إقليم كُردستان العراق أو أي تحرك كُردي بشأن حق تقرير المصير بأنه سيكون بمثابة "إسرائيل ثانية" وخنجر في خاصرة الأمة العربية. ووصل الحد بالسياسيين والمعارضين السوريين إلى أنهم "سيقصمون" ظهر الكُردي إن حاول ذلك، كما قال ميشيل كيلو المسيحي السوري المناضل من باريس، في إحدى المقابلات الصحفية.

تاريخياً ربما تكون هناك اتصالات كُردية – إسرائيلية، دون أن ترقى تلك الاتصالات إلى مستوى العلاقات الودية كما تحظى بها إسرائيل مع مصر والأردن وعددٍ آخر من الدول العربية؛ حيث ترفع الأعلام الإسرائيلية على سفاراتها في القاهرة وعمان، وهناك الكثير من الكلام عن تواجد تجاري إسرائيلي في قطر والإمارات.

العلاقات الكُردية – الإسرائيلية إن وجدت فهي مبررة، فالكُرد كانوا ولا يزالون في حالة نضال سياسي وعسكري من أجل نيل حقوقهم القومية وبناء دولتهم المنشودة "كُردستان" التي قسمها الاستعمار الأوروبي عند توزيع تركة الرجل العثماني العجوز، وصاحب هذا التاريخ والنضال له كل الحق في ممارسة كافة الطرق والوسائل للظفر بحقوقه، ونيلها، وخاصة كحالة الكُردي الذي يعاديه كل مَن حواليه من عرب وفرس وترك، ناهيك عن عداوة الأنظمة، إن الاستعداء الشعبي له يفوق أحياناً استعداء الأنظمة، تلك التي تفوق استعداء العربي حتى لإسرائيل.

كُردياً سورياً لا توجد أية دلائل أو إشارات، وبالطبع لا وثائق تثبت أي تواصل مع إسرائيل، لا كطرح الكردي نفسه كلاعب إقليمي؛ أو سوري في سبيل إيجاد حلٍ للمعضلة السورية كما يدعي المعارضون السوريون الذين زاروا إسرائيل، ولا حتى من باب إبراز الكُردي نفسه كطرف ثالث يمد يده لإسرائيل، ويطلب عونها كي تساعده في بناء كُردستانه؛ حيث تتهم غالبية المعارضة العربية السورية الطرف الكُردي الأقوى عسكرياً وسياسياً "حزب الاتحاد الديمقراطي" بمحاولة إقامة دولة كُردية في شمال وشمال شرق سوريا، أو كما تُعرف بـ"روجأفا".

تتفاوض فلسطين علناً مع إسرائيل، وتلتقي قادتها سراً وعلانية، وفاوضت سوريا في وقت ما إسرائيل لإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم، وأعادت تركيا "الداعم الأكبر للمعارضة السورية" كافة علاقاتها وإعلانها التطبيع الكامل معها. ترى غالبية النخبة العربية "السورية خاصة" أمر ذلك مبرراً، ولا يمكن الجدال فيه، فتلك الدول لديها كل الحق في ممارسة ما تراها مناسباً من أجل شعوبها وبلدانها.

لكن للكردي فإن ذلك خيانة، يجب النيل منه وعقابه، إنه يتعامل مع الدولة العبرية كي يعلن إسرائيل ثانية!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد