تحت شعار.. لكل مواطن أذنين

ربما ستتساءلون إلى أي مما سبق ذكرهم أنتمي؟.. سأجيب بأني أستيقظ كل صباح، وأبحث ببساطة عن قبعة أخفي فيها أذنَي الحمار، وأستعين بمشط أقلد بها تسريحة الفرس.. عل وعسى أن يُسمع صهيلي وسط النهيق.. لكن سرعان ما ينجلي حرجي عندما أنزل للشارع كحمار متخفٍ عندما أرى أن لكل مواطن أذنين.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/01 الساعة 06:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/01 الساعة 06:37 بتوقيت غرينتش

ارتأيت أن أبدأ المنشور بـ"أعز الله مسامعكم"، فالعديد يجد حرجاً في ذكر أو سماع شيء عن بطل هذا المنشور، عن الحيوان الذي يعتبره البعض الأذكى ويعتبره البعض الأجمل، بينما يقال إنه الأغبى والأبشع على الإطلاق، وإنه من أصول إفريقية، نعم يا سادة سأتكلم عن الحمار، وسأخصص له حيزاً مهماً من تفكيري ومن اهتماماتي المستقبلية.. كيف لا وهذا الحيوان الأليف يعيرني مجاناً أذنيه، "أقلشهما" بمعية الملايين من بني جنسيتي..

وأنا أغط في نوم لم تعد لأحلامه لذة مع مرارة واقع بـ"أذنين"، كان الحمار حاضراً في أزقة هذا الحلم غير المعبدة، كان غاضباً ويشكو من خلط لا يميزه العامة في أنواع الحمير؛ لهذا أوصاني أن أقول لكل من يستعير أذنيه (من بينهم أنا)، إن "الحمار" الذي يشكون غباءه وتعنته وأصبح صفة يقذف بها العامة نوعان، وجب التفريق بينهما، فهناك حمار الطاحونة (المربوط) والحمار الذي "يتبورد" (الحر).

ربما لا يغير الحبل الذي يفصل بين نوعَي الحمير شيئاً في كون "الحمار يبقى حماراً"، لكن للأمانة يجب أن أكمل رسالة صاحب الأذنين الطويلتين؛ حيث يقول إن حمير الطاحونة بدورهم نوعان، فهناك من يظل وفياً للناعورة وللحبل الوهمي الذي يربطه بها، وتختزل حياته في أن يعرق ويجفف عرقه، بينما الناعورة تدور، حتى وإن تلاشى الحبل (الوهمي) الذي يربطه بها، فهو يوطده ويستعمل يديه ورجليه وحتى أسنانه حتى لا تنقطع صلته بالناعورة وتنقطع أشياء أخرى، متناسياً أنه من يدور الناعورة، ورب كبير يدور أحواله.. هناك في النوع الثاني من "حمير الطاحونة" من حبله مع الطاحونة التي قد تكون عمومية أو خاصة راش ولا يستحمل كثرة اللف والدوران، فسرعان ما ينقطع حبله ليبحث عن طاحونة أو "بزولة" أخرى يروي منها عطشه إلى أن يقهر وتقل حيلته، وهكذا دواليك، حتى يجد أن الوقت مر بسرعة و"استحمره" العديد بدون أي نتيجة تذكر، وعندما يظن أنه فطن و"عاق"، ينتهي به المطاف عند صانع حبال حمير الطاحونة، فيصنع له حبلاً يتكون من زوجة ومنزل "كريدي" و"تريتات" هنا وهناك.. ليصبح مجبراً لا مختاراً شبيه النوع الأول من إخوانه الحمير المربوطة.

ربما لا أفهم كثيراً في علم الحمير وربما لن أستطيع تشفير ما قاله لي الناطق باسمهم، وقد لا يعجبني الخوض في حديث بـ"أذنين"، لكن امتلاكي لهذين الأخيرتين يحتم علي تتمة الرسالة، إذ يسترسل شريكي في الحلم وفي الواقع، أن "الحمار اللي كيتبورد" أي ذاك الحر غير المربوط، بدوره نوعان، ذلك الحر الطليق الذي يسمح بـ"استحماره" ويمارس "تحميره" وهو مقتنع تماماً أنه حمار، وأن أقرانه من الحمير الفالحة "مربوطة" وجدت مكاناً تعرق وتنشف فيه، عوض نعيقه بين الفينة والأخرى أمام قبة البرلمان ليجد ناعورة تدور بمجهود أقل.. لكن الأكثر حرجاً في أنواع الحمير التي تم تعدادها يقول ناطقهم الرسمي، هو النوع الثاني من "حمير التبوريد"؛ إذ يعيشون يوميات حمير بامتياز وتطبق عليهم قوانين الحمير، لكنهم يبغضون باقي الأنواع من بني جنسهم، ويقولون إنها سبب تردي أحوال الحمير على العموم، كما أنهم لا يؤمنون بالحبال الوهمية ولا بناعورة أو "بزولة" غير تلك التي رضعوا فيها العزة والكرامة والرجولة من لدن أمهاتهم..

ربما ستتساءلون إلى أي مما سبق ذكرهم أنتمي؟.. سأجيب بأني أستيقظ كل صباح، وأبحث ببساطة عن قبعة أخفي فيها أذنَي الحمار، وأستعين بمشط أقلد بها تسريحة الفرس.. عل وعسى أن يُسمع صهيلي وسط النهيق.. لكن سرعان ما ينجلي حرجي عندما أنزل للشارع كحمار متخفٍ عندما أرى أن لكل مواطن أذنين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد