الصدمة تُخرج اللؤلؤ المكنون

اليوم ومن خلال برنامج "الصدمة" الذي أزالت الصدأ عن المعدن الأصيل، رأينا ما كان يُحكى لنا على أرض الواقع، وفي مختلف المجتمعات العربية، وأثبت العرب أنهم أمة تمرض ولا تموت.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/28 الساعة 05:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/28 الساعة 05:16 بتوقيت غرينتش

من وجهة نظري الشخصية كمتابع ومشاهد ربما برنامج الصدمة عوَّضنا عن برنامج خواطر الذي كان يُعرض في رمضان على مدار عشر سنوات للزميل أحمد الشقيري، والذي يستعرض فيه القيم الإنسانية للمجتمعات وكيفية احترام الإنسان وحقوقه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على إنجازات الغرب، وأهم الأعمال الإنسانية في الماضي والحاضر.

هذه السنة أتى برنامج الصدمة بالتطبيق العملي والفعلي لما كان يظهر في "خواطر" من قيم إنسانية وأخلاقية، لكن في المجتمعات العربية فقط، وأظهر ما هو مكنون في قلوب العرب، عندما كنا صغاراً نسمع من آبائنا وأمهاتنا دائماً قصصاً عن الشهامة العربية والبطولة لأناس في وقتهم، كنا لوقت قريب نظن كشباب عربي أن تلك القصص من نسج الخيال أو ربما أسطورة متناقلة من الأجداد إلى الآباء عن شخصيات خرافية لم نرَها، أو بالأحرى رأيناها لكن بصورة نادرة جداً عن رجال ونساء في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، كان مبدأهم في الحياة هو الحب والتعاون وروح المواطنة التي كانت سائدة بين الناس، وحسن الظن يسبق كل شيء، فنحن نسمع عن التعاون وحسن الجوار، وفي الاتحاد قوة، ومساعدة الفقراء ونصرة الضعيف، لكننا لم نرَها بتفاصيلها البسيطة، لا بل صار من يفعلها يشار له بالبنان، وأنه عمل عملاً خارقاً يجب أن يكافأ عليه، بينما هو لم يفعل إلا ما اشتهر به العرب والمسلمون.

اليوم ومن خلال برنامج "الصدمة" الذي أزالت الصدأ عن المعدن الأصيل، رأينا ما كان يُحكى لنا على أرض الواقع، وفي مختلف المجتمعات العربية، وأثبت العرب أنهم أمة تمرض ولا تموت.

كنتم خير أمة أخرجت للناس وما زلتم، لكن هذه الأمة العظيمة تحتاج للتوعية، تحتاج للشرارة، تحتاج للصدمة، كل شهر، لا ربما كل أيام السنة التي تجعلها تستفيق وترى نفسها أمة مثل باقي الأمم، قادرة على العمل والتطور والعيش بسلام، نحن لسنا متخلفين، لسنا إرهابيين، نحن أمة كباقي الأمم، فينا الصالح والطالح، لدينا سلبيات وإيجابيات، لنا تراث وحضارة إنسانية يفتخر بها العالم أجمع قبل العرب من الطب والفن والعِمارة والكيمياء والعلوم الإنسانية.

لكننا اليوم نمر بظروف قاسية جعلت العرب يفقدون ثقتهم بأنفسهم وكيانهم، يجب أن نعلم أن لكل أمة عصراً ذهبياً وآخر مظلماً، فحينما كان العرب يبحثون ويدرسون ويعمرون كان الغرب يعيش أحلك العصور ظلمة في الإنسانية والتخلف واستعباد البشر، أي بمعنى أن الأمم يرتفع شأنها حسب ظروفها والمصاعب التي تواجهها، اليوم نحن نواجه ظروفاً داخلية وخارجية تسقط أمامها أكبر الأمم وأعظمها، لكننا ما زلنا أمة حية تحاول أن تعيد أمجادها، تفشل مرات وتنجح في أخرى، وهذا هو ديدن الأمم حتى تنهض وتعود إلى وضعها ومكانها الطبيعي.

"الصدمة" رغم نجاحه الساحق انتقد من قِبل البعض، وقالوا إن ما يحدث من مواقف في برنامج الصدمة ما هو إلا تمثيل ومتفق عليه مسبقاً، ولهم الحق في ذلك من باب حرية الرأي والتعبير، لنفترض جدلاً أنه تمثيل ما الضير في ذلك إن كان هناك رسالة للمتلقي لا تصل إلا عن طريق التمثيل، وكما هو معروف أن التمثيل هو رسالة إنسانية تحمل في طياتها معاني نبيلة، والرسالة وصلت وأثرت، وكان لها دور إيجابي في تغيير جزء ولو بسيط من السلبيات أو الأخطاء في المجتمعات العربية عجزت مؤسسات إعلامية حكومية وأهلية عن إيصالها.

أما بخصوص تحيز المخرج أو صاحب الفكرة لبلده العراق فما المشكلة إذا كان أهل العراق طيبين ويملكون النخوة العربية؟ لماذا يجب أن يكون العراقيون سيئين في نظر الآخرين، وخاصة إخوتهم العرب؟ ألم نرَ أن الدراما السورية والكويتية والمصرية التي هي من إنتاج "إم بي سي" تمجد وتلمع وفي بعض الأحيان تعظم الإخوة في الخليج أو الشام أو مصر؟ هل حرام أن يكون للعراق نصيب من هذا المدح والتفاخر في الـ"إم بي سي" التي هي قناة كل العرب والعراق جمجمة العرب؟

هنيئاً لصاحب الفكرة ومخرجها وأبطالها، شكراً "إم بي سي"، وللأمانة الذين تأثروا داخل البرنامج كانوا أشخاصاً يعدون على الأصابع، أما الدموع والتأثر كان بالملايين خلف الشاشات الصغيرة، شكراً أوس الشرقي، رسالتك وصلت وأثرت، وأرجو لكَ مزيداً من الإبداع والتألق وإظهار الوجه المشرق للعرب، ومسح الصورة السيئة للعرب من مخيلة العرب أنفسهم والعالم أجمع.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد