قصة بسيطة لحياة إنسان يعيش في سيناء، وكل مصادر حياته وأسبابها في غرب
القناة، محتاج لعبور قناة السويس باتجاه الغرب ليقضي حاجته ويوفر مستلزمات
حياة أسرته، ثم يحتاج إلي العبور شرقاً ليعود إلى أهله.
وإذا كان عبور قناة السويس عسكرياً هو عمل عسكري في غاية الصعوبة نتيجة
لحجم المانع المائي ولترصد العدو حتى تغنى القادة العسكريون لعبور القناة واعتبروه عملاً بطولياً غير مسبوق في تاريخ الحروب.
فإن العبور السلمي أصبح عملاً من أعمال البطولة لما فيه من المشقة والصعوبة كذلك.
فلكي تمر إلى سيناء باتجاه الشرق، فإنه يجب عليك أن تتجهز نفسياً لطابور السيارات الممتد مئات الأمتار، أمام المعدية التي لا تنقل أكثر من سيارة نقل كبيرة وسيارتين نقل من الحجم المتوسط، وحوالي عشر سيارات صغيرة نقل أو ملاكي، وقبل الوصول يكون تفتيش الجيش ثم تفتيش الشرطة وفتح الشنط وتقليبها وإساءة المعاملة وكأنك فعلاً وبلا مبالغة في دولة الاحتلال، نظرات احتقار وتخوين وتصرفات تسلط وإهانة، وكأن هؤلاء جاءوا من كوكب آخر أو أن تكليفهم هو إهانة وتكدير الخلق.
فإذا تم لك المرور من المعدية، فإنك لا تُهنأ بالسير طويلا 10 كم تقريباً حتي يكون تفتيش المثلث وبنفس الإجراءات وبنفس الطريقة حتى تجد على ألسنة الناس ترديد الشهادة فور المرور، فإذا مر المثلث لا يهنأ بالسير طويلاً حتى يكون مدخل بالوظة، وبعد ذلك تجد كمين غير ثابت، إلا أنه شبه دائم، وهو كمين رمانة وبعده كمين رابعة، ثم نقطة مرور النصر، ثم نقطة تفتيش وكمين بئر العبد، ثم كمين التلول ومن ثم الميدان ثم مدخل مدينة العريش، ثم كمين نادي ضباط الشرطة، ولا تحرم أبداً من كمين مسجد الشهداء، وآخر متحرك قبل ان تكون أقدامك حلت مدينة العريش..
فإذا كانت وجهتك الشيخ زويد أو رفح فابتداء بـ(معبر الريسة) وتسميته بهذا لأنه كثيراً ما يمنع مرور الأغذية والأدوية واحتياجات الناس والعبور منه واشتهرت عليه قضية إهانة النساء العروفة بفضيحة (خبطي على بطنك يا حاجة) فإذا قدر لك أن تمر فلتستعد لكمائن الخروبة وقبر عُمير والشلاق والشيخ زويد، فإما بعد
ذلك فكل الطريق كمين والذاهب إلى رفح فعلى خطر عظيم والعدد أكبر بكثير
راجع معي كم كمين يمر عليه هذا المسكين من تفتيش وإهانة.
أحصر ما ذكرته 13 كميناً حتى الوصول إلى مدينة العريش يطول الوقوف
ببعضها أو يقصر.
ولتنظر كيف هي الحالة بحق حالة عبور حقيقية تحمل كل المشقة والصعوبة،
ثم يتحدث نظام الانقلاب الكاذب عن تنمية.
أما إذا دار في ذهنك كيف يمر السلاح ويمر المسلحون بعد كل هذه التشديدات
فلتعلم أن لهم طرقاً أخرى، وبكل تأكيد لا يمرون على هذه الطرق والكمائن
والقوات تعرف ذلك، ولو قلت إذن لماذا كل هذه التشديدات والمبالغة، أقول
لك فقط حتى تكون سيناء طاردة للسكان وغير مؤهلة للتنمية والتعمير، كأن
انتشار القوات يظهر سيطرة السيسي الوهمية، أما المسلحون فلهم شأن آخر
وطرق آخرى دائماً تتجنبها القوات.
إنه عبور القناة اليومي الذي يمارسه أبناء سيناء يومياً ويعيشون معاناته..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.