بعد فوز خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء البريطاني الخميس، أظهر استطلاعان، أن أكثر من نصف الاسكتلنديين يؤيدون تنظيم استفتاء جديد على استقلال بلادهم، ما شكل دعماً لسعي رئيسة وزرائهم نيكولا ستورغن لفتح مفاوضات مباشرة مع الاتحاد الأوروبي.
اتجاه اسكتلندا للاستقلال والانضمام للاتحاد شجع مشرع ألماني كبير وحليف للمستشارة أنغيلا ميركل، على القول بأن اسكتلندا مستقلة ستكون محل ترحيب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
رئيسة وزراء اسكتلندا شددت في مقابلة تلفزيونية، الأحد 26 يونيو/حزيران 2016 على "أن المملكة المتحدة التي صوتت اسكتلندا للبقاء فيها في 2014 لم تعد موجودة".
وكما هي حال الأيرلنديين الشماليين، صوت الاسكتلنديون بأغلبية كبيرة (62%) على بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي.
وبحسب استطلاع لصالح صحيفة "صنداي تايمز" فإن 52% من الاسكتلنديين يرغبون في أن تنفصل بلادهم عن باقي بريطانيا، وأن تبقى اسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي.
وأشار استطلاع آخر شمل الجمعة عينة من 16 ألف شخص، إلى تأييد 59% لاستقلال اسكتلندا.
وقبل عامين رفض الناخبون الاسكتلنديون استقلال بلادهم بنسبة 55 بالمئة. لكن المستجدات التي تلت استفتاء الخميس الماضي تجعل تنظيم استفتاء جديد في اسكتلندا "مرجحاً جداً"، بحسب ما قالت رئيسة حكومة اسكتلندا الجمعة.
وأضافت "لن تكون هناك إعادة لاستفتاء 2014 (..) لقد تغير الظرف والملابسات تماماً".
خلافة بريطانيا أو تعطيل خروجها؟
ووعدت ستورغن الأحد بأنها "ستتباحث مع المسؤولين في بروكسل في الأيام القادمة" حول إجراءات بقاء بلادها في الاتحاد الأوروبي.
وقال أندرو سكوت، أستاذ الدراسات الأوروبية في جامعة أدنبره "يمكن أن نتصور أن تعمل اسكتلندا لخلافة بريطانيا".
وأضاف "وفي حال تحقق استقلال اسكتلندا قبل الانتهاء من إجراءات خروج بريطانيا، فسيكون بإمكان اسكتلندا أن تقول "نحن خليفتهم، نحن لا نغادر.. وبالتالي فنحن نرث موقع بريطانيا مع الإعفاءات البريطانية وتخفيضات الميزانية البريطانية".
وأضاف الخبير "وهناك خيار آخر بالنسبة لاسكتلندا، يتمثل في مغادرة الاتحاد الأوروبي مع باقي المملكة المتحدة، ثم تقديم طلب انضمام للفضاء الاقتصادي الأوروبي"، الذي رأى أنه "يمثل بعض الامتيازات أيضاً".
والأحد ظهر خيار ثالث، هو أن يعطل البرلمان الأسكتلندي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا إنه "يصعب تصور" أن تتخذ لندن قراراً مماثلاً بدون أن تأخذ رأي برلمانات مكوناتها التي تتمتع بالحكم الذاتي. وإذا دعي البرلمان الاسكتلندي لإبداء الرأي فإنه "بالتأكيد" سيعطل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لما فيه مصلحة اسكتلندا.
وحتى إن بدا البعض على الإنترنت يتبادل التخمينات بشأن هذا السيناريو، فإنه يبقى أقرب للفرضيات، إذ بدت ستورغن ذاتها غير واثقة بدستورية الأمر.
"نحن جزيرة"
في مطلق الأحوال، فإن اسكتلندا مستقلة يزيد عدد سكانها على خمسة ملايين نسمة، وناتجها الإجمالي على 200 مليار يورو، ستجد مكانها تماماً في الاتحاد الأوروبي الذي يضم بلدانا أصغر مثل دول البلطيق.
وأكد مانفريد فيبر النائب الأوروبي الألماني من حزب المستشارة أنغيلا ميركل ورئيس كتلة المحافظين في البرلمان الأوروبي الجمعة، وفق ما أوردت صحيفة فايننشيل تايمز "من يريدون البقاء هم موضع ترحيب في الاتحاد الأوروبي".
لكن في شوراع غلاسكو لا ينظر الجميع بحماسة لإمكان الانفصال عن بقية الجزيرة.
وقال فرانك (55 عاماً) المتقاعد من نظام الصحة العام (إن إتش إس) "تذكروا أننا جزيرة.. هناك اسكتلندا وإنكلترا وويلز على هذه الجزيرة" مضيفاً "أنا فخور بكوني اسكتلنديا وأريد الاستقلال، لكن مالياً لن يكون بإمكان أحفادي أن يكونوا مستقلين".
وأضاف مبدياً عدم اقتناعه بأن بلاده يمكنها العيش بمفردها "ماذا لدينا في اسكتلندا؟ لدينا الويسكي لكن اليابانيين أيضاً يصنعون الويسكي (..) لدينا النفط ولا فائدة منه" حالياً.
حليف ميركل يرحب
وقال المشرع جونتر كريشبوم وهو عضو بحزب المحافظين الذي تتزعمه ميركل ورئيس لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان "الاتحاد الأوروبي سيظل يتألف من 28 عضواً لأنني أعتقد أن اسكتلندا ستجري استفتاءً جديداً على الاستقلال (عن بريطانيا) والذي سيكون ناجحاً".
وأضاف لصحيفة فيلت إم زونتاج "يجب أن نستجيب سريعاً لطلب قبول من دولة صديقة للاتحاد الأوروبي".
وقالت نيكولا ستيرغن، رئيسة وزراء اسكتلندا اليوم الأحد، إن اسكتلندا ستفعل كل ما بوسعها للبقاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك إمكانية إعاقة تشريع بشأن خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية.
وصوتت اسكتلندا التي يقطنها خمسة ملايين شخص لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة 62% مقابل 38% في استفتاء الخميس، مما يضعها على خلاف مع بريطانيا التي صوتت ككل بنسبة 52 بالمئة لصالح الخروج من الاتحاد مقابل 48 بالمئة للبقاء بداخله.
وفي استفتاء أجري 2014 وافقت اسكتلندا بنسبة 55 في المئة مقابل 45% على البقاء كجزء من المملكة المتحدة، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن التأييد للاستقلال تزايد منذ ذلك الحين.